مستشرق اسباني : التاريخ والثقافة الأندلسية يتسمان بأبعاد إنسانية عميقة

mainThumb

31-05-2016 10:43 PM

عمّان- السوسنة - نظم منتدى الفكر العربي في عمّان، مساء الثلاثاء، وضمن لقاءاته الفكرية ‏محاضرةً للمستعرب الإسباني المعروف البروفيسور خوسيه ميغيل بويرتا فليشيث أستاذ الفن في ‏جامعة غرناطة، بعنوان "موسوعة مكتبة الأندلس وإنتاج الاستعراب الغرناطي والإسباني الجديد ‏في الدراسات الأندلسية"، بحضور ثوماس لوبيز فيلارينيو نائب السفير الإسباني ونخبة من ‏المتخصصين والأكاديميين والدبلوماسيين والكُتَّاب والإعلاميين. وأدار اللقاء الدكتور محمد أبو ‏حمور الأمين العام للمنتدى.‏
 
 
وقال البروفيسور بويرتا إن موسوعة مكتبة الأندلس، التي استغرقَ العمل في إعدادها وتحريرها ‏عشرة أعوام 2003- 2013، وصدرت عن مؤسسة ابن طفيل للدراسات العربية في مدينة ‏المرية باللغة الإسبانية، تأتي ضمن مشروع ثقافي كبير لاستعادة الوعي بالمفهوم الأندلسي ‏كحضارة وتراث إسلامي عربي مشترك، مشيراً إلى أن هذا المفهوم أصبح له حضوره في ‏الجامعات والمعاهد والمدارس، وكذلك في الأنشطة الثقافية، وما يُعرف بالمسالك الأندلسية في ‏السياحة الثقافية، وأن اللغة العربية أصبحت منذ عقد تقريباً تُدرَّس في الجامعات الإسبانية، بعد أن ‏كان تدريسها مقتصراً على جامعة غرناطة.‏
 
وأوضح أن أوساط المستعربين والمثقفين في المجتمع الإسباني تتعامل مع الثقافة العربية بوصفها ‏جزءاً من تاريخ مشترك بينهم وبين العرب، كما أن التاريخ والثقافة الأندلسية يتسمان بأبعاد ‏إنسانية عميقة في إطار العلاقات المتوسطية وفي إطار المساهمة الغنية في التراث الإنساني ‏العالمي.‏
 
وحول "موسوعة مكتبة الأندلس"، بيَّن البرفيسور بويرتا أنه اشترك وزميله المستعرب خورخي ‏ليرولا في إدارة العمل بها، حتى صدرت في 7 مجلدات  إضافة إلى مجلدين للفهارس ‏والملحقات، وشارك في كتابة نصوصها حوالي 150 مستعرباً من إسبانيا وغيرها، تمكنوا ‏وبالاعتماد على المصادر العربية من توثيق الإنتاج الفكري والأدبي المكتوب لـ 2465 علماً ‏أندلسياً، رجالاً ونساء، مع ذكر وتحليل مؤلفاتهم التي بلغ عددها الإجمالي 7990 مؤلَّفاً، سواء ‏وصلتنا هذه النصوص الأندلسية أم لم تصلنا إلا عناوينها، فضلاً عن الإشارة إلى المخطوطات ‏والدراسات الحديثة عن مؤلفات الأندلسيين.‏
 
وعرض المستشرق بويرتا للتوزيع الجغرافي للمؤلفين الأندلسيين ولإحصائيات تتعلق بهذه ‏الموسوعة، وتبين أن نسبة المؤلّفات الأندلسية التي وصلتنا كاملة تبلغ 21.5%، فيما النصوص ‏غير الكاملة أو التي وردت منها أجزاء وصفحات في مؤلفات أخرى تبلغ 20.1%، أما المفقودة ‏فتبلغ نسبتها 58.4%. وتمثل النساء المؤلفات في الأندلس (47 امرأة) ما نسبته 1,91% من ‏إجمالي عدد المؤلفين.‏
 
وأكد الدكتور محمد أبو حمور، الأمين العام لمنتدى الفكر العربي، في كلمته أن هذا اللقاء يعتبر ‏ضمن سلسلة من اللقاءات في سياق الحوار العربي الإسباني، والذي يتبناه المنتدى، مشيراً إلى أنه ‏من أهم مسارات الحوارات العربية العالمية في الفضاء الثقافي الإنساني. وقال: إن العلاقات ‏العربية الإسبانية تستند إلى ركائز عميقة في التاريخ الحضاري لمنطقة البحر المتوسط. وهذه ‏الركائز ما تزال غنية بالروافد التي يمكن استثمارها في فائدة العالم المعاصر وإيجاد مبادىء ‏حلول لكثير من التحديات، وإقامة نموذج من التواصل الحيّ بين الشعب الإسباني الصديق ‏والشعوب العربية. فالتراث المشترك يعطينا مساحة واسعة لاستلهام أسس الفهم والتفاهم والتلاقي ‏بين ثقافتين عريقتين تنبضان بالحياة والقابلية للإسهام في التقارب الإنساني وعلى مختلف ‏الصُّعد.‏
 
وقال الدكتور أبو حمور إن إنجازاً بحجم موسوعة مكتبة الأندلس من شأنه أن يُسهم بشكلٍ فعّال ‏وعلمي في تأصيل المشترك للإسهامات الثقافية الأندلسية، وأن استعادة المفهوم الأندلسي ‏كحضارة وتراث إسلامي عربي، هو شيء ضروري لنا وللأصدقاء الإسبان، مؤكداً أننا في ‏الوطن العربي والعالم الإسلامي أيضاً بحاجة إلى مثل هذا العمل، وإلى المشاركة في تحقيق ‏أهدافه الإنسانية ونشره باللغة العربية، والتمكين للدراسات الأندلسية في الجامعات ومعاهد العلم ‏والتعليم العام، لفتح نافذة الوعي بالروابط العربية الإسبانية والمتوسطية والأوروبية، وبالتالي نحو ‏مزيد من الانفتاح على ثقافة بينها وبين ثقافتنا الكثير من المشتركات، وكذلك الانفتاح على الثقافة ‏العالمية المعاصرة والمساهمة فيها من هذا المَعين الجديد- القديم.‏
 
وأثنى الدكتور أبو حمور على هذا الإنجاز الموسوعي الضخم، مشيراً إلى أن موسوعة مكتبة ‏الأندلس اتخذت مكانتها التي تستحقها في الأوساط العلمية المعنية بالدراسات الأندلسية وبترحيب ‏كبير وبثقة، كونها صادرة بإشراف متخصصين مشهود لهم كالبروفيسور بويرتا وزملائه من ‏كبار المستشرقين الإسبان، والذين يعشقون عملهم ويؤمنون بجدواه وأهميته، ويزيد الثقة بهم ‏تأهيلهم في أكبر مراكز الاستشراق الإسباني: جامعة غرناطة المعروفة بجلائل الأعمال في ‏التأسيس للدراسات الأندلسية.‏
وتوجه الدكتور أبو حمور بالشكر والتقدير إلى سعادة السفير الإسباني في عمّان السيد سانتياغو ‏كاباناس آنسورينا، ونائبه سعادة السيد ثوماس لوبيز فلارينيو، والأستاذ الدكتور صلاح جرار ‏على تعاونهم في الإعداد لهذا اللقاء حول الثقافة والفكر الأندلسي بمختلف تجلياته الحضارية ‏والإبداعية.‏
 
يذكر أن المستشرق بويرتا من مواليد قرية دوركر جنوبي غرناطة عام 1959، وتخرج ‏متخصصاً في تاريخ الفن العربي والإسلامي عام 1981، كما حصل على الدكتوراة في اللغة ‏العربية عام 1995 من جامعة غرناطة. عمل مديراً للمكتبة العامة في قريته، ومترجماً في وكالة ‏الأنباء الإسبانية (افّه)، قبل أن يصبح أستاذاً لتاريخ الفن في جامعة غرناطة. ومن أبرز مؤلفاته ‏ودراساته: "البنية الطوباوية لقصر الحمراء"، و "تاريخ الفكر الجمالي العربي الأندلسي والجمالية ‏العربية الكلاسيكية"، و "ملاحظات عن الاستمتاع الحسّي والمعرفي بالفن الإسلامي"، و"نظرية ‏الإدراك الحسّي في الفكر الأندلسي"، و"قراءة لكتابات قصر الحمراء"، الذي يُعد من أبرز ‏المتخصصين في دراسته، كما ترجمَ من الأدب العربي الحديث لكلٍ من غادة السمّان، وغسان ‏كنفاني، وصلاح نيازي. وهو يجيد اللغة العربية بطلاقة قراءة وكتابة وتحدثاً وقد أحبها ودرسها ‏على نفسه وتعمّق فيها.‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد