أحداث ذيبان - علي المستريحي

mainThumb

24-06-2016 05:26 PM

 أحداث ذيبان تستدعي إعادة تقييم للمفاهيم المطلقة وسط قراءة تحليلية للتغطية الاعلامية لاعتصام بعض العاطلين عن العمل في ذيبان ومجريات الاحداث التي دارت خلال اليومين الماضيين، كانت حالة الترقب للمشهد بين الكر والفر الاعلامي، حيث كانت المنصات الاعلامية الالكترونية ناقلة للحدث على لسان مصادر رسمية وناطقي مؤسسات الدولة من جانب، ولجنة شباب ذيبان و المتحدثين بإسم تجمعهم من جانب آخر. الا انه وفي ظل مستوى التعليم والخبرة التي يتوقع ان يمتاز بها مسؤولو وناطقو مؤسسات الدولة ، كانت تصريحاتهم المتتالية لا تخلو من الحاجة لاعادة تقييم في المفاهيم المطلقة والواسعة والتي من شأنها خلق اعتقاد فكري يجعل المترقب في حالة دفاع عن النفس للقادم المجهول الذي أنتجته هذه المفاهيم المطلقة والتي يمكن البناء عليها بما يتناسب مع أجندة القارئ. 

 
هيبة الدولة وسيادة القانون، العبارات التي رافقت تصريحات المسؤولين طوال اليومين الماضيين كذريعة لغوية واسعة المفاهيم لما يجري من أحداث في ذيبان، دون حصر هذه المفاهيم او استبدالها بحجم المشكلة الحقيقي، لتبقى مطلقة تلوح في الافق تسمح بتأويلها وتفسيرها من قبل الطرف الآخر كذريعة اخرى لشرعية ردود الافعال التي رافقت تلك الأحداث، بعد أن خلقت شعورا واعتقادا بتحول سياسة الأمن الناعم الى سياسة الامن المفرط التي تطلبت التحول من المَطالِب الى حالة الدفاع عن تلك المطَالِب. 
 
هيبة الدولة ليست بوليدة اللحظة بل رافقت تاريخ بناء الشخصية الاعتبارية للدولة الاردنية كإطار وسقف لا يمكن تجاوزه عند مرحلة معينة، وهيبة الدولة مصطلح معني ايضا للتأكيد على استقرار مكونات ومرتكزات هذه الدولة حال الشعور بوجود انفلات واسع يهدد بزوال الحضارة والتاريخ والمنجزات الاردنية.
 
 كان لا بد من اعادة تقييم تلك المفاهيم وحصرها بحالات ومراحل معينة وبأشخاص محددين وبأوقات أكثر تأزماً، لا ان تكون نغمة يدندن بها كل من شاء وكل من صرح ونطق، كي لا توصف المرحلة الحالية (على المستوى الداخلي) بأنها مرحلة أمنية، قد تنعكس سلبا على الداخل الاردني بانطلاق الشعور الذي يسول للنفوس الدنيئة الاعتقاد بأن الحال في انفلات وانه الوقت الأنسب لتنفيذ اي أجندة او للخروج عن القانون من جانب، ولعدم اعطاء الفرصة لتلك الدول ذات المخزون الواسع من الفكر الارهابي بتوجيه رسائلها الخاسئة التي تتمثل بقدرتها على تحريك أيدي الشر متى وكيفما شاءت. 
 
وفي الحديث عن هيبة الدولة، قياسا بدول الجوار التي نالت منها الثورات، والتي استخدمت هذا المصطلح لقناعتها بوجود حالة من الفشل والقصور التي رافقتها في بناء ثقتها وشخصيتها الوطنية والديمقراطية، مقابل تلاشي مفاهيم حب الوطن والانتماء، وهذا ما يتعارض مع فطرة الاردنيين التي جبلوا عليها، فلا يزال الاردنيون يعتزون بتاريخهم وانتمائهم وحضارتهم ويثقون بأجهزتهم ومؤسساتهم، حيث ان ابتعاد المسؤولين في تصريحاتهم عن المقاربة لما هو مخالف لفطرة الاردنيين كان الاولى به ان يتصدر عناوين بياناتهم الصحفية والاعلامية، فالاردن ليست مستباحة داخليا ولم تفقد هيبتها لكي تستعيدها. 
 
والأهم من كل ذلك اعادة لم شمل التعريف اللغوي لهيبة الدولة الذي تتفرع منه جزيئية الخوف من الدولة وجزيئية محبة الدولة ليتم التركيز على تحقيق الجزيئية الثانية في كل وقت دون ايقاف تفعيل الاولى عند الحاجة. 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد