غياب القانون المتعمد يصنع الفتن

mainThumb

06-05-2016 03:35 PM

.."ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب" هذا نداء من خالق البشر والعالم بسرائرهم وبما يصلحهم، والمعنى الواضح للجميع أن قتل القاتل يوقف القتل، وكانت العرب تقول: القتل أنفى للقتل..فقتل القاتل المتعمد يحصن المجتمع من جرائم القتل التي أصبحت تعصف بالمجتمع، وتقض مضاجع الأبرياء الآمنين، وتحرم المجتمع من التمتع براحة البال والسعادة.

ما ذنب بريء يدفع ثمن جريمة لم يرتكبها ولا خطط لها ولا رضي بها، سوى أن أعراف الثأر القديمة شملته بالجرم وقررت أن يدفع ثمن جريمة غيره، في حال غياب القانون وآلية تطبيقه، وتحويل المجتمع من مجتمع يقوم على القانون وتحرسه مؤسسات الى مجتمع قبلي لا تحكمه أعراف قبلية، ولا يطبق فيه قضاء عشائري، فلا هو أبقى على قوانينه العشائرية، ولا استفاد من قوانين الدولة التي جعلته مجتمعا عشائريا مفرغا من مقومات الحياة ..!!  

القتل ثأرا أشد من القتل ابتداء، فالقاتل الأول قد يكون قتل خطأ أو كان تحت تأثير ظرف فقد فيه أعصابه ولم يستطع أن يقدّر الأمور، وحتما ندم على الفعل فور حدوثه، المهم لم يكن عنده ما يسمى الاصرار والترصد، أما القاتل ثأرا فقد خطط ورصد وصنع مسرح الجريمة.

 والقاتل ثأرا هو أيضا ضحية لأعراف مجتمعية جعلته يقدم على مثل هكذا جريمة سيدفع ثمنها هو دون غيره مع أن الذي خطط ونفخ نار الثأر كثير، وسيبقون طليقين لا يحاسبهم قانون ولا  يتحملون جريرة ما خططوا له،  والمسكين المنفذ وزوجته وأبناؤه في النهاية هو من يدفع الثمن.

  والأكثر إيلاما أنه لا يتوجه الى القاتل نفسه الذي وفرت له الدولة ملاذا آمنا في السجن، ولم تحمله مسؤولية جريمته، بل تركت الأبرياء من الرجال والنساء والولدان يعانون السجن الكبير والتشرد والخوف وهم لم يرتكبوا أي جرم سوى أن القاتل ينتمي اليهم جينيا وقد يكون بعيدا عنهم ولا يعرفهم ولم يلتقوا للتخيط لجريمة قتل..

 

عندما تكون قوانينا مفروضة علينا من الخارج وليست نابعة من طبيعة مجتمعاتنا، وعندما يصبح القانون عبئا على المجتمع، وعندما يكون منفذه متفرجا على المجتمع وهو ينهار أمام غياب تطبيق القانون، وترك الناس فريسة لمن لا يقدر الأمور بتقديرها الصحيح، تكون النتيجة هكذا جرائم وخوف وانتفاء الأمن الذي يتغنون به.

الأخذ بالثأر من غير القاتل وتعدي القتل الى أبعد من الحق  هو انتكاسة مجتمعية صنعتها الدولة ولم يصنعها من أخذ بالثأر وحده، لأن الدولة مطلوب منها وهي تملك المؤسسات التشريعية والمؤسسات التنفيذية، أن تحفظ السلم المجتمعي وتحد من الجريمة، ولا تعرض الأبرياء الى القتل بتهاونها في تطبيق القانون، ولم تقتل القاتل حتى تنفي القتل عن الأبرياء، وبالمقابل لا تعرض أولياء المقتول أولا للتضحية بأبنائهم وتدفعهم للأخذ بثأرهم بأيديهم  ويقعون في السجن وتنهي حياتهم الآمنة وتستمر العملية، لأن الدولة قررت رعاية اتجاهات منحرفة في مجتمعاتنا، لكي تظهر بمظهر لائق أمام المنظمات والدول الأجنبية، وتضحي بمواطنيها، لأنهم ببساطة ليسوا اهتمامها الأول..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد