الجمعة الحزينة في أوروبا - عبدالوهاب العمراني

mainThumb

24-06-2016 05:08 PM

كان لتداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عُقب الاستفتاء يوم الجمعة بمثابة زلزال سياسي واقتصادي له تداعياته بحيث سميت الجمعة الحزينة ، بداهة فأن خيار الشعب البريطاني يعكس معطيات وواقع بريطاني تحت سقف حق المواطن والدولة في تقرير المصير في علاقاته بإقليمة وهو ما سيؤثر على تفكيك داخلي أيضا أي داخل البيت البريطاني نفسه.
 
تدرِك بريطانيا بأن الاتحاد الأوروبي مهما عظم مقدراته وإمكانياته بحيث غدا عملاق اقتصادي ولكنه يظل قزم سياسي ومن هنا يفسر تلازم سياسة لندن بواشنطن ، فبريطانيا هي البلد إلام ثقافياً وتاريخياً للنُخب السياسية الكلاسيكية في أقوى إقتصاديا في العالم وهي الولايات المتحدة في هذه القارة الناشئة التي لم تبرز على المسرح الدولي إلا غداة الحرب العالمية الثانية ، فالعالم يحكمه السياسة قبل أن يؤثر عليه الاقتصاد .
 
معلوماً بأن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تتسم بالخصوصية والاستقرار منذ  علاقات بريطانيا بالولايات المتحدة تتسم بالخصوصية والاستقرار منذ أمد طويل ولاسيما منذ العام 1990 اذ تحالف البلدان منذ الحرب العالمية الثانية والحرب البادرة وحتى حرب الخليج وحرب أفغانستان وغزو الكويت ومؤخرا في محاربة (داعش) كما ان بريطانيا هي الحليف الرئيسي لأمريكا في المفاوضات في بروكسل حول المنطقة الحرة بين طرفي الأطلسي (أي أمريكا وأوربا)
 
وقد تسير  بلدان أوروبية أخرى بما اختارته بريطانيا ، فبعد تصاعد تيار اليمين المتطرف في أوروبا قد يعيد المزاج الأوروبي لموجة الدولة الوطنية وكان تصويت الفرنسيين والهولنديين والايرلنديين ضد دستور الاتحاد الأوروبي ومعاهدات لشبونة قبل عشر سنوات مصدر إزعاج كبير للمفوضية الأوروبية رغم انه لم يسفر عن تغيير كبير في بروكسل لكنه أعاد التذكير بأن الناخبين الأوروبيين لم يتعلموا حتى الآن احتضان فكرة "المشروع الأوروبي".  
 
ولان مصائب قوم عند قوم فوائد فاليمين المتطرف قد هلل لهذا الحدث ، فصوت اليمين الأوروبي يعلو مطالبا بلدانه بالانسحاب من الاتحاد بعد تصويت البريطانيين انسحاب بريطانيا ، انعكس ذلك على الإعلام الأوروبي في فرنسا وسواها بركان يغلي فقد ذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن انتشار “عدوى” الرغبة في الانسحاب كانت أبرز هواجس الاتحاد الأوروبي، إذ من شأن خروج بريطانيا أن يشجع دولا أخرى على أن تسلك المنحى نفسه. 
 
ومن المحتمل أن يؤدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي إلى تأثير تساقط أحجار الديمنيو في دول القارة العجوز
 
وكما أن بلدان تخسر فأن دولاً أخرى ستجني فوائد لاشك ، ولا يخفي المحللون أن المستفيد الأول من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هي (اللوكسمبورغ) ، وإن كانت سلطات هذا البلد تتحدث في الموضوع بصوت خافت. حيث ستتحول في حال مغادرة بريطانيا للاتحاد إلى أول سوق مالي في أوروبا يفتح شهية المصارف العالمية.
 
ولن يقتصر تداعيات الانسحاب على الاقتصاد رغم انه العامل الأساسي في ذلك بل سيكون هناك ثمة تداخلات سياسية بين المنظومة الأوروبية ذاتها فعلى سبيل المثال جبل طارق والذي هو إشكالية مزمنة بين اسبانيا وجوارها فالمغرب على سبيل المثال لطالما طالب بمدينتي (سبته) و(مليلة) وهما جيوب اسبانية في البر المغربي وكلما تطالب المغرب ترد اسبانيا لن نخرج من تلك المدينتين إلا بعد خروج بريطانيا من جبل طارق  ولسان حال المغرب ما علاقة هذا بذاك !
 
* كاتب ودبلوماسي يمني
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد