قرار سلطنة عُمان في الميزان

mainThumb

06-06-2016 02:01 AM

إعلان الملحق الثقافي العماني وقْف تعامل وزارة التعليم العالي العمانية مع جامعات أردنية مستهجن، وقد فتح المجال أمام تكهنات كثيرة، ناهيك عن التصريحات المتغيرة التي صدرت عن الجانب العماني.

لا أظن أن السمعة العلمية للجامعات الأردنية هي سبب هذا القرار، فالجامعات الأردنية التي تقرر وقف التعاون معها هي جامعات ذات سمعة علمية عالية يشهد لأكثرها القاصي والداني، ولو كان هذا هو السبب لشمل القرار جامعاتـ أخرى.
 
صحيح أن هناك جامعات كثيرة  في العالم ذات مواقع أعلى في تصنيفها، ولها ظروف أفضل من الجامعات الأردنية، لكن في المقابل، فإن شروط القبول وتكاليف الدراسة... في هذه الجامعات أعلى أيضا.
من التبريرات التي ذكرت لهذا القرار الظروف الأمنية مع أن الأردن وبحمد الله ما زال آمنا رغم اللهيب المحيط به، وعملية إربد الأخيرة لا تغيّر من ذلك، فهي حادثة يتيمة منذ تفجيرات الفنادق عام 2005 والعالم كله اليوم مهدد بالإرهاب، وقد حدثت حوادث أكبر بكثير في دول أجنبية، وأخرى عربية توصف بالآمنة أوقعت أعدادا كبيرة من المدنيين في الأسواق والمساجد كما حدث في الكويت والسعودية وغيرهما في حين لم يقتل أحد من المدنيين سواء من الأردنيين أو العرب في عملية إربد.
 
ذهب عدد من المحللين إلى هذا التفسير؛ لأن أغلب الجامعات التي أوقفت سلطنة عمان التعامل معها تقع في إربد أو في منطقة الشمال عامة، ومثل هذا التصنيف المكاني غير منطقي في دولة صغيرة كالأردن.
 
أما إذا كان المقصود أن منطقة الشمال باتت مزدحمة باللاجئين، فالمأمول من إخوتنا العرب إن لم يكونوا قادرين على حمل أعباء موجات اللجوء معنا أن لا ينكؤوا جراحنا!
 
لقد أشار الملحق الثقافي العماني إلى  أن القرار له علاقة بعدد من التصرفات والمضايقات التي تعرض لها الطلبة العمانيون الدارسون في الأردن، ولا نشكك بقول الملحق؛ لأن لديه معلومات عن طلبته أكثر مما لدينا، وأشكره على ملاحظته بأن هذه الحوادث فردية، وليست منظمة، ووقعت خارج اسوار الجامعات كما قال! 
 
وأزيد على قوله إن مثل هذا يحدث في الدول العربية والأجنبية على السواء، وفي داخل أسوار الجامعات وخارجها، وما حوادث القتل المؤسفة التي تعرض لها طلبة عرب في أمريكا قبل شهور عنا ببعيدة.
 
أما أمين عام وزارة التعليم العالي الأردنية، فقد صرح بتفسير مغاير بعد تواصله مع السفارة العمانية- خلاصته أن الإحصائيات أظهرت وجود 1200 طالب عُماني في الجامعات التي أوقف التعامل معها من أصل 1300 طالب عماني في الأردن، ووجود عدد كبير من الطلبة في بعض التخصصات على حساب تخصصات أخرى، وبالتالي اتخذت هذه الخطوة؛ لإعادة توزيع الطلبة على الجامعات في أنحاء المملكة كافة، وتقليل أعداد المبعوثين في بعض الجامعات، وأرى أن هذا كله يؤكد تميز الجامعات التي أوقفت السلطنة التعامل معها، وإلا لما اختارها الطلبة لدراستهم، فاحتشدوا بها، ولما اختارتها دولتهم  للابتعاث إليها.
 
الاهتمام بطلبة دول مجلس التعاون الخليجي في الأردن غير مسبوق سواء من داخل الجامعات الأردنية، أو من خارجها، وقد أشاد الملحق الثقافي نفسه بالتعاون الذي تبديه السلطات الأردنية لحماية الطلبة العمانيين، وإزالة جميع العوائق التي تعترضهم، فالطالب العماني في الأردن يحظى بالمحبة والاحترام، ونؤكد هنا ما قاله وزير التعليم العالي الأردني أن لا أحد يقبل أن يمس الطالب العماني بأي سوء أو يتعرض لأية مضايقات، وإن حصل، فهي تصرفات فردية، ولا تمت للمجتمع الأردني الذي يحترم ضيفه ويكرمه.
 
من حق كل دولة، بل كل فرد أن يختار البلد الذي يريد أن يدرس فيه، والجامعة أيضا، وكان يمكن لسلطنة عمان أن تختار ما تريد لطلبتها، وتجري الترتيب المناسب من إعادة توزيعهم، لكن دون أن تحرج دولة شقيقة، وشعب يحتفي بضيوفه، ويشرع أبوابه أمام إخوته المروعين في بلادهم من الذين لجؤوا إليه، ودون أن تشكك في جدية جامعاتنا التي خرجت أعدادا كبيرة من الطلبة العمانيين على مدار السنوات السابقة، وكذلك دون التشكيك في مسالة حساسة مثل الأمن!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد