من يجرؤ - حياة ابو فاضل

mainThumb

21-07-2016 10:08 AM

بعد 26 سنة جفاف وعقم وفشل لا ينضب حملها اتفاق "طائف" جاء خاتمة مأسوية لحرب أهلية فككت لبنان الذي كان رائد تفكيك المنطقة الى مساحات مذهبية منكوبة بالجهل - بعد 26 سنة "طائفية"، لبنان بلا رئيس للجمهورية لأكثر من سنتين. وبمجلس تشريعي غير شرعي بعدما مدّد لنفسه مرّتين، ومجلس تنفيذي لم يفاجأ بعجزه عن ردّ مطلق كابوس أحال الوطن مزبلة كبيرة، وصار كل ما فيه مصدر أوبئة قاتلة بدءاً من كل ما له علاقة بالغذاء والماء والكهرباء، وانتهاء بما يقضي على مطلق أمل في وطن عادي، سليم مثل الطرق والسير وأخلاق أهل السير، الى الينابيع الملوّثة والأنهر – المجاري، وبطء العمل في الدوائر الرسمية وفي المحاكم، وفي... وفي... ولم يبق لنا الا مهرجانات صيف عليها بصمات نوابنا ووزرائنا الذين ما تغيّروا منذ ما قبل "الطائف" الذي ما عاد يليق بنا غيره.
 
 
 
 
ألهذا قال دولة رئيس السلطة التنفيذية اثناء مؤتمر جرى بالامس: من يجرؤ على المسّ باتفاق الطائف أو بتغييره؟ يا دولة الرئيس، الا يستحق اتفاق الطائف جلسة تقويم بعد 26 سنة لم تنفذوا خلالها إلّا قليلاً من بنوده السطحية في رعاية اصحاب فخامة غابوا واصحاب دولة لا يتغيّرون؟ متى يمكنكم تنفيذ بند أو بندين مما بقي حبراً على ورق ربع قرن تأجيل وتباطؤ ولا مبالاة ومذهبة، ثم إرهاب مذهبي قاض على الحضارات وعلى الفكر القابل للتطوّر، بينما العالم الغربي الذي يبرمج حياتنا خلع عنه من زمان عباءة العداء المذهبي، وفصل الدين عن الدولة، وطوّر المفهوم العلمي التكنولوجي للوجود، وصار الفضاء ملعبه... أما نحن؟
 
 
 
أما نحن، فواقفون عند اتفاق الطائف الذي بقي لغزاً، وما أفهمنا حكامنا كم قرن يلزمهم ليبدأوا التفكير ولو في قراءته. ولا هم اخبرونا كم سيظلون يدورون في دائرة الارتكاب والتكاذب والمواربة حتى أفلست كل مؤسسات الدولة وامتلأت صناديقهم. ويأتي دائماً من يرشدنا، نحن الشعب، الى الطريق القويم، طريق البال الطويل المحفوف بالصمت، فنحن بلد سياحي، والسياحة تعني الأفواه المطبقة الا عند الأكل، وليذهب الوطن الى الجحيم، وها هو اليوم يرقص ويغني الصيف في قلب الجحيم.
 
 
 
وبيننا في هذا الوطن من لا ينتمي الى مطلق قطيع، فكيف نعيش في دولة ماض مضى، يصرّ حكامها على البقاء داخل جدران الجهل، ونصرّ نحن على بناء وطن جاهز لما سيأتي به زمن آت لانسان الكوكب حيث لن يكون هناك تعتيم على إرساء قواعد الحياة المنفتحة على فهم أعمق للمسيرة البشرية، وهذا ما سيمحو ظاهرة الإرهاب، الطالعة من فكر عاجز عن التطور.. عندها فقط سنتحرر مهما طال الزمن.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد