حكومة الملقي والمبدأ الديمقراطي: دوران النخبة

mainThumb

03-06-2016 03:00 PM

 لم يكن مفاجئا اختيار الدكتور هاني الملقي رئيسا للوزراء،  فالرجل ولد في القمة فهو نجل رئيس وزراء سابق ، وقد اشغل عدة مواقع حكومية في الدولة الأردنية، وبالتالي هو من أعضاء النخبة السياسية، وأعضاء النخبة السياسية في الأردن مؤبدون في مواقعهم ، يتوارثوها أبا عن جد، ويورثها لأبنائهم  وأحفادهم ،جيلا بعد جيل، هم نخب الأمس واليوم والغد، يستأثرون بالسلطة والنفوذ ،ولهم اليد الطولى في تقرير مصير البلاد والعباد، هم نخبة مغلقة لا  تسمح للعامة بالدخول إليها لا من بين يديها ولا  من خلفها ،والساحة محجوزة لها على الدوام، إلا في حالات استثنائية محدودة لاشخاص ذوي ارتباطات مع جهات نافذة داخلية أوخارجية . 
 
توسيع حجم ودائرة النخبة السياسية في الأردن بحيث تتسع لظهور شخصيات وطنية تعمل على تجسير الهوة الواسعة بين النخب السياسية والقواعد الشعبية أمرا مستبعدا، وهذا ما اصطلح على تسميته في أدبيات السياسة بالمبدأ الديمقراطي : دوران  النخبة الذي يشير إلى الآلية التي يتم بموجبها انتقال أفراد من القاعدة إلى القمة بناء على معطيات ومعايير معينة.
 تغيير الحكومات في الأردن لا علاقة له من قريب أو بعيد بالمبدأ الديمقراطي المتمثل بدوران النخبة، حيث يتغير رئيس الوزراء ومعه الوزراء دون أن نلحظ تغيير في الرؤية أو النهج، ومن ثم تغيير الواقع السياسي والاقتصادي، وهكذا تستمر حالة الركود والجمود والانغلاق. 
 
إن التغيير الحكومي الذي لا يفضي إلى ميلاد نخب سياسية جديدة على مستوى الخصائص والنهج، قادرة على بلورة مشاكل المجتمع واهتماماته وأولوياته ،والبحث عن حلول لهذه المشاكل لا يمكن اعتباره تغييرا حكوميا بالمعنى الحقيقي للكلمة، كما انه من غير المعقول أن من تولى المسؤولية في عهد الحكومة او الحكومات السابقة أن يتم إعادة تكليفه في الحكومة اللاحقة ،وإلا ما الحكمة من التغيير الحكومي كله ،إلا إذا كان الهدف زيادة تكلس النخب وانغلاقها!. 
 
الحقيقة أن الجمود والتكلس الذي أصاب النخب السياسية انعكس على الحياة السياسية  في البلاد، حيث التوتر والاحتقان وغياب فرص التنافس الحر في بيئة سليمة  تسمح بدوران النخبة، لا بل أن انغلاق وتكلس النخبة السياسية جعلها تقوم بمحاربة ومقاومة وإضعاف فرص تشكل نخب جديدة، هذه النخب المغلقة تستأثر بكل النفوذ والسلطة وتعيق كل محاولات تجديدها أو تغييرها. 
 
إن انغلاق وتكلس النخبة السياسية في البلاد رغم تغيير الحكومات ومجالس الأمة لا يفضي الا إلى الديمقراطية المنقوصة، فالشخص المؤهل الذي لا تتوافر فيه مواصفات اجتماعية معينة أو ليس لديه ارتباطات مع جهات نافذة لا يمكنه الصعود وحجز مقعد له في مجلس النخبة. 
 
دوران النخب وانفتاحها أمرا صحيا وحيويا للمجتمع ، وهو ضرورة من ضرورات الديمقراطية ومؤشر هام على جدية الإصلاحات السياسية في البلاد، وهذا الدوران وما ينشأ بموجبه من نخب جديدة على أسس الكفاءة والجدارة والاستحقاق يحدث في الأنظمة الديمقراطية بصورة عادلة ومنتظمة ، وهو عامل استقرار وتوازن اجتماعي. 
 
الحكومة الجديدة القديمة أكدت على أن فهم منطق تداول السلطة في الأردن ينحصر بالنخبة المغلقة، ثمة قوة وسلطة تهبط دائما من أعلى، وردود الفعل تتراوح عادة بين الخضوع والنفاق وتجميل الصورة وان كان ذلك على حساب الصالح العام، أو الانسحاب وإيثار الصمت. 
 
وختاما، فان أي حديث عن الديمقراطية والإصلاح لا ينعكس بشكل فاعل على أحداث تحول ذو معنى في بنية النخبة  السياسية هو حديث افك ولغو، أما الطامحين من العامة بدخول نادي النخبة، فان عليهم البحث عن فرصة لهم خارج حدود هذا الوطن، حيث أن من يولد في القاع لا مجال له هنا بالصعود،وعليه أن يعتبر نفسه محظوظا فهو ينعم بنعمة الأمن والأمان التي تستوجب عليه أن ينشد موطني موطني موطني، وإلا فانه يعتبر معارضا وربما يكون قد قرأ للأديب محمد الماغوط : سأخون وطني، ومن هنا وجب على السلطات الرسمية مراقبته ومتابعته!. 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد