دارفور تتعافى رغم أمريكا !

mainThumb

14-04-2016 12:33 PM

من الوساطات العربية الناجحة ( وثيقة الدوحة) لسلام دارفور، والتي صبرت عليها دولة قطر ‏صبراً جميلاً ، حتى وصلت هذه المحطة الهامة وهي ( الإستفتاء الإداري) لدارفور ، لتصير ‏إقليماً واحداً ، كما كان في وقت سابق ، أو خمس ولايات  كما هو معمول به الآن . ‏
 
المنجز النهائي من وثيقة الدوحة ، التي وقع عليها حزب التحرير والعدالة الذي كان يناهض ‏الحكومة المركزية ويرفع السلام في وجهها ، أدرك أن تلك اللغة لا تناسب لنيل الحقوق ‏ففاوض الحكومة على أمور شتى، لُخصت في الوثيقة. ‏
 
اليوم يتربع على رأس الحكومة الإنتقالية لدارفور قادة التمرد سابقاً ، والحاكمين منذ أكثر من ‏خمس سنوات حتى وصلوا إلى المحطة الهامة ،بذل فيها الشركاء جهوداً مضنية في لملمة ‏جراح دارفور من رتق للنسيج الإجتماعي وبث للطمأنينة والإستقرار . ‏
مجاهدات كبيرة جداً ، وأموال ضخمة ،ورؤى متميزة وحكيمة ، بذلت في الخمس سنوات ‏ليصبح الوضع في دارفور كما هو الآن أمن ،وإستقرار ،وتنمية ، و فعاليات غير محدودة ‏لإعادة اللُحمة الإجتماعية ، لأيامها النواضر فأخر الأخبار أن الجيش السوداني قد حرر آخر ‏نقاط التمرد في جبل مره الحصين العتيد ... حيث صار المتمرد عبد الواحد محمد نور وحزبه لا ‏يملكون شبر من أرض ، و لا ظهير لهم في معسكرات النازحين ، التي كانوا يعتمدون عليها ‏كثيراً حتى تكشفت حقائق كثيرة ، عملت حركات التمرد مع جهات أجنبية كبرى معادية ‏للمشروع الوطني السوداني ، وحققت في هذه المسألة نجاحاً واسعاً في تلويث سمعة ‏السودان ، و غير فبركة التقارير و الأخبار ، و منتجة الأفلام والصور للوصول لأهداف ‏خبيثة و دنيئة ، لكن لمّا تدخلت دولاً عربية لا مصالح لها ، سوى إصلاح ذات البين صبرت ‏على كل العلل السودانية ، من تشظي الحركات المسلحة ورغباتها المجنونة والمحمومة و ‏أمزجتها المتقلبة حسب أهواء الدول الداعمة والممولة لها. ‏
 
هذا الإستحقاق الأخير ، يرعاه شركاء الإتفاقية، برغم أن طرف منها يدعو بشده للإقليم ‏الواحد  وله مبرراته ، بينما الطرف الآخر يدعو للصيغة الإدارية الحاكمة الآن. ‏
 
صبرت دولة قطر على كل هذا ، و إستضافت جولات التفاوض الطويلة والعديدة بكرم باذخ  ‏ومن ثم أنفقت على مشاريع التوطين وإعادة التأهيل ، وبناء المدارس والمراكز الصحية بسعة ‏ورجاء على أمل أن تنهض  دارفور تلك المنطقة الزاخرة بالامكانات المادية والبشرية . ‏
 
وإذا كانت زيارة البشير مؤخراً لولايات دارفور الخمس ، ترمومتراً حساساً لقياس حالة الأمن ‏والإستقرار والتنمية في ربوع مساحة واسعة توازي مساحة فرنسا ، فلنصفق للأخوة القطريين ‏و للحكومة السودانية ، ولمواطني دارفور كبرى ولزعمائها ، حتى أصغر  جندي ساهم في ‏تحقيق هذا الإنجاز ... فلقد تعافت دارفور من علتها المتطاولة . ‏
 
فالحشود الهائلة التي إستقبلت البشير في الهواء الطلق ، تدل بشكل كبير على الحميمة بين ‏الرئيس والشعب ، لتسقط على إثرها دعاوي المحكمة الجنائية المفتوحة من إبادة جماعية ، ‏وغيرها من تخرصات على السودان . ‏
فإذا كانت بعض الأقلام ، ودولة مثل الولايات المتحدة لها رأي مغاير في استفتاء دارفور وهو ‏إستحقاق دستوري ، أملته وثيقة الدوحة للسلام ، و ضمنتها الحكومة في الدستور لكي ‏يطمئن قلب الحركات المسلحة الموقعة فلماذا تدخل أمريكا أنفها في قضايا داخلية لدولة ذات ‏سيادة !!  .... ولحسن الطالع أن حزب العدالة والتحرير ، هو الذي قاد مع شريكه المؤتمر ‏الوطني ( الحزب الحاكم ) كل عمليات البناء والتعمير فكل التقارير الواردة للإستفتاء الإداري ‏تتسم بالنزاهة ، والإقبال الجماهيري الواسع للإدلاء بأصواتهم في ظل مناخ معاف ومستقر ‏مما يعني هذا إنتصار كبير لوثيقة الدوحة . ‏
 
لا أرى بعد هذا كله ، داع للثرثرة هنا وهناك ، عبّرت عنها أمريكا بوضوح ، يُضير الدولة ‏العظمى أن يصوّت أهل دارفور للأقليم أو للخمس ؟؟ ‏
 
الحرية هنا لمواطني دارفور....  بعض الناس ينادون بالأقليم الواحد، وآخرين للخمس ولايات  ‏لكل مبرراته ، ودفوعاته وللجماهير الهادرة الحق الأعلى في الخيار !!! ‏
 
فالذي يرى أن تقسيم الولايات ، أضر بالنسيج القبلي في دارفور ، وعمق المشكلات المتوارثة ‏وصنع أرتالاً من الموظفين ، وأنهك ميزانية الدولة ، فيصوت للإقليم والذي يرى أن الولايات ‏قصّرت الظل الإداري ومنحت أبناء تلك المناطق السلطة كاملة ليديروا شأنهم بأنفسهم ‏فليصوت لخيار الولايات ، فالأمر بيد مواطني دارفور رفعت الأقلام وجفت الصحف !!! ‏
 
العالم كله شهد تعاف دارفور ، بعد فعل مثابر من حكومات الولايات ، لعقدها للمصالحات بين ‏القبائل المتداخلة و المتصاهرة، وحسم بالغ الصرامة من القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ‏الأخرى للتمرد، وحركة البناء والتعمير لكل ما دمرته الحرب، هذا كله لم يبلغ مقاصده كلها ، ‏لكنه قطع شوطاً مقدراً في إحراز المأمول . ‏
 
المدرك أن هنالك عمل كبير يبقى، إلا أن الإدارة الوطنية الصلبة ماضية لتحقيق الأهداف ‏المنشودة.‏
 
يبدو أن دارفور مهما صار وضعها الإداري تعافت كثيراً من تردِ الخدمات وزعزعة الأمن ‏فابلأمس القريب أعلنت القوات المسلحة إنتهاء العمليات العسكرية في دارفور الكبرى ، هذا ‏الإعلان يوضح خفوت التمرد وإنحساره تماماً ، تَبقى الآن العمل المثابر لدفع مسيرة الإستقرار ‏والإصلاح والتنمية .            


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد