المناهج المدرسية في الإستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية

mainThumb

01-08-2016 03:17 PM

قامت اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية برئاسة أمين عام وزارة ‏التعليم العالي الأسبق د. تركي عبيدات، وعضوية نخبة متميزة من رجالات التعليم في الأردن ‏بوضع خطة لإصلاح المناهج المدرسية، وجعلها مواكبة للعصر.‏

 
‏ وقد وضعت نصب عينيها أهدافا رأتها ضرورية للمناهج المدرسية التي تخرج جيلا من ‏المتعلمين القادرين علميا وفكريا وثقافيا، وترقى لمستجدات الحياة العصرية والتكنولوجية، ‏فوضعت إطارا حديثا لها يركز على المكونات المعرفية والفكرية والثقافية، ويؤكد منظومة القيم ‏الوطنية والاجتماعية والأخلاقية، ومقومات المواطنة الصالحة، والانتماء الوطني لدى المتعلم، ‏ويعرف الطلبة بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، والحوار البعيد عن العنف والتطرف، وذلك ‏في المراحل الدراسية المختلفة.‏
 
ولا بد للمناهج المدرسية المأمولة من جسر الفجوة بين متطلبات الواقع والنتاجات التعلمية؛ لإعداد ‏متعلم يملك المعارف، والقدرات الأساسية، والمهارات اللغوية، والتكنولوجيا الحديثة، ويتمتع ‏بشخصية واثقة، ويمتلك قدرة على التفكير والنقد والتحليل والتعايش مع شرائح المجتمع، ضمن ‏تنوعها الثقافي والديني والعرقي.‏
 
‏ وللمناهج  مرتكزات أساسية  أكدت عليها اللجنة من أهمها: المعرفة الإنسانية بأشكالها المختلفة، ‏وخصائص المتعلم بمكوناته العقلية والنفسية، والانفعالية، والمهارية، والتغيرات المجتمعية الثقافية ‏والسياسية والاجتماعية، والتغيرات الديموغرافية وما تفرضه من واقع ثقافي خاص، وكذلك القيم ‏الوطنية والإسلامية، والتكنولوجيا وتغيراتها.‏
 
‏ وأكدت اللجنة ضرورة تمتع المنهاج المدرسي بمواصفات متميزة من أهمها: التكامل بين ‏المقررات جميعها ضمن المراحل التعليمية كافة، والشمول في المفاهيم والموضوعات والمعارف ‏الضرورية لحياة المتعلم وحاجاته اليومية والمجتمعية، والإنسانية عبر الصفوف والمراحل ‏الدراسية، والتناغم وعدم التناقض بين المقررات الدراسية المختلفة، والجمالية في الأسلوب ‏واللغة، وفي الشكل والإخراج، وفي الموضوع والمضمون، والانفتاح على الحياة والآخر ‏والحضارة، وتنمية  التفكير والعقلية الواعية المستقلة، والعمق في المعرفة وعدم السطحية، ‏والتشويق وإثارة الدافعية عند المتعلم، والاعتزاز بالانتماء للوطن والأمة، والأصالة والمعاصرة ‏ومواكبة الحداثة، وتعزيز قيم التعايش والسلم المجتمعي، واحترام الرأي الآخر.‏
 
يتطلب تطوير المناهج المدرسية تكاتف جهود عدد من المؤسسات مع ما تبذله وزارة التربية ‏والتعليم من عمليات التقويم والإصلاح، مثل الجامعات، وأكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين، ‏والمركز الوطني لتنمية الموارد البشرية، ومراعاة حاجات المتعلمين في المراحل العمرية ‏المختلفة، في ضوء المستجدات الثقافية والديموغرافية.‏
 
ولأن طرائق التعليم وأساليبه لا تقل أهمية عن محتوى المنهاج ذاته، فهي تلهم التفكير، وتثير ‏التحدي، وترتقي بمستوى الوعي، وتحفز على الإبداع والابتكار والتميز، فلا بد لها من الاهتمام ‏بجميع مدخلات العملية التعليمية العلمية، وفي مقدمتها: الكتاب المدرسي، والمتعلم، والمعلم، ‏والبيئة التعليمية التعلمية، مراعاة لجميع أنماط التعلم للفئات العمرية المختلفة، ونظريات التعلم ‏الحديثة، وتوظيف أدوات تكنولوجيا الاتصال والمعلومات في عمليات التعليم والتعلم، والتركيز ‏على المنظومة الثقافية والأخلاقية والقيمية؛ لما لها من أهمية في مواجهة التحديات والمستجدات ‏في الحاضر والمستقبل، وتعزيز القيم الدينية التي تؤكد الوسطية والابتعاد عن التطرف في جميع ‏المناهج الدراسية، وعدم حصرها في مناهج التربية الدينية.‏
 
أوصت اللجنة بإعادة صياغة رؤيا المناهج ورسالتها وقيمها وغاياتها وأهدافها الإستراتيجية، بما ‏يتناغم مع فلسفة النظام التربوي الأردني وأهدافه، التي سيتم في ضوئها تحقيق النتاجات التعلمية، ‏وإجراء دراسة علمية تحليلية موضوعية دقيقة ومتكاملة وشاملة لجميع عمليات بناء المناهج ‏المدرسية وتطويرها التي قامت بها الجهات الرسمية وغير الرسمية في الأردن في سبيل عملية ‏تطوير المناهج أو تغييرها أو تحسينها، وتحليل المناهج الحالية، والتعرف على واقعها، ضمن ‏إطار واضح، ومعايير دقيقة تستشرف الدور المستقبلي للمناهج في بناء الوطن والمواطن، ‏ودراسة ماهية التغيرات الديموغرافية والتكنولوجية والسياسية والاجتماعية، وتحديد تأثيراتها ‏وإسهاماتها في بناء شخصية المتعلم، وتحديد خصائص المناهج ومكوناتها في ضوء المعايير ‏الحديثة، وبحيث تسترشد بالأدب النظري، والتجارب العلمية الإقليمية والدولية؛ لصياغات المناهج ‏وإخراجها بالشكل المطلوب، وبما يراعي التغيرات التي تفرضها التكنولوجيا والثورة المعلوماتية، ‏وإعداد إطار تكاملي واضح لخصائص الطالب الذي نريد من خلال المناهج، بحيث تشمل ‏الخصائص المعرفية والوجدانية والنفسية والاجتماعية (بما فيها القيم الوطنية والإسلامية ‏السمحة)، والسمات الشخصية موزعة حسب المراحل الارتقائية والعمرية والدراسية المختلفة، ‏ووضع خطة تنفيذية لمتابعة العمل وتقويمه، هدفها المحافظة على النهج التطويري المستمر ‏للمناهج وعملياتها، وربط التطوير بالمستجدات التي  تؤثر في المناهج وتنفيذها، والتشاركية ‏والتوأمة بين كليات التربية في الجامعات الأردنية، ووزارة التربية والتعليم، وأكاديمية الملكة رانيا ‏لتدريب المعلمين، وبيوت الخبرة، والجهات ذات العلاقة حول تنفيذ متطلبات نجاح المناهج ‏الدراسية، والتركيز على بناء المعرفة، وتوظيفها في المناهج الدراسية، وربطها بقضايا المجتمع ‏المحلي والإقليمي والدولي، وإعداد معاٌيير لبناء المناهج الدراسية واعتمادها، وإعداد المناهج ‏الدراسية أو تطويرها في ضوء المعايير المعتمدة، وتقويم المناهج الدراسٌة بعد تجريبها، توأسيس ‏هيئة وطنية شبه مستقلة للمناهج الدراسية، بحيث تضطلع بمهام ومسؤوليات وفقاً للإطار ‏المقترح، على أن يتم معالجة هذا الموضوع في حال إقراره في قانون التربية والتعليم.‏
 
إن الجهود الجبارة التي قام بها رئيس اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية وزير التعليم العالي د ‏وجيه عويس وأعضاء اللجنة في وضع الإستراتيجية، بمشاركة ذوي الخبرة كل حسب تخصصه ‏هي فرصة ثمينة لإصلاح التعليم في الأردن، وإعادة الألق الذي كان يتمتع به في العقود السابقة، ‏وهي بالتأكيد تتناغم مع توجهات الوزير النشيط د محمد ذنيبات نائب رئيس الوزراء ووزير التربية ‏والتعليم، فهل يغتنم القائمون على التعليم في الأردن جميعا هذه الجهود ونرى نتائجها على الواقع ‏التعليمي قريبا؟


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد