يبدو أن بعض التناول الصحفي الأردني على ذهاب طلاب أردنيين للجلوس لإمتحان الشهادة السودانية التسرع والسطحية وعدم المعرفة بقدر علو كعب الشهادة السودانية لازمتها هيبة وصرامة ووزن أكاديمي ثقيل ، حيث زيّنت بعض المكاتب لإستقدام الطلاب للدراسة سهولة الإمتحان في السودان وذلك ، لأجل حفنة من مال و دخلت المسألة برمتها في المتاجرة والسمسرة الواضحة .
الشهادات السودانية عُرفت عبر عقود طويلة بالمستوى الأكاديمي الرفيع في الإقليم والعالم كله . حيث مخرجات العملية التربوية تنتج أطباء ومهندسون، وإقتصاديون، ومعلمون وكوادر في مختلف التخصصات.
الذين لا يعلمون الحقيقة وهم قليل، فهذه المحصلة العلمية تلتقي في إمتحانات عالمية، خاصة في الدراسات العلمية مثل الطب والهندسة وبعض المجالات النظرية في الأقتصاد، والإجتماع،والإدارة معظم أوائل هذه الشهادات المرموقة سودانيين تحصلوا على الشهادة السودانية ذات السمعة الجيدة والمحترمة ... هذا معلوم على نطاق واسع ولا أدري كيف فات على قلة من الصحفيين هذه المعلومة المدركة ... ربما أشياء في (نفس يعقوب) ... وربما الجهل الفاضح بمسيرة التعليم في السودان التي تجاوز عمرها أكثر من قرن.
هذه الشهادة السودانية التي مّرت عليها أزمنة بعيدة، خرّجت كوادر مؤهلة، دخلت جامعة الخرطوم التي أنشئت في بدايات القرن العشرين، والمعلوم أن تراكم الخبرات والتاريخ الأكاديمي الناصع ، اللذان يعطيان الدرجة الرفيعة في السلم الأكاديمي ، الجامعة في ذلك الزمان الباكر صدّرت، الالاف من الخريجين الذين إنتشروا في فجاج الأرض، ليعلموا إخوتهم من العرب كأساتذة في المدارس، والجامعات،وسُوح القانون، والإدارة، لعقود مضت حتى نهضت تلك الدول الشقيقة بأبنائها البررة .... ولعلم بعض الذين يجهلون فليسألوا من أهل الأردن العلماء الأفاضل، منْ الذين إلتقوا بسودانيين في مجالات العلم في مضارب الأرض، أي عناصر قابلوا من حيث المعرفة والزهد في تقديم الذات ؟!!
لا نمضي بعيداً، فالبرتكول الثقافي بين السودان والأردن، يأتي بطلاب سودانيين للدراسات العليا في الأردن، في أعز جامعاتها الأردنية والعلوم والتكنولوجيا خاصة في الطب فمعظم الدارسين تفوقوا على أقرانهم وتحصلوا على تقديرات ممتازة والأسماء معروفة عند تلك الجامعات كل هؤولاء الطلبة عبروا للجامعات من بوابة الشهادة السودانية هذا الأمر قد تم في السنوات ( من 2000 إلى 2015 ) والأسماء عندنا لمن أراد.
لا نريد أن نزايد لولا تطاول البعض المعروف أن الجامعة الأردنية ساهم في إنشائها عدد من السودانيين الأفذاذ أمثال البرفسور النذير دفع الله هذا للعلم وليس للحصر .
لزمن قريب جدأ، وقبل ثورة التعليم العالي في السودان، التي بفضلها إنداحت الجامعات منارات للتعليم، ظلت الشهادة السودانية، قومية، محاطة بالوقار والفخار والهيبة والسيادة الأكاديمية على مرّ العصور لم تتعرض لهزات الإختراق والكشف الأكاديمي،حيث ترأس سكرتارية إمتحانات السودان أفذاذ من السودانيين الذين أمتازوا بالنزاهة و الأمانة و الكفاءة العلمية .
فإذا كان بعض (صغار النفس) في المكاتب، إستغلوا حيلة الطلاب وضعفهم، في إيجاد مخرج لهم، السودان ليس مكاناً ملائماً لهذه المخارجه المخزيّة.
كنت أتمنى من بعض المتعجلين من الصحفيين أن يقرأوا تصريح سعادة السفير الأردني بالخرطوم السيد محمد الفايز في بداية الأزمة الذي عبّر فيه بصورة واضحة، دور المكاتب الدراسية في التغرير بالطلاب الذين يودون تأدية إمتحانات الشهادة السودانية بأنها سهلة ويمكن تخطيها بدون جهد ... وهذا ما وصفه بالخطأ الكبير، حيث من المعلوم بالضرورة أن الشهادة السودانية، تمثل( بعبعاً مخيفاً) لكل الطلاب السودانيين، مثلها ومثل الثانوية العامة في مصر، حيث عدد الطلاب الجالسين لها كثر، مقارنة بالذين يدخلون الجامعات يمثلون نسبة ضئيلة من الممتحنين، برغم ثورة التعليم العالي، التي أنشئت جامعات متخصصة، لخدمة البيئة المحلية في الولايات، إلا أن السفارة الأردنية بالخرطوم ربما حررت مكتوباً، أو شيئاً من هذا القبيل، أُصدرت على إثره وزارة التعليم الأردني، أن الشهادة السودانية غير مقبولة بالأردن هذا العام ، من غير إستقصاء أو تحقيق متمهل ، أو تصريح من جهات سودانية مسؤولة عن هذا الملف، علماً أن الطلاب الأردنيين مارسوا غشاً تقنياً وخداعاً إلكترونياً داخل قاعة الإمتحانات مع آخرين خارجها ، مما يمثل عملاً جنائياً مباشراً يمس بسمعة الشهادة السودانية المحصّنة بالنزاهة ، مما يُسمى بالشبكة، لأن بها كوادر متمرسة و أجهزة إلكترونية حديثة لم تحدث في تاريخ الشهادة السودانية .
من المؤكد لم يتم تسريب لأي ورقة إمتحان، كما جاء في بعض أعمدة الكتاب الأردنيين فالتسريب كبيرة من الكبائر، تستوجب إعادة الإمتحان المُسرب على الأقل، هذا ما تفعله دولة أدنى بكثير من السودان حيث الخبرة الأكاديمية، والعراقة المهنية اللتان إتسمت بهما لجنة إمتحانات السودان عبر عقود طويلة ، ولذا لا أدري لماذا تصّر بعض الجهات الأردنية الرسمية والإعلامية على عبارة تسريب التي نفتها الأجهزة التعليمية والأمنية في السودان نفياً قاطعاً ؟؟ وبرغم إدانة الطلاب الأردنيين بالغش والخداع !!!
السودان تعامل مع الموضوع برمته بحكمة عالية وراعى مصالح الطلاب الذين أدينوا بشكل دامغ، لصالح العلاقات الراسخة بين السودان والأردن في المقام الأول والأخير.
يبدو أن بعض الصحفيين القله يريدون أن يمسّوا بالعلاقات الأخوية الراسخة بين السودان والأردن تارةً بتعرضهم إلى رمز سيادتها الوطنية العليا مباشرة بسوء لا يتسق ودفء العلاقات بين البلدين ، وتارةً بالنيل جهلاً في أعظم إنجازاتها،حيث لا مال لنا إلا ثراء باذخ في العلم والأخلاق !!!
* كاتب وصحفي سوداني