هو الهرم بكام؟! - غادة شريف

mainThumb

23-08-2016 09:37 AM

 أصبح عادى جدا ومثل تناول الشاى والقهوة أن نقرأ فى صفحات الجرائد عن ضبط قطعة آثار فى منزل أو حقيبة أو تحت السلم.. وأصبح عادى جدا ومثل البطاطس والحاجة الساقعة أن نجد صورا على وسائل التواصل الاجتماعى لقطع آثار على عربية كارو أو عربية نص نقل فى طريقها من المتحف المصرى لمكان آخر.. أصبح عادى جدا أيضا ومثل القهوة والسجاير أن نرى تماثيل قبيحة كتقليد ردىء لتماثيل شهيرة من تراثنا وهى تنتصف مداخل مدن دون خشى ولا اختشى!.. كل هذا يعكس أننا الدولة الوحيدة فى العالم التى كانت وماتزال لا تقدر قيمة آثارها وتاريخها.

 
 
 
لا يوجد بلد فى العالم يحتوى هذا الكم من الآثار مثلنا، بل إننا نعتبرها حاجات كده «متلقحة» وشاغلة مكان على الفاضى.. لا تستبعد لو أن سكان منطقة الهرم مثلا يرون فى الثلاثة أهرامات أنهم شاغلين حيز، ويا سلام لو يتهدوا وتقام الأبراج السكنية بدلا منهم!!.. قلت لنفسى ربما هذا تطبيق للصفة البشرية الأصيلة وهى أنك لا تقدر قيمة الشىء طالما أنه فى يديك.. فى السعودية مثلا لا تجد من تعرفهم من المقيمين هناك يتهافتون على أداء العمرة أسبوعيا أو شهريا أو حتى سنويا مثلما نتخيل نحن.. سألت مرة أحد معارفى المقيمين هناك: «أكيد أنت طبعا بتؤدى عمرة كل أسبوع»، فأجابنى: «لأ طبعا، ما الكعبة موجودة جنبى، هى هتروح فين يعنى؟».. فكرت أنه ربما يكون تعاملنا مع آثارنا وتاريخنا من هذا المنطلق، لكننى للأسف بالمزيد من التأمل فى تصرفاتنا وجدت أن المشكلة تكمن فى أن القائمين على السياحة فى بلادنا يفتقدون الابتكار وأننا كشعب فقدنا الإحساس بالجمال وتعودنا على القبح!.. إذا كانت وزارتا السياحة والآثار تفتقدان الرؤية والخطة للاستفادة بآثارنا للنهوض بالسياحة، فلماذا لا تعهدان لشركة متخصصة للقيام بهذا؟.. كم من فنان عالمى زار مصر فى الفترة الأخيرة وزار الأهرامات وأسوان ولم نشعر بهم؟!.
 
 
 
 
فى السنتين الأخيرتين كان هناك العديد من الممثلين والموسيقيين العالميين والشخصيات الملكية التى زارت مصر ولم نشعر حتى بوجودهم.. بل إن ولى عهد إحدى الدول الأوروبية مكث فى مصر شهراً ولم نشعر به.. حتى الوليد بن طلال عندما زار مصر وأقام سباق ماراثون لم نستخدمه سياحيا بالشكل اللائق!.. ما يضحكنى فى الحقيقة هو أننا كلما كنا فى انتظار ضيف عالمى من هؤلاء فإن التركيز الإعلانى يكون دائما موجها ومركزا للداخل، مثلما فعلنا تماما فى حملة صفر المونديال!.. عندما يكون لدينا مغنى عالمى سيقوم بالغناء تحت سفح الأهرامات فإن هذا هو أكثر ما يجذب السياح الأجانب، لكننا مازلنا لا نجيد التواصل مع الخارج إعلاميا!.. لست أعلم إن كان هناك أى تواصل بين وزارتى السياحة والآثار مع سفاراتنا فى الخارج، لكن المؤكد أن هذا التواصل إن وجد فهم يستطيعون اختراع المناسبات لجلب السياح!.. يكفينا فقط استخدام الأهرامات، لكن ما بالنا لو استخدمنا كل قطعة آثار وكل مكان أثرى وعملنا عليه حفلة؟.. منذ عدة أشهر قررت محافظة الإسكندرية تأجير قلعة قايتباى للأفراح وكأنها لم تكن تتوقع سوء استخدام المصريين للمكان وبهدلته، فلماذا لا نبتعد عن الأفكار البلدى ونستذوق قليلاً؟.. لماذا لا تكون قلعة قايتباى أيضا منطقة جذب للفنانين العالميين ومن ثم للسياح؟.. لماذا لا تكون معابد الأقصر وأسوان كذلك؟.. المصريون فى الأقصر تربصوا بممر الكباش وأوصلوا منازلهم إليه، ومازال العمل يسير حاليا لرفع تلك الاعتداءات، لكن لو لم يكن ممر الكباش مهجوراً لما وصل هذا التشوه إليه!.. بعض المواطنين أيضا فى خلسة بدأوا يبيعون حجر الأهرامات للمهووسين بآثارنا من الأجانب حتى تم القبض عليهم.. أما نحن، أقصى استغلال نفعله للأهرامات هو جلب الزوار يلفوا حول الهرم ويركبوا الجمل وسلامو عليكو، ويمكن نتوصى ونجيبلهم واحدة نصابة تضرب الودع! لماذا لا نفكر فى استضافة فرق مسارح برودواى لتقدم عروضها تحت سفحهم!.. لقد ظننا أن حل أزمة السياحة يكمن فى تنشيط السياحة الداخلية، فأصبح الآن أصحاب المحلات بشرم الشيخ يتوسلون إلينا بوقف تنشيط السياحة الداخلية نظراً لما تسببت فيه من تشوه الشواطئ، فماذا ننتظر لننفتح عالمياً للترويج لآثارنا ومناطقنا التاريخية؟.. والنبى يا حمادة تقولهم إن طنط قطر كانت مستعدة تدفع 200 مليار وتشغل الأهرامات، فهل معقول إن كل دول عينيهم مفتحة على قيمة آثارك يا حمادة إلا أنت؟!
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد