الدولة المدنية

mainThumb

11-04-2016 09:05 AM

منذ أن عرف الإنسان أنماط الحكم المختلفة، وجدت الايجابيات والسلبيات لكل نظام ‏من خلال التجارب والسنوات التي طبق فيها. ولعل خلفيات الشعوب الثقافية هي من ‏اوجد الاختلاف والتوافق  في مبدأ القبول أو الرفض, ومع وجود قيم متجذرة في حياة ‏الشعوب لا تستطيع أي دولة أو أي نظام تجاوزها وأهمها الدين والتعاليم السماوية. ‏والتي تحول بعضها في الوقت الراهن إلى حلبات من الصراع الدموي بشكل اوجد ‏سياسة فوضوية في بعض البلدان، أو نظام يجمع بين الدين والسياسة معا. ونظام ‏يفصل الدين عن السياسة. ‏
 
ما مدى انسجام فكرة الدولة المدنية مع العناصر السابقة؟ جاءت الفكرة  من إيجاد  ‏الدولة المدنية من حالة التسلط والسيطرة بجميع أشكالها والتي تؤثر على حياة الفرد ‏بشكل سلبي وتقوم على فكرة سيطرة الأقوى والبقاء له أي من فكرة شريعة الغاب  إذا ‏جاز لي التعبير. فبرز مفهوم في أفكار بعض الساسة مستمد من مطالب الجماهير ‏ينادي بمبدأ  أن يتساوى الناس جميعهم في الحقوق والواجبات   بعيدا عن  الحالة التي  ‏تحكمها مشاعر القوة والغضب والسيطرة  وان يكون الحكم للشعب بطريقة ديمقراطية، ‏ويكون أبناء الشعب فيها متساوين في الحقوق، ولا يكون فيها الحكم لرجال الدين أو ‏للعسكر. فالدولة المدنية عبارة عن  مكونات  سياسية وقانونية لا تخضع  لتأثير القوى ‏والنزعات الفردية أو المذهبية في الدولة، وتستطيع أن تنظم الحياة العامة  وتطبق ‏القانون على الجميع.  ولكن ما موقف الدولة المدنية من الديانات السماوية وتعليمها ‏في شؤون الحياة المختلفة؟ .‏
 
‏ إذا أردنا النظر للدولة المدنية بمفهومها الخاص فهي إما غير دينية أو منسجمة دينيا. ‏فإذا أردناها لا دينية  فهي ابعد قليلا من العلمانية في نظرتها للدين، وتدعوا إلى فصل ‏تام للدين عن الحياة العامة في الدولة،  وهذا أمر لا يقبله  العديد  من الناس لارتباط ‏حياتهم بالدين ومبدأ الثواب والعقاب الرباني.  هكذا تم تصوير الدولة المدنية من بعض ‏الجماعات الدينية والتي اعتبرت سلطة أمير الجماعة وتعاليمه أعلى من سلطة الحاكم ‏العام. وإذا أردناها منسجمة مع الدين عندها نستطيع بثقافتنا  ومبادئنا الدينية تغير مبدأ ‏الخلط في التفكير بمدنية الدولة، فالدولة المدنية بأمس الحاجة إلى الدين وتعاليمه  ‏فالدين هو العامل الأساس  في بناء  قيم الأخلاق في الدولة مما يساهم بشكل كبير ‏في تقدم الدولة  والأفراد في الحياة اليومية فالسياسي بحاجة إلى الدين  والمواطن ‏العادي لا يستطيع الاستغناء عنه ولكن المقصود هنا  أن ألا تجتمع السلطتان ‏السياسية والدينية في قبضة رجل واحد حتى لا يتحول إلى شخص فوق القانون وفوق ‏المحاسبة. ولكن في بعض الدول والأحزاب التي تعتبر المرشد أو الشيخ أعلى سلطة ‏من حاكم الدولة  تأخذ من الديمقراطية (عماد الدولة المدنية) آلية للوصول للحكم ثم ‏تستغني عنها وتتبع نظاما أخر فتكون سلطة سياسية ودينية معا. ‏
 
 
عندما نقول بان الإنسان بطبعه مدني نعني بذلك في الوقت الراهن بان الإنسان بحاجة ‏إلى نظام سياسي يكفل الفرص والتساوي للجميع، وبحاجة إلى وقانون يطبق على ‏الجميع، وبحاجة إلى تعاليم دينية تكسب الفرد أخلاق وقيم مبادئ مصونة من قبل ‏النظام السياسي ويحميها القانون. ‏
 
فالدولة المدنية إذا ما تم مأسستها بشكل منسجم مع ثقافة الدولة أصبحت مطلبا مهما ‏لتطبيق النظام على الجميع وتتساوى الفرص وتنعدم عملية التعامل مع الناس وفق ‏مبادئ الجهل والتسلط. فصبح الدولة المدنية نظام ودين وحياة. فالنظام يحمي الدين ‏ويحترم التعدد والدين ينظم الحياة. ‏
 
Awad_naws@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد