لا شك أن عملية البقعة الإرهابية التي راح ضحيتها خمس شهداء من جهاز المخابرات العامة تعتبر حدثا خطيرا تعرض له أمن الوطن واستقراره وتجاوز خطير لا يمكن السكوت عليه .
وان ما حدث في نفس الوقت يطرح تساؤلات عديدة ومهمة وأنه جاء الوقت الذي يجب أن نفكر فيه بصوت مسموع بعيدا عن إضافة الهالات والبطولات بالحق والباطل على أي جهة كانت ، فحادثة البقعة لا شك عملية فردية معزولة ولكن لا ننسى أن حولنا دول شقيقة كسوريا والعراق تتعرض لإرهاب منظم ، وهناك وفي ظل ذلك علينا تشخيص حادثة البقعة تشخيصا دقيقا بعيدا عن العواطف والمشاعر الإنسانية ، فهذا أمن وطن ومواطن مهما اختلفنا في الداخل ورفضنا تصرفات الحكومة وأجهزتها الأمنية ، ولكن يبقى السلم الوطني خيارنا المشترك الذي لا يشذ عنه إلا من هو خارج الصف الوطني .
وعلى هذا الأساس دعونا نعترف بأن هناك تقصير واضح حصل في حادثة البقعة وذهب ضحيتها خمس شهداء ، وهذا التقصير هو المرض الذي تعاني منه كل مؤسساتنا الوطنية ألا وهو المحسوبية والفساد .
فكيف لمجرم كان بالأمس يدعو للجهاد المزعوم ليس في فلسطين ودفاعا عن مقدسات الأمة العربية ولكن لتدمير سوريا وقتل الآمنين من أبناءها وللأسف كانت دعواه تتلقى قبول بعض الجهات التي لديها تشنج جراء فشل المخططات الصهيو أمريكية الإعرابية الحقيرة لتدمير الدولة السورية بفضل صمود غالبية شعبنا العربي السوري وجيشه الوطني حماة الديار ، والمجرم سبق له وأن سجن وبالتأكيد على قضايا الإرهاب وثم أطلاق سراحه بعد تدخل الواسطات التي خربت البلاد وأضرت العباد ، فكيف تم إطلاق سراح مجرم بهذه الخطوره ومن المسئول عن هذا الخلل الخطير ؟؟
وهل استنكار أهله وأحد النواب من أقاربه وربما هو كان واسطته التي أخرجته من السجن كافيا ، إن ما حدث جريمة ولا شك يتحمل مسئوليتها من أطلق سراح المجرم ومن توسط له ،نحن نقول الحادثة فردية وهي كذلك ويمكن أن تحدث في أي بلد في العالم بما في ذلك سويسرا ، ولكن الإهمال المتسبب ليس فرديا أنه مؤسسيا تعاني منه كل مؤسسات الوطن والكل ينتقده والأغلب يلجأ إليه للأسف في ظل غياب القانون وروح العدالة ، وهنا المعادلة الصعبة التي تتطلب منا تشخيصا دقيقا لأجل العلاج المناسب وليست المهدئات كما يلجأ طبيب فاشل في حالة مريض مصاب بكل أمراض الدنيا .
تابعنا الأحداث طيلة الأيام التي عقبت الجريمة ولم نجد إلا رثاءات للشهداء وهذا طبيعي وأنساني ومعقول ولكن وجدنا من بالغ في إضفاء البطولات وتوزيعها وكأنها صكوك غفران مع أن الفضل بالقبض على المجرم الذي غادر مسرح الجريمة يعود لله أولا ولأحد أبناء الوطن المخلصين ولكن بعض كتابنا لا يزالوا خارج خارطة الأحداث وقد ذكروني بكتاباتهم بمسرحية شاهد ما شافش حاجة للمبدع ألفنان عادل إمام .
المنتسبون لكل الأجهزة الأمنية هم إخواننا وأبناء وطننا ونقدر كل جهد مخلص لحماية أمن الوطن واستقراره وبنفس الوقت أقول جاء الوقت لكي نسمي الأشياء بأسمائها الصحيحة ، حادثة البقعة عملية إرهابية فردية ذهب ضحيتها خمس من الشهداء نتيجة الإهمال والفساد والمحسوبية ، وسؤالي ماذا لو كانت تلك العملية الإرهابية في بلد مؤسسات ومحاسبة حقيقة ، أعتقد أن انقلابا أبيضا سوف يحدث ويطال كل مقصر وفاسد مهما كان وأينما كان .
وندعو كل المتشدقين بالوطنية الذين اخذوا يوزعوا الوطنية ونصبوا أنفسهم قضاة في اتهام الكثير من مكونات ونسيج شعبنا أن يتقوا الله فيما يكتبوا وخاصة بعد أن ثبت أن تلك العملية لم تكن إلا حادثة فردية سببها الفساد والمحسوبية .
نكتب ذلك لوجه الله ومصلحة الوطن العليا وفي ثقافتنا مقولة للخليفة العادل عمر بن الخطاب يقول ( لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إذا لم نسمعها )
ولا عزاء للصامتين .