دكانة الشيخ .. ‎

mainThumb

12-07-2016 12:17 PM

 في باديتنا حيث يعيش الناس بلا تخطيط للحياة، ولا تفكير بها، ‏وهذا مرده طبيعة عيشهم . . فهم يعيشون يوما بيوم، لا يقلقهم ‏المستقبل إذ لا ينتظرون منه شيئا ولن يغير فيهم شيئا..!! فبيت ‏الشعر لن تضاف له طوابق  جديدة، والمواشي والإبل كالعادة ‏ستبقى تنتج الحليب وأقصى ما يحدث لها هو أن يقص شعرها أو ‏تذبح وتؤكل وهي أمور اعتادها البدوي وما عاد يفكر بها. .‏

 
‏ حاجاته كلها مشبعة إلا من بعض حاجات نفسية، تتعلق ‏بالفروسية والفخر وتضخيم الذاتّ!! وهذه تشبعها الشبرية ‏والسيف والفرس وهي أيضا متوفرة .‏
 
‏ يبقى ذلك الشعور الذي يمنحه قيمة وجوده، كالافعال الطيبة ‏ومكارم الأخلاق والكرم حيث تمنحه هذه الأفعال شعورا بالسيادة ‏ولذة الحياة، وهذا الشعور تمنحه طبيعة حياة البادية.. ‏
 
كان البدوي يعيش هذه الحياة الحرة الهانئة، لا يعكر صفوه ‏معكر، إلى أن دخل مضاربهم غريب شرير أقنع الشيخ أن ينشئ ‏له دكانا يبيع ويشتري ويستثمر حاجة البدو، يأخذ ما عندهم من ‏انتاج، ويبيعهم أشياء هم بحاجتها أو سيكونون بحاجتها، ويكون ‏هو المسؤول عنها فيكسب المال والمجد والسيادة على العربان. ‏‏.‏
 
 
وافق الشيخ فأنشا الغريب الدكان ومدها بالمال وكل ما تحتاجه ‏وأطلق يد الشيخ بها.  فأخذ الشيخ يأكل منها على غير هدى، ‏وإن غاب سلمها لابنه وزوجته فعاثوا فيها فسادا، ومكنوا ‏صبيانهم منها فبعثروا موجوداتها، وفرقوا خيراتها على أترابهم، ‏وكذلك فعلت زوجته حتى أكلها الهمل. .‏
 
ومازال هذا دأبهم حتى أتوا على كل خيرات العرب،... باعوا ‏الغنم لدعم الدكان، باعوا الإبل لتبقى الدكان. . كل ما تنتجه ‏الدكان يذهب للغريب والشيخ ومحاسيب الشيخ. .. كل ما يأتي ‏هامل من همل الغريب يبعثونه للدكان كي يصلح أحواله. . وكل ‏رفيق للشيخ أو أحد المتعلقين به يدخله في الدكان ليأخذ ما يريد ‏وينتفع. ..‏
 
مع مرور السنين أنهكت الدكان، وأنهكت العربان، ولم يبق ما ‏يقدمونه لها، لكي تبقى ولو صوريا، وأسقط بيد صبيان الشيخ ‏ومعالينه والمدافعين عنه، واعترفوا بالحقيقة المرة، بأنهم فقدوا ‏كل شيء..!!‏
 
‏ عندما انهارت الدكان ..كان الشيخ والغريب وأدواتهم المقربة، ‏يحضنون أموالهم خارج الصحراء ..‏
 
وأصبح العربان الذين فقدوا كل حياتهم، تائهون في صحرائهم ‏التي انتزعها منهم الغريب محاصرون في بلادهم!!  يحثون ‏رمال الصحراء على رؤوسهم، ألما وحسرة، على ما فرطوا في ‏حقوقهم وفي أرضهم، ومستقبل أبنائهم..‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد