اسرائيل الرابح الاكبر من الاتفاق مع تركيا

mainThumb

26-06-2016 04:18 PM

كما كان متوقعا لم تستمر القطيعة بين تركيا واسرائيل طويلا والتي بدأت بعد اعدام اسرائيل ‏لتسعة من الناشطين الاتراك الذين كانوا في طريقهم الى غزة بهدف كسر الحصار المفروض ‏هناك , وكما كان متوقعا توصل الطرفان اخيرا الى اتفاق عنوانه استعادة العلاقات  ‏الدبلوماسية بين الطرفين مع ان الاتصالات بين اسرائيل وتركيا لم تنقطع خلال تلك الفترة ‏ولكنها كانت تتم بشكل سري وفى اروقة متعددة , اليوم خرج الاتفاق الى الملء ولعل ‏الفلسطينيين فهموا  ان لا رهان في اي موضوع يمت للصراع على غير الفلسطينيين والجهد ‏الفلسطيني وعدم الاخذ بالوعود والعهود مع الغير على حساب الذات الوطنية والهوية النضالية  ‏‏, كان طرف من الفلسطينيين وخاصة حركة حماس الى وقت قريب يعتقد ان بيد تركيا مفاتيح ‏كل شيء وخاصة رفع الحصار عن غزة وكانت على ثقة ان تركيا لن تتخلي عن هذا الشرط ‏نهائيا  مقابل اي اتفاق بينها وبين اسرائيل, لكن ما حدث كشف مدي تفضيل تركيا لإسرائيل ‏بالدرجة الاولى ومدي بقاء تركيا على تواصل مع حماس وبقاء هذا الاتصال في المستوي ‏المطلوب ليخدم اسرائيل ايضا في قضايا تيسر لها تركيا مع حماس , الحقيقة ان كل من ‏اسرائيل وتركيا  لا تريدان خسارة الاتفاق واستعادة العلاقات بقوة لغرض اقتصادي وسياسي ‏هام وخاصة تركيا التي تريد ان يبقي لها موطئ قدم في كل مكان , هذا يعني ان علاقة تركيا ‏بحماس ايضا ستبقي جيدة لكن دون اسناد سياسي كبير يؤثر على العلاقة مع اسرائيل .‏
 
نشرت يديعوت احرنوت العبرية البنود العلنية  للاتفاق بين تركيا واسرائيل ولخصتها في ‏ثمانية بنود  نقرئها كالتالي , استعادة التطبيع بين البلدين بما في ذلك استبدال السفراء والتهيئة ‏لان تنضم اسرائيل لحلف شمال الاطلسي دون معارضة تركيا ,  اطلاق يد تركيا حرة تعمل ‏في غزة دون رفع للحصار وحدد الاتفاق بعض المشاريع التي ترغب تركيا في تنفيذها في غزة ‏واهمها انشاء محطة لتوليد الكهرباء واخري لتحلية المياه وانشاء مستشفى ,والاهم ان هذا ‏العمل سيتم بأيدي وخبرات تركية ولابد ان تمر الادوات والاجهزة والخبراء عبر الممرات ‏الاسرائيلية كالموانئ والمطارات  اي ان اسرائيل التي تتحكم في دخول اي دعم تركي لغزة , ‏اما فيما يخص الاتراك الذين اعدمهم الجيش الاسرائيلي فان تركيا قبلت بأن تدفع اسرائيل 21 ‏مليون دولار لأسر الضحايا وتقوم تركيا بالمقابل بسحب اي دعاوي قضائية بحق الضباط ‏الإسرائيليين المشاركين في عملية الاقتحام لسفينة مرمرة وبالتالي اعدام الضحايا الاتراك , اما ‏عن عمل حماس في تركيا فإن الاتفاق اكد على الزام تركيا لحماس بعدم العمل هناك فيما ‏يخص تخطيط وتنفيذ عمليات ضد اسرائيل وتخفيض تمثيل حماس السياسي الى ادنى مستوي ‏ومراقبة ومتابعة كل نشاط ينطلق من الارض التركية , المهم في الاتفاق والاهم ان اسرائيل ‏حصلت على ما تريد واكثر فقد حصلت اسرائيل على تعاون امنى استخباراتي اسرائيلي تركي ‏غير محدود وحصلت على سوق دائم للغاز الاسرائيلي في تركيا والدول الاوروبية وخاصة ان ‏الاتفاق يهيئ لمد خط غاز احتياطي اسرائيلي لتركيا خلال السنوات القريبة القادمة.‏
 
لو وضعنا الاتفاق على مسطرة التقييم الدقيق والعميق  لوجدنا ان  الاتفاق يصب في مصلحة ‏إسرائيل كثيرا واسرائيل المستفيد الاول امنيا وسياسيا واقتصاديا من هذا الاتفاق والمقابل فقط ‏‏21 مليون دولار تعويض للضحايا الا ان تركيا فضلت هذا الاتفاق بالرغم وتخلت عن الامل ‏الاخير للفلسطينيين برفع الحصار عن غزة وبالتالي فإن قيمة اي دور تركي يبذل في الصراع ‏لم يعد له اهمية وبات مشكوكا فيه , اسرائيل هنا ابقت على حصار غزة وقيدت عمل حماس ‏في انقرة , وضمنت دعم تركي هام في الانضمام لحف شمال الاطلسي واستطاعت ان تنسق ‏مع تركيا في التدخل في الشأن السوري  ,واستطاعت بناء جسر مع العالم عبر تركيا وهي ‏الرغبة الاسرائيلية الجامحة والتي كانت تركيا بمثابة حجر عثرة امام ذلك وهذا يعني ان ‏اسرائيل وقوتها العسكرية على موعد مع التفوق والتطور النوعي في الاقليم بما يزيد من قوة ‏الردع الاسرائيلي للخصوم في المنطقة ويعزز  مكانة اسرائيل السياسية في العالم وخاصة فيما ‏يتعلق  بالصراع لان اسرائيل سوف تثبت ان العالم يريد لإسرائيل البقاء قوية ولن ينفذ اي ‏عقوبات بحقها , بل ان اسرائيل هنا سوف تستفيد من تجارة السلاح والتكنولوجيا العسكرية مع ‏دول الناتو وبالعكس, ولعل الغاز الاسرائيلي كان المحرك الحقيقي وراء الاتفاق بين البلدين ‏وخاصة ان رجب طيب ارغان كان قد اجتمع لمدة 30 دقيقة مع وزير الطاقة الاسرائيلية ‏‏(يوفال شتاينتز) على هامش قمة للأمن النووي التي عقدت في واشنطن اذار الماضي وبعد ‏الاجتماع سارت خطوات التقارب واستعادة العلاقات بشكل سريع جدا الى ان تضمن الاتفاق ‏في اهم نقاطه رفع مستوي التبادل التجاري والصناعي بين اسرائيل وتركيا واعتماد تركيا ناقلا ‏وسوقا للغاز الاسرائيلي الى دول اوروبا مما يحقق لإسرائيل مليارات الدولارات ويكسر ‏قرارات الاتحاد الاوربي من خلال تركيا فيما يتعلق بالمقاطعة التجارية والاكاديمية لإسرائيل ‏على خلفية استمرار الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية .    
   ‏
Dr.hani_analysisi@yahoo.com.‎


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد