أيتام في أجواء عيد - عبد الله علي العسولي

mainThumb

26-04-2016 10:15 PM

تغيب الشمس بأشعتها ..ويطبق الليل ظلمته ويتجمع أطفال في حجر والدتهم التي لاكتها قساوة الحياة ومرارتها والتي لم ترحمها صعوبة الأيام وشدتها ...لتتجرع حجم المعاناة علقما ...وتقذفها الأحزان المرة الى ضيق الكد والهم ...تنتظر القادم بلوعة وحزن ..فتسرح بها الأفكار بعيدا بحزن وألم ...في عينيها تتقاذف الدموع وتكبت في نفسها حشرجة بكاء لا تستطيع البوح به خوفا على أطفالها أن يحزنهم بكائها ...فمقلتاها تحرس دموعها أن تعلن البكاء الكابح بالصدور ...فلم تكن تعلم أن أحلامها أن تصبح أما يوما لأطفال تزهو بهم الحياة ...ويضحك لها الأمل  ..لم تكن تعلم أن الزمن قد خبأ لها أثقل الأحمال ....أن تكون أما لأيتام وهي في مقتبل العمر وأن تقسو عليها الحياة قسوتها التي لا ترحم .
 
يكبس الليل ظلمته على أنفاس  هذه الأرملة التي تعاني من ألم الفقر والحرمان ...ومسؤولية أطفال لا يعرفوا ما تعانيه أمهم من ويلات اليتم القابع على صدورهم ..فتنظر إلى أطفالها نظرة المذنب الذي ليس بيده حيلة ...فلا تملك أن تلبي رغبات أطفالها وحاجاتهم للعيد.. مثل أقرانهم من أطفال الحي والجيران ...فلا تريد للفجر أن يبزغ نوره ولا تريد أن تقابل الحقيقة التي كلها ألم وقسوة .
 
تتنهد الأم وترفع يديها وعينيها إلى رافع السماء بغير عمد ..تسأله الفرج القريب فأنت العالم بحالي .
 
 تقف أمام عتبة بيتها المتهالك محتارة الفكر ...لا تعرف ماذا تعمل ..تنظر إلى الناس وفرحة العيد على وجوههم ..فهذا يحمل ألبسة ..وهذا يحمل حذاءا... وذلك ألعابا وحلوى .وكل فرح بما يحمل ...فيكبر همها من جديد ...وترجع إلى أطفالها الذين غلب بعضهم النعاس ..والبعض الآخر يبادل والته نظرات عتاب واسى بصمت وحزن عميقين .
 
 تتعالى أصوات مكبرات المآذن في المساجد معلنة دخول ليلة العيد ..ويؤذن بعدها لصلاة العشاء ...وما هي إلا دقائق بعد انتهاء صلاة العشاء ..وإذا بطارق يطرق الباب ...وإذا بفاعل خير رجل وامرأته يقدمون ظرفا إلى هذه الأرملة ...وتدخل الأم وتفتح الظرف فإذا بداخله مبلغا من المال ..فتبتسم الأم بسمة خجل ممزوجة بفرح ...ونشوة سعادة بعد ضيق وصبر وقلة حيلة . وتنهمر دموعها بغزارة ..وتوقظ من نام من أطفالها ..فتخرج بهم إلى السوق ويمتزج الحزن بفرح ..وتشتري لهم ما يحتاجونه من ألبسة وأحذية وألعابا وحلوى ..فعادت لهم البسمة المفقودة ..وتتعالى ضحكاتهم مسرورين ومندهشين مما يحدث ...ويعودوا إلى المنزل ..كل يحمل حاجاته ويضعها بجانب فراشه منتظرا الصباح الذي طال عليهم انتظاره .
 
يطل الفجر بضيائه..ويستيقظ الأطفال ويلبسوا ألبسة العيد ويخرجوا إلى أقرانهم والفرحة تغمرهم ...وترفع الأم يديها من جديد تدعوا الله بالتوفيق والفلاح لمن أدخل الفرحة عليها وعلى أطفالها .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد