كان الله في عون شعبنا بخياراته الصعبة سواء بالمشاركة غير المجدية في العملية الانتخابية المقبلة أو المقاطعة التي لن تغير شيئا بالمدى المنظور على الأقل بعد اعلان جميع القوى السياسية بالمشاركة في الانتخابات التي تأتي هذه المرة في ظروف محلية وإقليمية ودولية في غاية الخطورة ، وتتطلب أن يكون هناك نواب وطن حقيقيون يمثلون ضمير الشعب ولا يمثلون عليه .
فهذه الانتخابات برأيي المتواضع ستكون حساسة وخطيرة جدا ، وقانون الانتخاب الجديد اياه ليس حلا اذا لم يكن هو أساس المشكلة بالقوائم غير المتجانسة إلا في مصالح أصحابه ولا تبني ولا تخدم وطنا ، ولن تكون الحل أو البديل عن القوى السياسية التي لا زالت قوى هشة ومنقسمة وللأسف لا يوجد الحد الأدنى من التنسيق الجاد حتى بين القوى المتقاربة فكريا .
وفي الاتجاه الآخر الحركة الاسلامية تشارك وهي في أضعف حالاتها بعد الانقسامات التي تعرضت لها ، ولا شك أنها اثرت على فاعلية الحركة ووجودها في الشارع في ظل ذلك وغياب القوى الأخرى شكلت القوائم أو على وشك التكملة في تشكيلها وأغلب أعضائها مستقلون وجمعت بينهم مصالح مشتركة افرزت تلك الحالة التي كما اسلفت لن تكون بديلا عن القوى السياسية التي يقاس تقدم البلد وتخلفه على فاعلية وجودها ، وليس وجودها كديكورات أمام العالم الخارجي بعيدة عن الوطن وقضايا المواطن .
لذلك الوضع خطير والحكومة ماضية في طريق التبعية لصندوق الفقر الدولي الذي أصبح أكبر مراكز القوى العالمية.
وعلى هذا الأساس نقول أن المجلس القادم لن يكون اكثر فاعلية من سابقيه حتى لو وصل لقبته أكثر من نائب معارض لأن دور هؤلاء لن يكون إلا ديكوريا وستحصل الحكومة على مجلس مستأنس فاقدا لكل دسم سياسي وذلك لأن المواطن الأردني من مختلف الأطياف الوطنية ليس جاهلا حتى لو أراد البعض من المستفيدين تجهيله ، وما نحن بحاجة اليه قبل الانتخابات وحتى لو أجلت لإشعار آخر لكون المجالس النيابية غير فعالة ، نحن بحاجة لحوار وطني عميق اكثر شمولية بين كل أطياف المجتمع ولدينا الكثير من النخب السياسية المحترمة من مختلف المدارس السياسية فهي قادرة على وضع برنامج عمل وطني شامل ينقل الوطن من عصر الحرب الباردة الذي للأسف لا زلنا نعيشه للقرن الواحد والعشرين حيث أن وطننا بكل أسف ورغم التغيرات العالمية لا يزال سياسته أسيرة مرحلة الحرب الباردة والقوانين التي حكمتها في ذلك الوقت ، والانتخابات النيابية والنقابية والبلدية ليست هي الديمقراطية كما يعتقد البعض ولكنها وجها من وجوه الديمقراطية التي لن تحقق إلا في مجتمع يؤمن بالقيم الديمقراطية ، ولكن يسبق ذلك انظمة وقوانين عصرية تنظم الوطن وتجعل المواطن العادي مسئولا عن خياراته وتفرز مجالس تشريعية ونقابية وبلدية تمثل الخيار الوطني وليس العودة لخيار الأصفار .
لذلك علينا أن نبدأ بالخطوة الأولى مهما كانت المسافات بعيدة والطريق طويلا ولكن علينا ان نتذكر أن من وصل لسطح القمر بدأ بالخطوة لأولى ، فهل نبدأ بالخطوة الأولى أو نبقى نتحجج بحر الصيف وبرد الشتاء السياسي ، والتاريخ وحركته لن ينتظروا أحدا ، ولا عزاء للصامتين