اليسار .. والتيارات السياسية الأخرى ..

mainThumb

30-04-2016 04:32 PM

سابقا كانت المعارضة التقليدية تتكون من عنصرين يحملان فكرين سياسين مختلفتين بمعنى أن هناك اختلافا جوهريا في العقيدة السياسية لكليهما، على أن القاسم المشترك بينهما هو بعض المطالب المتمثلة في الحريات السياسية وزيادة فرص المشاركة للتيارات والاحزاب المعارضة وتحسين مستوى ونوعية حياة المواطنين وتحقيق العدالة الاجتماعية وطبعا أعلى المطالب هي الحق في تداول السلطة ..
 
وتحت هذه العناوين كانت العلاقة بين مكونات المعارضة من النوع "الأميبي" الذي يمد قدما من أقدامه "الكاذبة" بحسب الظروف السياسية ،وهامش الحرية المسموح له دون غيره من قبل الجهات الرسمية وبحسب الدعم الخارجي من المرجعيات الدولية والإقليمية لتلك التيارات ،وبحسب تعامل الدولة وتعاطفها واحتواءها "البراغماتي" لتك التيارات في قالب شكلي تختلف مقاصده الحقيقية عما كان يظنه الشارع أنه تطور في العلاقة ،فضلا عن كونه علاقة حقيقية أصلا ..
 
وقد استفاد الطرفان من هذه الثنائية "المتقلبة " في القرب أو الجفاء بين الدولة والمعارضة ،حيث أبدعت الأولى"الحكومة" في اللعب بمكونات المعارضة على طريقة الرجل المتزوج من امرأتين :الزوجة الأولى ابنة العم الصبورة حمالة الأسية والتي تتحمل الألم والظلم من أجل الأبناء واحتراما للأهل وحفاظا على "تماسك" الأسرة الصغيرة والعائلة الكبيرة ،وربما يتعدى الأمر الى تحميلها مسؤولية "زوغان"نظر الزوج وذهابه للارتباط بأخرى بحجة انها لم تواكب التطور بما يحقق مكانته وصورته وانشغلت عن مطالبه ببناء بيتها ورعاية ابنائها ..مما دفعه للخارج والارتباط "بصديقتها العزباء " كزوجة ثانية : الصديقة الصغيرة "اللعوب"التي "تتلون" وتتطور بسرعة وتتماهى مع رغباته وتعرف نقاط ضعفه من خلال خبرتها السابقة وصداقتها "غير البريئة "مع الزوجة الأولى "المسكينة" ،فقد كانت تتمنى الارتباط من أجل "الستر" وعلى قاعدة المناصفة ،والشعور بالظلم وضرورة العمل على تحقيق المطالب المشتركة .
 
وبعد ان تم الارتباط وقفزت الى الصدارة "كمدللة" تعلم سلفا أن الحديث عن العدل المادي والقلبي بين الزوجتين هو ضرب من الكذب والنفاق والانتهازية ..وان هذا لم ولن يتحقق ،كشفت عن وجهها الحقيقي وخلعت قناع الزيف الذي كان يبدي الاحتجاج على ممارسات الزوج السابقة ازاء اسرته ،وأخلفت وعودا ونوايا بشأن المساعدة في النهوض بوضع الأسرة باعتبارها عضوا فاعلا يحظى بالشرعية .
 
ونظرا لأن القاعدة تنص على أن: يستحيل أن يتحول الذئب حملا وديعا حتى لو ألبس جلد الحمل ذات "شتاء" ،وأن الشوك لن يطرح العنب ،فقد طلبت الزوجة الثانية من زوجها أن يطلق زوجته الأولى"أم البنات " بعدما تأكدت أنها تحمل"مشروعه" ابنه الذي سيحمل إسمه..وليس هذا فقط بل اصبحت تشيع في الإعلام أنه لا ذنب لها فيما حدث وأن الأولى كذا وكذا وكذا .....الخ ..وهي من السبب في فيما وصل اليه مصيرها .
 
يذكرني هذا المشهد "المتكرر" في حياتنا الاجتماعية بمجموعة كبيرة من الانتهازيين عبر تاريخ بلدنا السياسي ..وهؤلاء رغم نشوتهم العابرة في بعض المناصب وحصولهم على بعض المكاسب والألقاب والامتيازات "التافهة" مقابل تغيير المواقف والانقلاب على المبادىء يعلمون علم اليقين وهم "ينعقون" في وسائل الإعلام أنهم لا يحظون بالاحترام ولا بالقبول عند من "استخدمهم " لتمثيل أدوار محددة كانوا يعتبرونها ذات يوم "خطيئة"سياسية وتاريخية . 
 
وعودا على بدء فهم أيضا يعلمون أن الرجل يبقى متمسكا "متعلقا" بزوجته الأولى "الطاهرة" حتى وهو بعيد أو حتى منفصل عنها ،وأن خلفة "البنات " المبدعات ربما أفضل بملايين المرات من خلفة "الذكورالهمل " -لا سيما في زمن سقطت فيه الفوارق الاجتماعية على أساس النوع الإجتماعي "الجندر" - ..ويعلمون أيضا أن يوم الانفصال "الطلاق" آت لا محالة ، ففي عالم السياسة يعتبر هذا الأمرشائع ،بل ظاهرة شبه ثابته ،عندها ربما سينظر هؤلاء إلى أنفسهم في المرآة ويجرون استعراضا وحوارا سريعا لما فعلوا ، فإذا كان ثمة شيء من ضمير عندهم فربما سيدفعهم ذلك إلى الندم او الكآبة أو للجنون أو ربم الى الانتحار أو على الأقل "التفل" في المرآه ..عندها "ولات حين مندم " ..
 
وعندها سيستحقون القول "إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم "..
 
"وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ " (الأنعام -153).
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد