ماذا يُدبّر للمنطقة؟ - الصادق الزريقي

mainThumb

26-05-2016 10:25 AM

> قبل الانتخابات الأمريكية المقبلة في نوفمبر القادم، يبدو أن ترتيبات تجري على قدم وساق لترتيب الأوضاع في المنطقة العربية وما جاورها، تتصدى الطبقة السياسية أو قل النظام السياسي الحاكم في الولايات المتحدة، وهو ليس الإدارة القابعة في البيت الأبيض، لإعداد تصورات من شأنها تهيئة الظروف لدورة تاريخية جديدة، تحافظ فيها واشنطن وربيبتها دولة الكيان الصهيوني على مصالحهما ونفوذهما، وسط حالة من الفوضى ضربت المنطقة ولم تزل. والسودان جزء من كل، يعنيه ما يعني كامل المنطقة العربية والإفريقية من هذه الترتيبات التي تشير في المقام الأول أن ما يجري حالياً من أزمات وحروب وانهيار دول وأنظمة في العالم العربي، هو انتقال وتحول تراجيدي قاسٍ راهنت عليه دوائر صنع القرار في الغرب منذ سنوات لتغيير خارطة المنطقة العربية وسلبها إرادتها الفاعلة، وإغلاق الطريق أمامها لعقود طويلة حتى لا تستعيد حيويتها وقدرتها على النفاذ عبر بوابات التاريخ.
 
 
 
> وهذه التوصيفات ليست من عندنا، فكل القراءات الحالية لواقع العالم العربي، تشير إلى أنه مقبل على مشهد جديد بعد مائة عام من اتفاقية سايكس بيكو، التي بموجبها تم تقسيم أسلاب الأمبراطورية العثمانية بين القوى الاستعمارية الأوروبية (بريطانيا وفرنسا)، وقسم الوطن العربي إلى دوله الحالية ورسمت الحدود القائمة الآن، وكانت تمهيداً لزرع الكيان الصهيوني في قلب عالمنا العربي في فلسطين بصدور وعد بلفور عام 1917م بعد عام واحد من اتفاقية سايكس بيكو المشؤومة، وينشط من فترة عدد كبير من المفكرين والمهتمين بقضايا السياسة والمتعمقين في تحليل الإستراتيجية الغربية خاصة الأمريكية تجاه المنطقة، في رصد اتجاهات الأحداث وتوجهاتها، قياساً على ما يشهده الواقع العربي وجواره الإفريقي القريب، في القرن الإفريقي أو إفريقيا جنوب الصحراء. > وهناك مؤشرات بدأت تظهر بجلاء تؤكد أننا مقبلون على تحولات هائلة، منها أن خروج العراق وسوريا وليبيا وربما مصر من التأثير على القرار الجماعي العربي، ومواجهة دول ثلاث هي العراق وسوريا وليبيا، خطر التقسيم الى دويلات، والعمل على إفلاس دول أخرى بالحروب ودعمها، كبعض دول الخليج التي صنعت لها أزمة اليمن وتوريطها في المستنقع السوري ومحاربة داعش في العراق وسوريا وليبيا، فإن التوقعات حسب ما تشير تقارير دبلوماسية وسياسية لا تنفي حدوث تحول دراماتيكي في الملف اليمني والي قرب احتمال حدوث اتفاق بين السعودية والحوثيين يضمن للسعودية أمنها واستقرارها جنوباً وتتوقف الحرب الحالية، دون معالحة الملف الداخلي اليمني، فقد تكون مثل هذه التقارير مسرفة في التقدير لكن ما يتسرب من أنباء حول ضغوط غربية كثيفة تمارس على دول الخليج بقبول الحوثيين كواقع وبدورهم المشاركة في حكم اليمن، وغض الطرف عنهم، ثم جعل ذلك مقدمة لإدارة حوار مع إيران على الضفة الأخرى من الخليج. كل هذا يعني أن شيئاً أكبر يجري تدبيره في هذا الجزء من العالم العربي.
 
 
> وتترافق معه تسوية الملف السوري، ولاحت بوادر هذه التسوية بتوافق أمريكي وروسي علي بقاء بشار الأسد في السلطة، ومحاربة القوتين العظميين لخصومه سواء أكانوا في المعارضة المسلحة التي صنفت بأنها منظمات إرهابية مع إضعاف المعارضة السياسية السورية الى أقصى حد ممكن وسحب كل أوراق اللعبة من أيديها وإجبارها على القبول بالصفقات السياسية التي تبقي على الأسد ولا تعطي لخصومه إلا الفتات. > وذات الشيء يجري في ليبيا، التي رسم لها مسار ظاهرة اتفاق سياسي بين بعض الفصائل والمجموعات السياسية حتى يتم تقليم أظافر الفصائل المسلحة ومحاربة ما يسمى بتنظيم «داعش» في ليبيا ويتمكن حلفاء الغرب داخل هذا البلد سواء أكان الجنرال حفتر وأعوان القذافي السابقين، ومن عاد منهم الى بيت الطاعة الغربية لاستعادة السلطة في ليبيا، ولا يعني ذلك أن ليبيا نفسها ستكون خارطتها السياسية هي ذاتها. فقبل أيام نشر عدد من المثقفين الليبيين على بعض مواقع التواصل الاجتماعي معلومات عن ورشة عمل عقدت في العاصمة البلجيكية بروكسل حول مستقبل ليبيا والإقليات السكانية التي تطالب بحقوقها، خاصة في مناطق فزان والمناطق الأمازيغية!! ولا يغيب عن فطنة القارئ أن الأمازيغ يتواجدون في شريط طويل يمتد من أواسط الغرب الليبي حتي المملكة المغربية، وهم حسب التصنيف الغربي حائط صد طبيعي على طول شمال إفريقيا يفصل بين اللغة العربية وثقافتها وإفريقيا جنوباً ..! ولنا عودة..


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد