خير البرّ عاجله

mainThumb

31-05-2016 10:30 AM

ختمنا البرلمان السابع عشر كله مع حكومة واحدة انفاذا لرؤية جلالة الملك بتجاوزنمط التغيير المتواتر للحكومات  وبقاء الحكومة التي تأخذ الثقة طوال عمر المجلس بما يؤسس لمفهوم الحكومات البرلمانية.

 
لم تكن اربع سنوات كاملة بل نقصت بضعة اشهر لكن لسبب فني هو ان الانتخابات الماضية تأخرت الى أواخر كانون الثاني  2013 (ذروة الشتاء)  وهو ليس موعد مناسب للانتخابات. وكان الترجيح ان تجري الانتخابات في تشرين الثاني القادم أي بعد دورة الألعاب الدولية  النسوية وهو الموعد الذي كان مرجحا بحسابات الوقت والجاهزية في التحضيرات، لكن انتصرت وجهة النظر التي تقول بإجرائها قبل الالعاب أي في ايلول وهو الموعد الصحيح دستوريا كي يمكن افتتاح الدورة العادية الأولى في الأول من تشرين الثاني  المحدد في الدستور.  ويمكن الاستمرار على هذا الموعد المناسب وربما عدم اللجوء اصلا الى حل المجلس بل بقاءه من ايلول فيسلم مجلس الراية الى مجلس كما هو الحال في الديمقرايات الراسخة. وفي الاثناء  - نفترض – أن تتقلص نيابة الخدمات بوجود اللامركزية وتحول الخدمات الى مستوى المحافظة ومجالسها المنتخبة بحيث تنتهي حجة حل مجالس النواب قبل 4 اشهر من الانتخابات.
 
في الحوارات خلال الشهرين الماضيين ظلّ البعض يصر على انه لا انتخابات هذا العام بحجة الظروف الأقليمية وحجج اخرى لم ار أي وجاهة فيها كما كتبت أكثر من مرّة وحجتي أن الملك لم يضغط من اجل قانون انتخابات جديد كليا  لكي يؤجل الانتخابات. لقد سارت الأمور كما كان التصور المطروح من بداية عمر هذا المجلس بالنسبة لرزمة الاصلاح السياسي لكن مع تباطوء في بعض القوانين وخصوصا قانون اللامركزية التي كان مقدرا لانتخاباتها ان تجري قبل النيابية لو انجزت قانونها أبكر. ولو تم التركيز منذ البداية على قوانين الاصلاح السياسي لكانت الانتخابات النيابية هي المحطة الأخير في تطبيق قوانين الاصلاح السياسي، لكن الرزنامة انقلبت وعلينا ان نبدأ بالانتخابات النيابية. ومادام الأمر كذلك فإن كل تأخير يضرّ ولا ينفع وخير البرّ عاجله من اجل ترتيب البيت الداخلي لآنطلاقة جديدة بأقرب فرصة ممكنة وهي لا يمكن ان تقل عن ثلاثة شهور ونصف من تاريخ الدعوة للآنتخابات بعد حلّ مجلس النواب.
 
ليس مقدرا للانتخابات بالقانون الجديد ان تقودنا الى تغيير شامل فهناك مقدمات كثيرة كان يجب ان تسبق ومنها تطبيق اللامركزية ثم أن نظام اعلى البواقي في دوائر صغيرة أضعف نظام التمثيل النسبي للقوائم وقلل من فعالية النغيير الشامل الذي ينطوي عليه. وهكذا علينا أن نرضى بشق الباب للتغيير وليس انفتاحه تماما.
 
.
 
أول مظاهر التغيير أن معادلة الانتخابات تغيرت وتعقدت كما نرى من سلوك المرشحين. في السابق كان المبدأ فرديا وعلى قاعدة " عد رجالك وإرد المي" أما الآن فعلى كل واحد أن يفتح عينه على المدى الواسع للدائرة وأن يدرس خارطتها ويهتم بكل مرشحيها المحتملين لينسج التحالف الذي سيتقدم من خلاله للآنتخابات. الصيغة الجديدة مثيرة للفضول فعلا وعلينا ان ننتظر ونرى كيف سيتصرف المرشحون والناخبون وكيف سيتشكل المشهد في اليوم التالي لاقرار القوائم وكيف سيخوض اعضاء كل قائمة الحملة الانتخابية.
 
هناك حالة من الاحباط العام فالسنوات الثلاثة الأخيرة كانت سيئة بالنسبة للناس انكماش اقتصادي وغلاء معيشة وبطالة تنشر اليأس بين الشباب وينحسر منسوب التفاؤل بانفراج قريب ويتوقع البعض ان نشهد بسبب ذلك فتورا عاما تجاه الانتخابات لكن هذا لن يحدث لسببين : الأول ان التعبئة التي يبدأ بها المرشحون وروح المنافسة في الأطر الأقرب لهم  لا تلبث كالعادة ان تتوسع عدواها لتشمل الجميع والثاني أن القانون النظام الجديد كليا سيجدد الاهتمام بالانتخابات على أوسع نطاق ويبث روحا جديدة في الحملات الانتخابية وبين الجمهور. وهي بالضبط الحالة التي يجب استثمارها من اجل دفع عملية النهوض وتعزيز الطابع السياسي والبرامجي للانتخابات والمنافسة على تقديم الأجوبة حول التحديات الكثيرة التي تواجهنا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وتحقيق الحكم الصالح الذي ينهض بالبلاد.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد