راقصون لا مفتون - لبنى الحرباوي

mainThumb

23-06-2016 12:52 PM

لم يفهموا ولن يفهموا أننا “نحب الحياة إذا استطعنا إليها سبيلا” وأن الحياة ليست سوى حلبة رقص، والحب هو الإيقاع.
 
 
"أكثر من مليون مشاهدة لرجل عربي يشجع ابنته على الرقص" هكذا تداولت وسائل إعلام عربية الخبر “مشدوهة”، فهناك “عربي” في مكان ما من العالم، أكيد ليس في العالم العربي، يحث ابنته لترقص.
 
 
رصد الفيديو المتداول على يوتيوب والداً فخوراً بابنته، يقوم بتشجيعها على الرقص في أحد الشوارع الأوروبية على أنغام الموسيقى، وكانت النتيجة مذهلة.. لقد طارت كفراشة.
 
 
تنبع دهشتنا، ربما، من أننا شعوب لم تتعود بعد على ثقافة الحياة بل إننا نقدس الموت في كل تفصيل من تفاصيل حياتنا.
 
 
فتلك الطفلة التي تحب رسم الطيور محلقة، قالت لها معلمة التربية الفنية إن رسمها حرام، صارت ترسم السماء خالية وتترك الطيور عند باب المدرسة! ربت بعدها أجيالا ناقمة عاشت حياة دون حب، وتخيلت سماء دون قمر ونجوم ووروداً دون عطر وأشجاراً دون عصافير وليلاً لا يتبعه نهار فاختنقت.
 
 
وذلك الطفل الذي بدأ يتعلم الرسم، رسم أطفالا بلا رؤوس لأن معلم الرسم قال له “حرام رسم الإنسان برأس″ لأن الله “سيطلب منه يوم القيامة أن ينطقه”.. لقد أصبح إرهابياً يفصل الرؤوس عن الأجساد.
 
 
كنا نحب الحياة، كنا مجتمعات طبيعية مسالمة تعبر عن فرحها، إلا أننا ابتلينا بوسطاء بيننا وبين ربنا.
 
 
في بلداننا العربية قد تغرّم وتحبس إن أنت مارست الفن، بأنواعه، دون تصريح، وكأنك تمارس فعلا فاضحا في الطريق العام. بينما لا عقوبة تترتب على الإفتاء بجهل، والتضليل المتعمد، دون تصريح! إذ يكفي أن تعفي لحيتك وتقصر ثوبك أو سروالك وتجعل علاقته بحذائك بقدر.
 
 
وفي أحيان كثيرة قد تكفي اللحية ولا حرج إن لبس هذا المفتي من الثياب أفخرها.
 
 
هؤلاء.. يحللون ويحرمون وفق مزاجهم لكن ما بالهم لا يستحون!
 
 
في البداية قالوا بعض الفن حرام ثم أكدوا أن كل الفن حرام، حرموا كل شيء يحمل لفظ كلمة فن؛ ففن التمثيل حرام، وفن الغناء حرام، وفن النحت حرام، وفن التصوير حرام، وفن الموسيقى حرام، حتى بيع شرائط الكاسيت حرام.
 
 
الأغرب أنهم حرموا الصرخة أيضا. ربما لأن الصرخة بداية لليقظة والثورة.
 
 
لن تجد إرهابيا إلا ويحرم الفن، وحتى ما يعتبره حلالا يراه عبثا، من هنا تم تشكيله ليخاصم الأحياء والحياة ويرى سفك الدماء شرفا!
 
 
إنهم يديرون ظهورهم لكل الحياة ويؤسسون لفكر يقدس الموت ويعادي الفن والحريات والتعايش.
 
 
لم يفهموا ولن يفهموا أننا “نحب الحياة إذا استطعنا إليها سبيلا” وأن الحياة ليست سوى حلبة رقص، والحب هو الإيقاع.
 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد