الأقصى الأسير والإسراء والمعراج - د. عادل عامر

mainThumb

06-05-2016 03:38 PM

أن رحلة الإسراء والمعراج كلها دروس لو أن الأمة انتفعت بها كما ينبغي أن يكون الانتفاع لعم الخير الوفير لذلك. لان الاعتماد علي الله أساس النجاح في العمل وأن الاتجاه إلي الله هو سبيل المظلومين وهذا الاتجاه يكون بالعمل وليس بمجرد الرجاء, وعلي المؤمن أن يراقب مولاه في عمله وفيما يفعله في حياته وألا يفعل إلا ما فيه طاعة لله ولا يأتي المحرمات أو ما يغضب الله, وان يعلم الجميع أن المسجد الأقصى هو بيت الله فهو ثالث الحرمين,

 وهو مكان البركة كما قال والذي باركنا حوله وليس معني حوله أن البركة علي مكان المسجد الأقصى بل البركة تعم المنطقة كلها ومن ثم لا يجوز التفريط في تحريره يجب تخليصه من براثن الاحتلال الصهيوني وكل مسلم مسئول مسئولية مباشرة عن تحرير المسجد الأقصى وإعادته إلي حضن الأمة الإسلامية. وقد أراد سبحانه وتعالى من ذلك أن يرفع مقام الرسول الصامد حتى النهاية , وان يُبين له رفعة مكانته عنده .

. وان يُضيف إلى معجزات  الرسول معجزة أخرى تكون حجة على المشركين .. ونوراً للباحثين عن الحق ، وزيادة لإيمان المؤمنين وكان الإسراء إعلاناً بأن المسلمين هم ورثة الرسالات السماوية السابقة، و ورثة المسجد الحرام في مكة  المكرمة والمسجد الأقصى في القدس المباركة . وتلك الحادثة الخارقة بقدرة الله العزيز من مسجد إلى مسجد ثم إلى السماوات تأكيد ودلالة دينية على أقدس أقدم مكانين على الأرض ..فالمسجد الحرام – و الكعبة المشرفة – أول مكان وُضع على الارض , والمسجد الأقصى هو ثاني مكان أُقيم على الأرض، وما بينهما 40 سنة .

وكان من ذلك أنَّ قريشًا سعت إلى تفعيل سياسة الحصار الاقتصادي لبني عبد مناف، والتجويع الجماعي لهم، كُفَّارًا ومسلمين، واتفقوا على ألاَّ يُنَاكحوهم، ولا يُزَوِّجوهم ولا يتزوَّجوا منهم، ولا يُبايعوهم، ولا يجالسوهم، ولا يَدخلوا بيوتهم، ولا يكلِّموهم، وأن لا يَقْبَلوا من بني هاشم وبني المطَّلب صلحًا أبدًا، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يُسْلِموا رسول الله لهم للقتل!.

وهنا بدأت حِقبة جديدة من المعاناة والألم، حيث حُوصِر المسلمون والمشركون من بني عبد مناف ومعهم أبو طالب في «شِعْبِ أبي طالب»، وقد بلغ الجهد بهم حتى إنه كانت تُسمَع أصوات النساء والصبيان وهم يصرخون من شدَّة الألم والجوع، وحتى اضطرُّوا إلى أكل أوراق الشجر والجلود.

وقد ظلَّت تلك المأساة البشريَّة طيلة ثلاثة أعوام كاملة، حتى جاء شهر المحرم من السنة العاشرة من البعثة، وشاء الله أن يُفَكَّ الحصار البشع عن بني هاشم وبني عبد المطَّلب، وكان ذلك على يد ثُلَّة من مشركي قريش جمعتهم النخوة والحميَّة القبليَّة، ثم بفضل آية قاهرة من آيات الله، تمثَّلت في الأَرَضَة التي أكلتْ جميع ما في الصحيفة التي اتَّفقوا عليها، من جَوْر وقطيعة وظلم، إلاَّ ذِكْرَ اللَّه !!

وما إن انتهت هذه السنون العجاف حتى تلاها عام الحزن، الذي لم يكن تسميته إشفاقًا من أحد، ولكنها تسمية النبي لمَّا حدثتْ له مصيبتان كبيرتان في هذا العام (العاشرة من البعثة)، أمَّا الأولى فهي موت أبي طالب، عمِّ رسول الله، والسند الاجتماعي له، وأمَّا الثانية فهي وفاة خديجة رضي الله عنها، زوج رسول الله والسند العاطفي والقلبي له!.

أقصانا الجريح يئن كل لحظة من غطرسة الاحتلال وخذلان العربان المتآمرين عليه وعلى كل شبر في فلسطين الحبيبة. لكن البشائر الربانية والنبوية تؤكد بلا ما يدع مجالا للشك بالنصر والتمكين إن تاريخنا الحالي لم يخل من مطبات صعبة نالت بيت المقدس عامة والمسجد الأقصى خاصة ، لا سيما ما تقوم به الحفريات الإسرائيلية في المكان ، للبحث عن أثار مزعومة لهيكل قديم مكان المسجد المبارك ، وسوف ينطق ويتكلم الشجر والحجر و يقول يامسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله إلا شجر الغردق فانه منهم,

وكم يتهافتون في زراعته لحمايتهم وهم يعلمون جيدا ذلك لا حاضر لأمة تجهل ماضيها ولا مستقبل لأمة تنسى فضائلها لذا استثمر الطرفان الانهيار العربي والنزيف الدموي الذي لا يجف في كثير من بلدان المنطقة للاستيلاء على الأقصى المبارك في صالح اليهود في صفقة بين الطرفين على إثرها تقوم إيران باستنزاف موارد المنطقة ، وإنهاكها في حروب طائفية مع الأذرع العميلة لها في سوريا والعراق ولبنان والبحرين والكويت

 وأخيرا في اليمن من خلال حرب ضروس طاحنة ينوب عنها فيها الحوثيون الروافض وعلي صالح والمرتزقة الذين معه ، بغية استنزاف موارد الخليج وإنهاك قواتها المقاتلة ، وشغلها عما يجري في الأقصى ، وذلك كله لتهيئة الأجواء لليهود للاستيلاء على الأقصى إذ أن عشر دول منشغلة في قتال الحوثيين ، والفلسطينيون منشغلون بانقساماتهم الداخلية التي صبت في مصلحة اليهود قلبا وقالبا . هذه هي الحقيقة الساطعة التي لا يمكن إخفاؤها ولا يصح، فنحن أمة إرادتها مسلوبة، وحقوقنا المشروعة في التعبير عن سخطنا لتعطيل الحكم كتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه السلام مهضومة،

 وإمكانية الاحتجاج على تدنيس مقدساتنا، وغلاء أسعارنا، وامتهان كرامتنا، والتطاول على مقام نبينا شبه معدومة. فمن منكم استطاع أن يصل إلى المسجد الأقصى ليعبر عن رفضه لمحاولات اقتحامه قبل أيام قليلة؟ وما نخشاه أن الناس فهموا بان هذا المبنى هو المسجد الأقصى ونسوا انه جزء منه ، وان المسجد الأقصى هو الأكبر والأرحب ، إذ إن المسجد يضم : القباب والمآذن ، السبل والمصاطب ، الطرقات والمساجد ، الأشجار والمواطئ ، المحاريب والمرافق ، الآبار والمدارس ، المكتبات والمكاتب ، الساحات والمشارب ومن منكم يملك منع اقتحامه حتى لو سُمح له بالوصول؟ ولو حاول من هم دون الخمسين منكم شد الرحال إليه فهل كانوا سينجحون؟ كذلك فُعل بإخوانكم في باقي المدن والقرى والبلدات والمخيمات الفلسطينية في الضفة والقطاع، وباقي مسلمي العالم الإسلامي، فكلٌ قد وجد من يمنعه. فكان لا بد من البيان، ولا يصح أن نبقى نرزح تحت نير التعمية والتضليل ونار إعلام هذا الزمان، ولا يجوز أن تبقى أعناقنا خاضعة لذرائع الحكام الواهية كالوسنان. فبعضهم يتذرع بأنه لا يريد أن ينجر إلى صراع أو مواجهة مع قوات الاحتلال،

 ونتساءل: “إذا لم يجرنا الأقصى إلى مواجهة فمتى سنتحرك؟” وآخرون يتذرعون بأنهم يريدون احترام تواقيعهم على اتفاقيات السلام والتفاهمات، ألا تعست تلكم الاتفاقيات والتفاهمات إذا أغضبت رب الكائنات، ومنعتنا من الدفاع عن المقدسات. أن الأسرى يعيشون من الألم النفسي والجسدي ما لا يقوى إنسان على تحمله،

 كل ذلك لأنهم حملوا أمانة القضية الفلسطينية وعدالتها، فالرجل والمرأة في الأسر سواسية، كما هم الأطفال الذين يتساوون مع الكبار في الأسر والألم والعذابات، منوهاً إلى المسؤولية الملقاة على كل إنسان حر طليق في فلسطين والعالم، أن الأسرى وذويهم وأطفالهم هم أمانة في عنق الشعب والمسئولين، شاكراً في نهاية كلمته الكلية على مجهودها الملحوظ في تنظيم وترتيب إقامة المهرجان التضامني مع الأسرى.

ويتذرع الجميع بأنهم جزء من المنظومة الدولية التي تنظم العمل السياسي وأعمال المقاومة في ظروف الاحتلال، وأنهم يراعون متطلبات اللياقة الدبلوماسية في طرد المحتلين ومعاقبة المعتدين ألا ساء ما يحكمون. يا قدسُ، يا مدينةَ الأحزان يا دمعةً كبيرةً تجولُ في الأجفان من يوقفُ العدوان؟عليكِ، يا لؤلؤةَ الأديان من يغسل الدماءَ عن حجارةِ الجدران؟ من ينقذُ الإنسان؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد