الغرب يريد إسقاط أردوغان - كافي علي

mainThumb

23-07-2016 10:05 AM

ما شهده الغرب من عنف الإسلام السياسي يحتم عليه مواجهة أي مشروع سياسي ينقل الحكم من القصور وأروقة السياسة إلى المساجد وهيمنة رجال الدين، وإن كان في تركيا حليفه الاستراتيجي في المنطقة.
 
 
في العام 2015 بلغ عدد أعضاء حزب التنمية والعدالة حوالي عشرة ملايين من مجموع 75 مليون نسمة، في بلد 95 بالمئة من سكانه مسلمون. تلك هي المعادلة الرقمية لأنصار رجب طيب أردوغان في تركيا.
 
 
 
بعيدا عن الإعلام العربي للإخوان المسلمين وقريبا من الواقع، هل خرج الناس في تركيا تأييدا لأردوغان وحكمه أم اعتراضا على حكم العسكر؟ وإذا كبّرت 75000 مئذنة مطالبة الناس بالاستجابة إلى النداء الذي أطلقه الرئيس ضد جيشهم، هل خرج المسلم التركي استجابة لأئمة المساجد أم لأردوغان؟
 
 
فشل الانقلاب العسكري يأخذ تركيا إلى صراع داخلي هو الأسوأ في تاريخها الحديث. فهل ستصمد قوة المساجد أمام قوة ثاني جيش في حلف الناتو، وما هو دور أميركا والاتحاد الأوروبي في الصراع؟
 
 
المتابع لأخبار حلف الناتو يلاحظ قلق الحلف من التوغل الروسي في المنطقة بسبب الأزمة في سوريا، وقد عبر قادة الحلف عن عدم ارتياحهم للتواجد الروسي في أكثر من مناسبة.
 
 
إذا توقفنا عند التغيير المفاجئ للموقف التركي من روسيا وتقديم أردوغان اعتذار يكاد يكون اعتذار المستسلم للجانب الروسي، نستنتج بأن هناك ما دفع الرئيس التركي إلى تقديم التنازلات ليس لروسيا فقط ولكن لإسرائيل أيضا، وكذلك إظهار المرونة في موقفه من بشار الأسد للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في سوريا.
 
 
هل أدرك أردوغان بأن أميركا والغرب يسعيان إلى وضع حد لسياسته المتأرجحة بين التوجهات العلمانية لمسايرة الغرب من أجل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وبين التوجهات الإسلامية لمسايرة الشرق من أجل تجارة الطاقة.
 
 
كشفت الأزمة بين روسيا وتركيا، بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية، بأن تركيا هي الرئة التي يتنفس بها تنظيم داعش، وأن دور السياسة التركية في المنطقة ليست محاربة الإرهاب ولكن التعامل مع جميع أطراف الصراع بما يحقق المزيد من المكاسب، خاصة الاقتصادية منها.
 
 
طوال فترة حكمه السابقة تمكن حزب التنمية والعدالة من تحقيق العديد من الإنجازات في مجال التنمية والاقتصاد. انتشال الحزب للاقتصاد التركي من الانهيار كان السبب الرئيسي لشعبيته وفوزه في الانتخابات.
 
 
عندما يتفوق حزب التنمية والعدالة بنسبة ضئيلة على خصومه في الانتخابات، ندرك من خلال المعادلة الرقمية التي أشرنا إليها في المقدمة بأن السبب في زيادة شعبية الحزب ليس توجهاته الإسلامية، ولكن قدرته على رفع المستوى المعيشي للمواطن التركي.
 
 
مارس الحزب سياسة ناجحة حرصت على فرض تركيا كقوة مؤثرة في المنطقة ولاعب رئيسي في ما يعصف بها من أزمات. سياسة لا تسعى إلى تبني مشروع إسلامي توسعي وتشكيل التحالفات مع هذه الجهة أو تلك، وإنما إلى تحقيق المصالح السياسية والاقتصادية. الغاية تبرر الوسيلة، وللإنسانية نوافذ تطل على جني الأرباح، وإن كان تقديم التنازلات لروسيا على حساب القضية السورية.
 
 
قبل الانقلاب العسكري الأخير في تركيا، سادت العلاقات التركية الأوروبية حالة من التوتر بسبب السياسة التركية من مشكلة النازحين وقرار اعتراف ألمانيا بمجزرة الأرمن. القرار الألماني أضعف الأمل في انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي كدولة علمانية، ودفعها إلى إيجاد حلول لأزمتها مع روسيا وإسرائيل.
 
 
قبل أيام من الانقلاب في تركيا، وقّعت أميركا اتفاقيات عسكرية مع إقليم كردستان في العراق لإنشاء ثلاث قواعد عسكرية لها ودعم حكومة الأقاليم وتدريب قوات البشمركة. هل كانت أميركا تستعد للاستغناء عن قاعدة آنجرليك التركية في حربها على داعش بسبب أزمة داخلية متوقعة في تركيا؟ وهل توقيع أميركا للاتفاقيات مع حكومة الإقليم بعيدا عن حكومة بغداد ينبئ بتغيرات تتعلق بمصير القضية الكردية والموقف الإيراني- التركي منها؟
 
 
في النهاية حزب العدالة والتنمية، حزب إسلامي يسعى إلى تطبيق الشريعة وفق منهج منفتح على العلمانية، لا لغرض الانسجام معها، ولكن للتغلغل في مفاصل الدولة وإحداث التغيير التدريجي الذي ينقل المجتمع التركي من العلمانية إلى الإسلاموية.
 
 
مشروع سياسي إسلامي، وإن كان مقتصرا على المجتمع التركي في الوقت الراهن، إلا أنه، سيشكل في ما بعد خطرا كبيرا يهدد المصالح الأميركية والأوروبية في المنطقة.
 
 
مشروع لا يختلف عن مشروع ولاية الفقيه في إيران، أو مشروع داعش لدولة الخلافة، إلا في الوسيلة التي يتبعها حزب التنمية والعدالة في تنفيذه.
 
 
المنهج التكفيري لداعش في تطبيق الشريعة، والمنهج الطائفي الإيراني في تطبيقها، والمنهج الصوفي التركي في تطبيقها، في النهاية يرفع درجة الشعور بالخطر في المجتمع الغربي بسبب موقفه من الشريعة الإسلامية وموقف الشريعة منه.
 
 
ما شهده الغرب من عنف الإسلام السياسي يحتم عليه مواجهة أي مشروع سياسي ينقل الحكم من القصور وأروقة السياسة إلى المساجد وهيمنة رجال الدين، وإن كان في تركيا، حليفه الاستراتيجي في المنطقة.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد