تمكين المعلم .. هل يحدث الفرق؟ ‏

mainThumb

07-04-2016 09:49 AM

 في عالمٍ يحفل بالتنوع والتعقيد والتحديات غير المسبوقة وانتفاء العدالة والمساواة نجده ‏يسعى باستمرار إلى إحداث التغيير المنشود بإيجاد الحلول الناجعة التي تصل بالإنسان ‏إلى برالأمان لذا فإن خلاصة الفكر وعصارته ما زالت تؤمن أن الإنسان هو صانع ‏التغيير وملهم الإبداع ومنتج الإبتكار وباني الحضارة التي لا مثيل لها.‏

بإمعان النظر في نهضة الامم وتقدم الشعوب ماضيا وحاضرا نجد أن ذلك لم يتحقق ‏بوجود الثروات الطبيعية والإمكانات المادية بل أن النهضة البشرية في ازهى صورها ‏وبريق مجدها كان فرسها الجامح نحو التغيير دائما هو الإنسان بمبادراته الخلاّقة.‏
يكمن السر في صناعة التغيير في التمكين للإنسان بمنحه حريته وصون كرامته ‏والإهتمام بتعليمه وصحته ورفاهيته وبإنشاء نظم تعليمية تتبنى الإبداع وتنشر الإبتكار ‏وتثبت نجاحها على أرض الواقع.‏
الأمم التي ارتقت وتقدمت وجدت ضالتها دائما في تنقيح مناهجها وتطوير نظامها ‏التعليمي الذي يعتبر أساسا للإصلاح والتنمية المستدامة فكان الإنسان وسيلة وغاية ‏والامثلة لذلك كثيرة.‏
النظام التعليمي -أينما وجد- ينبغي أن يركز أولوياته في علاقة مثمرة بين متعلم ومعلم ‏يكون فيه نظامه الداخلي بل ومحيط نظامه يسند هذه العلاقة ويدعمها وييسر امرها ‏للوصول بها إلى أعلى درجات المثالية فصناع السياسات والإدارات ومؤسسات ‏المجتمع المدني تعمل على دعم التعليم بإيمان مطلق أنه أساس التنمية الشاملة والتهضة ‏الحقيقية.‏
كوكبنا اليوم يزهو بتطوره المادي لكنه أيضا يزخر بظواهر سالبة فخروج العديد من ‏الجماعات والأفراد عن جادة الصواب لم تقتصرعلى دين أو ثقافة أو بيئة أو منطقة ‏بل كثيرا ما وجدنا فئات تنزع الى تحقيق أهدافها بوسائل غير مشروعة في العديد من ‏الدول ولدى الشعوب التي يحسب لها التقدم المادي لكن يبدو أن نظامها التعليمي ذاته ‏فشل في بناء إنسان يراعي التوازنات في نفسه ومجتمعه والمجتمع الإنساني برمته.‏
‏ المهم عندما تقع المشاكل-ودائما ما تقع- يصبح النظام التعليمي متهما وبنفس الوقت ‏أملاً منشوداً بأن يحسّن مخرجاته وينهض من عثراته.‏
النظم التعليمية لدينا -عربا ومسلمين -أضحت متهمة ومفروضاً علينا مراجعتها تساوقا ‏مع رغبات الآخر لكن المراجعة الحقيقية ينبغي أن تنطلق ذاتيا بهدف تنمية الإبداع ‏وتشجيع الإبتكار وبناء إنسان متزن يقف وراء ذلك كله إرادة صلبة قوية.‏
قبل أيام ظهر تقرير أصدره مؤتمر القمة العالمي للإبتكار في التعليم بالشراكة مع ‏الجمعية الملكية للفنون التي تتخذ من لندن مقرا لها(وايز) كان من أبرز توصياته ‏ضرورة إيلاء مزيدا من الثقة للمعلمين من أجل إحداث نقلة نوعية في التعليم على ‏مستوى العالم.‏
يوصي التقرير أيضا بأن الظروف المواتية للنجاح تستدعي اعتماد مقاربات مبتكرة ‏عن طريق الثقة في المعلمين وتقديم الدعم لهم.‏
وجدير بالذكر هنا أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) اختارت ‏هذا العام شعار «تمكين المعلمين»عنوانا للإحتفاء بكل من ينتمي لرسالة التعليم‎.‎
عندما تتاح الفرصة للتأمل بدعوات الإصلاح في بلادنا نجد أن الحديث عن التعليم ‏ومكانة المعلم لا تقع في مساحة تركيز الأولويات علما بأن الإصلاح الحقيقي ينبغي أن ‏يبدأ بانشاء نظام تعليمي يمكّن المعلم المؤهل بعناية والمقدّر للإبداع والمؤمن بالتغيير ‏والمدرك لحاجات المتعلمين الواعي لقضايا الأمة والأنسانية بتعاون وثيق مع مؤسسات ‏المجتمع المدني وصناع القرار كما يسهم رواد الأعمال في بناءه ليصبح أكثر عمقا ‏وشمولية.‏
إن تحقيق النجاح وإنجاز الإصلاح يتطلب تركيز الأولويات في نظم التعليم القائمة ‏ومنها تمكين المعلم وتفعيل التواصل مع المجتمع وصناع القرار وإطلاق قدرات ‏الانسان وبناء اقتصاد المعرفة ودون تحقيق ذلك فإننا -لا محالة- نقع في دورة السلبية ‏والفشل.‏
الدوحة - قطر
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد