الأول من أيار وعيد الفصح المجيد

mainThumb

01-05-2016 03:22 PM

 في هذا العام ونحن نستقبل الأول من أيار مايو عيد العمال ، ‏وكم لهذه المناسبة الأممية من معنى وقيمة ، وتشاء الظروف أن ‏تصادف هذا العام مع عيد الفصح المجيد لدى الأخوة المسيحيين ‏، وهكذا تلتقي المناسبات وتتصادف الأعياد السعيدة ونحن بأمس ‏الحاجة لتذكير شعبنا بما يوحدنا ويجمع كلمتنا بعيد المجيد وكل ‏الأعياد الدينية إسلامية أو مسيحية أو أممية كعيد العمال ، ونذكر ‏روح الأخوة والمواطنة والمفاخرة بالانتماء لأمة عربية واحدة ‏يجمعنا وطنا عربيا كبيرا يمتد من المحيط للخليج وتاريخ مشترك ‏أستاذه الجغرافيا ، وإعادة تأكيدنا بهذه المناسبات السعيدة على ‏روح المواطنة والانتماء لوطننا العزيز الأردن وأمته العربية ‏وان هذه الأمراض الطارئة كالطائفية والمذهبية والإقليمية ‏ستذهب أدراج الرياح ولمزبلة التاريخ ، حيث لم يستطع ‏الاستعمار طيلة قرون من الزمن أن يخترق وحدتنا الوطنية   ‏بكل قطر عربي حيث لا فرق بين المواطنين إلا بقدر ما يساهم ‏كل منهم في خدمة وطنه ورفعة أمته انطلاقا من ثوابت أمتنا ‏الخالدة التي عززتها روح الأديان السماوية التي تدعو جميعها ‏لوحدانية الله عز وجل .‏

 
ويا لها من مصادفات رائعة أن تتصادف الأعياد بيوم واحد ‏وتذكرنا بأن الأعياد ستكون أجمل وأفضل بوحدتنا الوطنية ‏وعلى جمع كلمتنا على مستوى الأقطار ووحدتنا الجغرافية ‏والاقتصادية والسياسية على مستوى الأمة العربية من المحيط ‏إلى الخليج .‏
 
‏ وتهانينا القلبية الحارة لإخواننا المسيحيين في الوطن العربي ‏والعالم بعيد الفصح المجيد ولا ننسى نحن العرب أن كل الثقافات ‏والرسالات السماوية انطلقت من بلادنا العربية ، وكل أصحاب ‏تلك الرسالات خرجوا من بلادنا يدعون من عبادة العباد لعبادة ‏رب العباد ، لذلك فشل الاستعمار الذي حاول أن ينشر الفتن ‏الدينية ولا زلنا نسمع  لليوم الحديث بلا خجل للغرب عن ‏الأقليات الدينية ونحن في الوطن العربي ليس لدينا أقليات لكن ‏لدينا مواطنين لا فرق بينهم وكل الأمراض الأخيرة التي ‏انتشرت في الأمة كالسرطانات المتاجرة بالإسلام كالقاعدة ‏وداعش والنصرة وأخواتهم ، هذه الحركات الظلامية هي المشاة ‏لخدمة الامبريالية العالمية التي ليس لها دين إلا الدولار ودعمها ‏للكيان الصهيوني وإنشاءه من الأساس لخدمة مصالحها ‏وخوضها الحروب العسكرية والاقتصادية والسياسية لأجل ‏مصالحها ومصلحة لقيطها الذي وجد ليكون رأس حربة في ‏منطقتنا .‏
 
وعلى هذا الأساس كانت كل حروبنا في الشرق لأجل مصلحة ‏إسرائيل هكذا قال جورج بوش الصغير عام 2002م ، وهو يعد ‏الأكاذيب لتبرير غزو العراق  ومنه انطلق ما يسمى  بالمشروع ‏الأمريكي الذي وصل لذروته بالأحداث الأخيرة التي سميت ‏زورا بالربيع العربي .‏
 
وللأول من أيار اليوم  مع المناسبات الدينية قيمة خاصة حيث لم ‏يشهد التاريخ ظروفا أصعب من هذه الظروف التي يمر بها ‏العالم ، والطبقة العاملة بشكل خاص ، حيث بلغ التغول لدرجة ‏اللا معقول ، وهناك هجمة منظمة على حقوق العمال ‏ومكتسباتهم الذي تحقق لهم بعد نضال طويل شاق وأصبح ‏الصراع الطبقي أبرز ما يميز المجتمعات البشرية اليوم ، وهذا ‏الصراع هو ذاته الممتد عبر التاريخ وفي كل مرحلة يرتدي ما ‏يتلاءم مع مصالحه الطبقية ، وخطورته اليوم تأتي من تحالفه ‏مع السلطات وتحديه بشكل سافر للعمال وحقوقهم ولكل القيم ‏الإنسانية ومثالا بسيطا هنا في الأردن حيث قام رئيس الوزراء ‏المعين عبد الله نسور بتعين 6 من المحاسيب في سلطة العقبة ‏الخاصة وبأجور مجزية ، ورد عليه مجلس النواب بدلا من منعه ‏بتعيينات بلغت (102) موظفا وموظفة من محاسيب النواب ، ‏حيث تم تعيينهم في مجلس النواب إداريين وغير ذلك الأمر الذي ‏أحدث خلافات كبيرة بين الحكومة وما يسمى بمجلس النواب ‏والنتيجة أعاد الطرفان توافقهما حفاظا  على المصالح المشركة ‏والتي هي على حساب الوطن والمواطن المسحوق الذي ينتظر ‏دوره وحقه بفرصة عمل في وطنه .‏
 
ما أحوجنا اليوم بالأول من أيار أن نقف وقفة نقدية شجاعة مع ‏أنفسنا أولا ونتساءل ماذا قدم كل واحد منا لأجل حقوق العمال ‏في يومهم العالمي ، وها هي النقابات العمالية في وطننا وهي ‏الأكثر عددا أصبحت وكأنها دكان وباب رزق لفلان وفلان ‏وحتى أبنائهم والمحسوبين عليهم ، وأين دور الأحزاب السياسية ‏بمثل هذه المناسبة حيث أصبحت للأسف مناسبة يعطل بها ‏الجميع ويقيموا الأفراح ويعدوا الخطب الرنانة عن العمال ‏وحقوق العمال ، ولكن للأسف يحدث هذا كله والعمال هم ‏الوحيدون الغائبون عن تلك الأفراح وحتى عن يومهم العالمي ‏التي أقرته البشرية اعترافا بحقوق أكثر الفئات في العالم عملا ‏وإنتاجا وأقلهم دخلا .‏
 
نريد اليوم إعادة تعريف حقيقي للعمال وعيد العمال ، ‏والمتعارف عليه أن كل من يعمل مقابل أجر هو عامل وبرأي ‏هذا التقييم تعسفي ويحتاج لإعادة نظر وأذكر في إحدى هذه ‏المناسبات وكنت حاضرا في أوائل تسعينيات القرن الماضي ‏ويومها سألت كم عدد العمال الذين  حضروا احتفالنا هذا ، ويا ‏للمفارقة لم نجد عاملا واحدا بينهم .‏
 
وفي هذه المناسبة ندعو توحيد الجسم العمالي والتنسيق بين ‏النقابات العمالية المختلفة والدعوة للاشتراك بالنقابات العمالية ‏بعد أن حاول الكثيرون الدخول إليها لتخريبها من الداخل لأجل ‏مصالحهم الدنيئة ومصالح من جندهم ، كما ندعو لتجديد النقابات ‏خاصة في وطننا بعد أن جعل منها البعض مطيئة لمصالحهم ‏ومصالح مشغليهم ، علما أن النقابات العمالية في العالم ‏المتحضر هي أقوى النقابات وقد أسقطت أنظمة وحكومات ‏لأجل مصالح المنتسبين إليها ، وللأسف الشديد في وطننا هي ‏أضعف النقابات ، لماذا وكل الحقائق أصبحت أوضح من شمس ‏آب .‏
 
 
لذلك ندعو لوحدة ونهضة عمالية جديدة ، ونؤكد على ضرورة ‏الانتساب لتلك النقابات لأن التغير الحقيقي لن يكون من الهواء ‏الطلق من الخارج ، ولكن من الداخل ، ولم يعد مقبولا أن نقف ‏فقط بعيد العمال لنعلن موقفنا بالتضامن مع العمال وحقوقهم ، ‏لأن مصلحة العمال هي قضية سياسية ووطنية وإنسانية بالدرجة ‏الأولى ، وندعو لإعادة الاعتبار لهذه المناسبة بوقفة مع الذات ‏وأن ندرك إحساسا وليس خطابا حنجوريا أن حقوق العمال ‏مصلحة وطنية بالدرجة الأولى ومصلحة أممية ، عاش الأول ‏من أيار مايو وتحية لكل يد تبني وتعمل لأجل مصلحة الوطن ‏والعمال الذين هم بالأساس صناع التاريخ والمستقبل والغد ‏الأفضل . ‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد