من بداية الانقلاب تحدثت مع صديق كنت برفقته في تلك اللحظات أن هذا الانقلاب لن ينجح وان تمنيت له من أعماقي النجاح ، وعندما سألني عن الأسباب قلت لا يوجد انقلاب في تاريخ الأمم والشعوب لا يعرف الناس هوية القائمين عليه ، واستعرضت معه تاريخ الانقلابات في تركيا منذ أول انقلاب عام 1960م ، مرورا بالانقلاب الذي قاده كنعان افرن عام 1980م ، وصولا للانقلاب الأخير الذي أرى أنه لم يكن انقلاب بقدر ما هو رسالة أمريكية للسلطان المزعوم مفادها اعرف حجمك جيدا .
وما أستغربه حماس الكثير من أبناء شعبنا لهذا الاردوغان وعلى ماذا لا أعرف ، وإذا سألت أحدهم يقول لك أن وضع تركيا الحديث وتقدمها بلون إسلامي ، ولو أردنا مناقشة هذا المنطق لقلنا حتى ولو عمل كل ذلك لبلده ولكن لا ننسى أنه على حساب دماء أبناء شعبنا في العراق وليبيا وسوريا ، وها هي ليبيا اليوم على أبواب التقسيم وهناك حرب أهلية واضحة بسبب ما قيل عن ثورة أقامها زعران الناتو ومنهم تركيا أردوغان ، والعراق ووضعه حدث ولا حرج من جرائم السلطان المزعوم وسوريا الذي فشل الإرهاب التكفيري والآلاف من أبنائها استشهدوا أو هجروا وفككت حتى المصانع من مدينة حلب وأرسلت الى تركيا في سرقة ونهب واضح لأهم الأقطار العربية حضارة وتاريخ .
وأردوغان نفسه هل يعرف معنى الشرعية ، ألم ينقلب على معلمه وقائده البروفسور نجم الدين أربكان رحمه الله وثم انقلابه على كل من عمل معه من عبد الله غول وصولا لأحمد أوغلو ولا ننسى المعارض التركي في أمريكا غولن الذي اتهم زورا بأنه وراء الانقلاب الفاشل وبعد ذلك ألم ينقلب أردوغان على الشهيد معمر القذاف وهو يعلم أنه لا يوجد ثورة في ليبيا وإنما أمريكا وفرنسا أرادوا إسقاط نظام العقيد معمر ألقذافي لأنه طالب بوحدة العملة الإفريقية كما اعترف الأعداء أنفسهم وان من تولى قيادة الثورة المزعومة في ليبيا الصهيوني الفرنسي برنارد ليفي الذي يحمل جنسيتين ما يسمى بالإسرائيلية والفرنسية ، وهو الذي فضح كل عملائه في كتابه ( الحرب التي لا نريدها ) وكانت طائرات أردوغان أول من قصف ليبيا رغم الاستثمارات التجارية بالمليارات بين البلدين ولصالح تركيا أولا ناهيك عن تقاربهما مع سوريا والانقلاب عليها بعد أن أدخلته ثقافيا لكل بيت عربي من خلال المسلسلات والأفلام التركية باللهجة السورية والعراق الذي كان احد ضحاياها ولا زال عدوانه على الشمال مستمرا .
وعلاقته المتميزة مع الصهاينة ولعقه حذائهم بعد عنتريات قليلة متفق عليها مع الصهاينة وهو من صرح لأحد الصحف الصهيونية بأن شارون أفضل رئيس لوزراء العدو تعامل معه ، وسبحان الله ما ارخص الدماء العربية التي تنتهي على فنجان قهوة في الوقت الذي نرى الأمم المحترمة لا تنسى ضحاياها ، والشعب ألأرمني أقرب مثال على ذلك حيث أجبر الكثير من الدول أن تعترف بالجرائم العثمانية بحق أبنائها علما أن الدولة الأرمينية ليست من الدول الغنية وحتى استقلالها حديثا نسبيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ولكنها أمة تحترم تاريخها وتضحية أبنائها ، أما العرب فإكرام الميت دفنه وبعد ذلك فنجان القهوة العربية وكأسك يا وطن .
الانقلاب الذي شهدته تركيا مساء الجمعة الماضية أو الرسالة الأمريكية وصلت لأردوغان وان كانت مغموسة بدماء أبناء الشعب التركي وجاء وقت الاستحقاق فقد عاد أردوغان للسلطة وخسرت تركيا والثمن سيكون فادحا في المستقبل ولا أعلم المتحمسين لاردوغان ماذا يقولون عن إعادة تحالفه الذي لم يتغير أصلا مع الصهاينة وسماحه حتى للشواذ جنسيا بالحرية الكاملة انه الإسلام الصهيو أمريكي الذي يتبناه هذا الدجال ، وما غزعبلاته الخطابية إلا للضحك على الذقون واستغلال الدهماء من جماهيرنا العربية . وللأسف ما أكثرهم وتمنينا أن يكون حماسهم لوطنهم وأمتهم مثل حماسهم لذلك النصاب السياسي أردوغان .
والمهم أن الأيام القادمة ستثبت لكل من أحسن الظن بهذا النصاب أن هناك أسرار وخفايا وراء هذا الانقلاب الفاشل وما يحدث أشبه بالمسرحية أو رسالة دموية وجهتها أمريكا لعميلها أردوغان ، وفحواها اعرف حجمك والتزم حدودك بعد أن حاول تجاوز حدوده خاصة باستفزاز دول عظمى كروسيا وإحراج الناتو وهي عضو به ومحاولة جر الحلف لحرب قد تنهي الوجود الإنساني على هذا الكوكب ليرضي غروره وشهوة الانتقام لديه خاصة بعد فشله الذريع في إسقاط النظام القومي في سوريا العروبة .
وما هو مخجل أن البعض في وطننا لم يبق عليهم إلا استقباله على طريقة طلع البدر علينا .
ليس أخير الأيام ستثبت وتعري هذا النصاب وللأسف رأينا من يرفع صوره حتى على السيارات والأماكن العامة وكأنه صلاح الدين عائدا من تحرير فلسطين ولا غرابة أن الذين رفعوا صورة أردوغان هم بعضهم من رفع صور القتلة ابن لادن والزرقاوي وأعلام داعش والإرهاب وجهه واحد وان حمل عناوين مختلفة
وما نقوله لأمتنا وشعبنا إلا ما قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام (أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ، وابغض بغيضك يوما ما عسى أن يكون حبيبك يوما ) ولا عزاء للصامتين .