أقلعوا الشعب قبل أن تقلعوا زلمكم

mainThumb

30-03-2016 08:53 AM

بداية وبعد السلام عليكم فضلت أن تغلب العامية على هذه الإطلالة حتى نبقيها بسياق ‏سوالف التراث التي أعشقها لما فيها من حكم ودروس.  كذلك ربما تخرجنا العامية من حالة ‏الجدية لحظات فنرسم على الشفاه بسمة قد ترى النور.  مقالي اليوم هو قصة بعنوان ‏‏"اقلعني قبل ما تقلعه". آمل أن تنال إعجابكم.‏
 
حدثنا مديرنا الأستاذ مصطفى الدبابي وكنا في جمعٍ من المدرسين في مدرسة كفرسوم ‏الثانوية عام 1979 نشرب الشاي في رزقة الشمس ذات يوم دافئ عن قصة ذلك الضيف ‏الذي نزل بدار رَجلٍ (لا أدري بموعد أو بدون موعد) وقد اقترب موعد الغداء. وكان من أصول ‏الضيافة أن قدم له دجاجة واحدة فقط ولم يشر الراوي أهو ضيق ذات اليد أم ضيق الوقت أم ‏البخل؟  المهم أنها دجاجة واحدة فقط لا غير.  وكما ستوضح القصة لاحقاً فعلى ما يبدو لم ‏يكن هناك توابع لها؛ نعم، كانت واحدة مجندلة على طبق بعد أن كانت قبل ساعات تسبح ‏الرحمن بصوتها الشجي بحوش الدار. ‏
 
وقبل أن يقول المعزب للضيف تفضل عالميسور، وحضرتوا وما حضر واجبكوا والمعذرة على ‏القصور يا ضيف الرحمن أطل أحد الأولاد الصغار برأسه من باب  الغرفة ونظر إلى الدجاجة.  ‏شعر المعزب بالحرج (المصطنع) من الضيف ولكنه لم يشأ أن يعود الولد بخفي حنين فقسم ‏للولد فخذ الدجاجة وقال له خذ هاي وانقلع؛ وما أن انقلع الولد حتى أطل شقيقه ووقف ‏منتظراً  بنفس المكان ففهم الوالد المغزى وقال خذ هاي وانقلع فأخذها الولد وولى منقلعاً.  ‏وقد كانت القطع تصغر مع كثرة العدد فالرجل يعرف عدد أولاده، وعادة ما تكون القلعة الكبرى ‏لصاحب النصيب الأول.  وكان يحضر كل مرة أحد الأولاد يأخذ قطعة وينقلع.  وكان الضيف حائراً ‏فلم يقل له المعزب تفضل؛ هل يكتفي بالفُرجة فقط. وعندما وصل الأمر إلى آخر قطعة أطل ‏قريد العش (آخر العنقود يعني) مد الرجل يده وقبل أن ينطق بالجملة إياها أمسك الضيف يده ‏وقال له يا زلمة اقلعني أنا الأول قبل ما تقلعه وأخذ آخر قطعة من الدجاجة لنفسه والتهمها ‏على عجل. ‏
 
وبما أن الشيء بالشيء يُذكر ألا يخشى ولاة الأمر وهم يمارسون سياسة " خذ هاي ‏وانقلع" كلما أطل أحد المتنفذين برأسه أو يصدح بصوته في مكان ما أن يمسك الشعب ‏بيدهم ويصيح بأعلى صوته أقلعونا قبل أن تقلعوهم؟؟؟   ‏
وسلامتكو ؛ فخير الكلام ما قل ودل. ‏
 
توضيح : زَرقِة الشمس  لا علاقة لها باللون الأزرق طبعا ولكنها كلمة تعني سرعة الظهور من ‏بين الغيوم وغالباً ما تقال بأيام الشتاء حيث تقل فرص ظهورها. وكانت تستعمل بمواقف ‏مشابهة مثلا كأن نقول زرق الولد من جنبي وما شفته (لهجة اربد) فاقتضى التنويه ‏والتفسير.‏
 
على كفرسوم ومدرستها والزملاء الكرام وطلابي الأعزاء السلام.  ‏
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد