في رحاب الإستقلال

mainThumb

26-05-2016 02:41 PM

جميل جدا أن يتم الإحتفال بعيد الإستقلال التقليدي الذي يصادف الخامس والعشرين  من شهر مايو/أيار من كل عام  ، ومنذ سبعين عاما ،  وجميل  جدا أيضا أن  تكتب المقالات وتلقى القصائد ،  والخطب الرنانة  أمام جلالة الملك عبد الله الثاني ، لكن الأجمل من هذا كله ،أن تكون الخطابات والقصائد والمقالات  ، من صميم الواقع ولا ينطبق عليها قول الله عز وجل "الشعراء يتبعهم الغاوون" ! فالكلمة أمانة  سنسأل عنها يوم القيامة  .


والأجمل أيضا في عيد الإستقلال المجيد ألا تقتصر  الحالة على  إحتفال يدعى إليه كبار الشخصيات  ويشرفه جلالة الملك والملكة ، بل يسارع المعنيون  في تنظيم ورش عمل وندوات ومؤتمرات  ومحاضرات  للعامة  ، وأولهم  الأطفال منذ سن السادسة  لتدارس  الإستقلال وما يطلق عليه الثورة العربية الكبرى  ، لنعرف أين وصلنا ، وأين أخفقنا ، وما هي العقبات التي إعترضت سبيلنا ، من أجل أن تنجلي الأمور  ،ولا يبقى الإستقلال والثورة العربية الكبرى حالات عامة ، ومناسبات  يتكسب منها البعض .


لا أنكر أن من صاغ الكلمات التي ألقيت  أمام جلالة الملك عبد الله الثاني  إبان إحتفال عيد الإستقلال السبعين ، قد وهبه الله بملكة الإبداع ،  لكن الإبداع في مثل هذه الحالة  ينقلنا إلى الخيال ، والخيال في أحيان كثيرة  مكلف ، لذلك فإن الإبداع المحمود هو ذلك الذي يمس شغاف الواقع ويريح العقل  ويمنع عنه الإرهاق ،لأن مقارنة الواقع بما يكتب أو يقال يشكل إرهاقا للنفس ونحن في غنى عن ذلك.


ربما  لا يعرف البعض  من المعنيين  أن جلالة الملك سيد البلاد قاريء جيد ومتابع مثابر لما يكتب عن الأردن هنا وهناك ،ولذلك لا تخفى عليه خافية  صغيرة كانت أم كبيرة  ، ولكنه كملك  لا يظهر ذلك لمن حوله  حتى تسير الأمور ،    وإن كانت رسائله للجميع لا تنقطع  ، ومع ذلك ما يزال الخلل في الأداء يغشو الجميع  ، لأسباب كثيرة  أهمها أن من يترشح للمسؤولية ويتم تقديمه لجلالة الملك ، تنقصه الكثير من الملكات  والجرأة  والمقدرة على تحمل المسؤولية ، ولذلك يكون أداؤه  ليس كما كان يرتجى ، وصور ذلك أمامنا كثيرة سواء في الوزارات او مجلس النواب أو حتى إدارات الصحف التي يفترض أن تكون عقلياتهم "تطبش "في الميزان.


مطلوب من حاشية الملك أولا أن تعتمد التطهر في كل شيء حتى تكون  مثالا يحتذى للجميع ، فأمانة المسؤولية  أكبر مما يتصوره البعض ، لأن مجتمع اليوم ليس كمجتمع عام 1924 على سبيل المثال ، وهناك وعي وإن كان كسيحا بعض الشيء لكنه يتنفس .
ومطلوب أيضا ممن  يتسنموا مواقع المسؤولية العامة من أمناء عامين ووزراء ونواب وأعيان أن يضعوا مخافة الله أمام أعينهم ، ويكون أداؤهم مشهودا له ،وأن تكون نظافة مسلكهم كبياض الثلج ، وأن يتم تقديم المعلومة الصادقة والواقعية فقط لجلالة الملك  حتى يكون القرار  سليما ولا يحرج أحدا ، لأن الحقيقة تظهر سريعا هذه الأيام.


التطهر من المحسوبية والجهوية والإقليمية والفسادفرض على الجميع ، لأن حب الوطن من الإيمان وليس بالكلمات  الصماء التي تقال في بعض المناسبات ، فكم من فاسد نهب المقدرات  إدعى انه يحب الوطن لكنه في حقيقة أمره  خائن لقيم الوطن .


على المعنيين  وهم يعرفون أنفسهم ،أن يراجعوا مسلكياتهم جيدا  ،فأردن الغد سوف لن يكون مشابها لأردن اليوم ، بمعنى أننا مقبلون على مرحلة غير هذه المرحلة  ، وأدوات المرحلة المقبلة  قطعا سوف لن تكون هي نفسها  أدوات المرحلة الجديدة المقبلة .
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد