شيطان الانتخابات‎

mainThumb

26-06-2016 04:32 PM

مع تجاربنا المتكررة  للانتخابات على مدى 25 سنة، أيقنت ‏أن هناك شيطانا للانتخابات، وهذا الشيطان مهمته اقناع ‏المتطلعين للنفوذ والأضواء، بأن يقدموا  ويقتحموا غمار ‏الانتخابات.. كنوع من الفتنة التي يستمتع بها الشيطان، فيبدأ ‏يصور لهم أن الأمر في أيديهم فلا يتركونه يذهب ويضيعون ‏الفرصة الذهبية، وهذا الشيطان يبقى معهم ويسهل لهم الأمر، ‏ويغريهم بكل وسائل الايضاح الى أن يوصلهم الى حافة ‏الرسوب، وهناك يتركهم يلاقون مصيرهم، ثم يولي هاربا ‏يقهقه من جهلهم!! و قبل أن يتنصل من فعلته، يقنع الشخص ‏الراسب أن جهة معينة أو مجموعة، أو شخص وراء رسوبه، ‏فيصنع من الراسب نفسية حاقدة على كل من حولها وعنصر ‏هدم في المجتمع..‏
 
‏ الشيطان يبدأ اقناع الشخص بانه هو من يستحق ان يكون ‏نائبا! وإن اعترض المستهدف لأمر ما، يسهل له كل ‏الصعاب!! فكل الصعاب يمكن ان يتغلب عليها خلال أسبوع، ‏فالخجل من الجموع، والهيبة من الحديث، وقلة الثقافة ‏السياسية، وعدم الخبرة بالمجتمع، وبعض المشاكل النفسية، ‏كاللعثمة عندما تتجه العيون اليه، والتعرق الشديد، والصمت ‏الذي يعتريه اذا أرخى المستعمون آذانهم اليه، كلها يستطيع ‏التغلب عليها مع الأيام عن طريق الممارسة العملية..‏
 
أما الشخصية والرصانة .... فأنت رأيت المجلس السابق ‏فحتما سيكون أداؤك أفضل من كثير ممن رأيتهم في المجلس، ‏فلا ينقصك الصوت العالي لتزاحم الآخرين في المعامع، ولا ‏ينقصك العناد ولا العنجهية ولا التهور أو الزعرنة لتكون ‏نجما في البرلمان، ولا يقلقك الأمر من ناحية عدم فهمك في ‏التشريعات أو القانون، وأنك لم تطلع على الدستور ولا على ‏قصة روبنسون كروزو، فستجد من يتبرع لك بكل ما تريد.. ‏من قبيل ماذا تقول  في المداخلات البرلمانية، وكيف تصوت! ‏وان شئت أن تتحدث يقدم لك الكلمة، وإن شئت أن تحصد  ‏الأضواء والشهرة فستجد لك عرابا يعطيك أفكارا جنونية ‏تجعلك نجما خلال أشهر.‏
 
المهم تقدم وسترى كيف يذعن لك الناس ويكبرونك، ويهشون ‏لك ويبشون،وأنت في سيارة المجلس الفخمة، وكيف سيسطع ‏نجمك على الشاشة الوطنية وفي الجاهات، وكيف ستتحدث ‏عنك النساء  في مواقع التواصل، ويتبادلن صورك مع ‏عبارات الاكبار وكيف يخلعن عليك عبارات الرجولة، كلما ‏خرجت من " هوشة " تحت القبة، وقد تحضى ب"الزغاريد" ‏إن أقبلت الى عرس على النمط القديم،.. فتصور شعورك ‏لحظتها..انها أشياء لا تشترى!!.‏
 
إياك أن تستمع الى "المتزمتين" و"المتفذلكين" الذين يتحدثون ‏عن وطن وعن أمة، وعن دولة لها سيادة، وعن حقوق ‏المواطن، وعن المواقف المبدئية، فالأمة أنت والوطن أنت، ‏والعزة هي: كم تحصد من الأموال، والوطن ما هو الا الوسط ‏الذي تعيش فيه يومك، وعلاقاتك التي تجمعك مع المسؤولين ‏والوجهاء في المراسم والجاهات، فكن دبلوماسيا ومطيعا، ‏تبقى أطول مدة تحت الأضواء وتحصل على الهبات وتنال ‏الرضا من أصحاب النفوذ.‏
 
‏   والحياة تتوقف على كلمة منك،..قررت أن أرشح نفسي.. ‏افعلها! وستنثال عليك الحياة، لاتفكر بغير هذه الايجابيات، لا ‏تفكر بالمنافسين فهم لا شيء- والناس كلها معك-، وانس ‏لحظة النتائج، فطاقتك الايجابية ستصنع لك النجاح، وإن لم ‏تصنعه ستبرر لك الرسوب بطريقة لا تخلو من عزة وإباء ‏وكرامة.‏
 
‏ جلس الشيطان يراقب يوم الانتخابات، وهو سعيد، واخذ ‏يترحم على من يدير الانتخابات في العالم والعالم العربي، ‏فالانسان طوّر عمله وسهله في جميع جوانب حياته، حتى أنه ‏لم يبخل على الشيطان في الدعم لتطوير عمله، وكان اختراعه ‏العجيب هو الانتخابات، التي اختصرت على الشيطان ‏مسافات، لم يكن له أن يقطعها نحو افساد المجتمعات، لولاها..‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد