تفكيك العقل المعقد - رائد علي العمايرة

mainThumb

23-08-2016 10:24 AM

 منذ اشهر اوقفت وزارة العمل، استقدام العمالة الوافدة وبالأخص (المصريين) لكافة المهن وسمحت فقط بالاستقدام الزراعي، واشترطوا في الاستقدام الزراعي، أن تكون نصف العمالة من(السوريين)! .

 
تصريح العمل للمصري يقارب الأربعمئة دينار، ولتسهيل المعاملة-وهذه تحسب للحكومة- فلا يشترط التسلسل الرقمي للأوراق النقدية عند المحاسب! والحمد لله.
 
 
 
*السوري: كان تشغيلُهُ يعتبر من المخالفات، التي لا حلول لها ولا يمكن تجاوزها حفاظا على حماية (العمالة الأردنية)، كما يقولون قديماً في المثل المشهور عبر الإعلام الرسمي.
 
 
 
أصبح الآن تشغيل السوري في كافة المهن من أسهل الأمور، ولا يكلف استخراج تصريح عملٍ له إلا (وجود عامل)! وعشرة دنانير.
 
 
 
والنتائج
 
---------
 
 المصري :وهو الموظف المثالي(بالإجماع) لا تستطيع استقدامه!
 
الأردني :الموظف الذي لا يدوم، ويبقيك في قلق حقيقي دائم، لا يشبه ابدا ما يقع من القلق (لبان كيمون)،حيال القضايا العربية والإسلامية.
 
السوري:وهنا بيت القصيد وهو وما يحتاج لعدة تعريفات
 
1-يشابه الأردني في عدم استقراره!
 
2- لا يحب التصاريح :لأن التصريح يحرمه من مساعدات (الأنوروا) ،فالتصريح يضع (السوري)بشكل رسمي في عداد (200000)المئتي ألف فرصة عمل التي وعدت الأردن بتوفيرها للسوريين،ضمن الخطة الدؤوبة لإنعاش الإقتصاد الأردني .
 
مما يعني أن المعادلة صعبة، ولعل موت (أينشتاين) قبل نشوء الحكومات الأدرنية الحديثة، قد أنقذه من الفضيحة، فلو عرضت هذه المسألة عليه ليفككها ثم يحشوها في (عقول أصحاب المشاريع) لأعجزه ذلك وأغلقت في وجهه كل حلول الفيزياء الحكومية، وسيخرج عندئذ من المنطق ولوازمه الى فانتازيا خيالية،وهذا مالايتقنه أينشتاين ولا كل عباقرة الدنيا،باستثناء عباقرة الحكومات !.
 
----------------------------
 
فالحكومة الراشدة :تعلم كل ما سبق عن العمالة المصرية وأهميتها، إلا إذا كانت تدير هذه البلاد من مدينة في موزمبيق،وربما لو أراد مسؤول أن يقطف شجرتي زيتون،ولم يوفق في استخدام موظفي الدولة في قطفها،فإنه ولابد سيبحث عن عامل مصري، وهذا أكيد لا ينتطح فيه كبشان،ولا تتنازع فيه ضُرَّتانْ،ولا يختلف فيه صبيِّان.
 
وتعلم الحكومة ما يعانيه أصحاب المشاريع الوطنيه،والاستثمارات الوافدة- التي تهرب من البلاد- لما تعانيه في مسألة العمالة وتوفرها بشكل مطمئن لصاحب المشروع.
 
 
 
 
 
وتعلم الحكومة،وربما لا تعلم فهذا لا يهمها عندما وهبت السوريين هذه الهبة المفاجئة المباركة! أن السوريين وبرغم العدد الهائل للَّاجئين، فإنهم لا يرغبون بالعمل وفق تصاريح، لما ذكرته سابقا من أسبابٍ، فضلا عن طبيعة السوري، التي ذكرت بأنها تشبه طبيعة الأردني، من حيث عدم الإستقرار، إلا أنه يتفوق عليه بشي آخر، وهو أن السوري يفضل الاستثمار بلا نقود (وكشريك مضارب) لا يتحمل شيئا من الخسارة المتحققة لاحقا.
 
 
 
 (وبلسانٍ عربيٍ مبين) يستطيع السوري إقناع الأردني بفتح مطعم معجنات! أو مطعم حمص وفلافل! أو محل حلويات شامية، ويستجيب له الأردني مباشرة، ويدخله شريكاً في المشروع، ولو لم يكن السوري يعلم شيئا عن تلك المهن!،فالجينات (الشامية)تتكفل بما لا يعرفه، وهذا قد تكرر  بعشرات الأمثلة،إن لم يكن بالمئات، وتكبد الأردنيون خسائر جمَّة، في مشاريع كهذه لمجرد أنهم ألغوا عقولهم، ولم يتفطنوا! أن هذه المهن ليست حكراً على السوريين، بل إن البراعة في الحمص والفلافل في الأردن، يفوق ما يعرفه السوريون وغيرهم، فبماذا نشتهر إن لم نشتهر بالحمص والفلافل؟!
 
 
 
والأردنيون في الحقيقة يتفوقون عليهم في مطاعم الوجبات السريعة، وفي الحلويات بأنواعها،وفي أكثر المهن، ولكن (الموروث الأعمى) الذي يغذي العقل المعطل عندنا، يفسر الأمر على غير هدى، ولا يخرج من السياق الزمني، لما اشتهرت به بلد على بلد، وينسى أن العالم الآن قد غدا قرية صغيرة،بحيث لم تعد هناك معلومة محتكرة لجنس أو عرق أو بلد،وأن طبخات (بدرية،وزكية، وعدلية،وست البلد) قد انتشرت على الأنترنت،وماتت بدرية وأخواتها ولم تعد هناك حاجة ليتعلم احد منهن شيئا!.
 
 ولكن عبارة (المطاعم الشامية) في الأردن تشبه بالضبط قصة (الذهب) فما أن يحدث أحد الأردني بأنه قد وجد ذهباً أثناء نكشه على زيتونة، أو عثورِهِ على خارطة رومية منقوشة على صخرة مزويَّة ،أو امتلاكه لجهاز كشف المعادن المتطور،أو أن لديه (شيخا مغربيا يكشف الخبئ تحت الصخور) حتى يفقد السامع عقله وتظهر عليه علامات الذهول والدهشة،فيزبد ويرغي،ويسيل لعابه، وتبرق عيناه كما لم يبرق سيف عنترة،ويسرع في الكلام، ويتنزل عليه الأدب الجم فينخفض صوته في محاورته لصاحب الكنز أو مدير أعماله (المحتال)، ،ويبقى في حالة وجدانية متواصلة،ولا يصحو منها إلا بعد أن يفقد مدخراته (وتحويشة عمره) في صحراء قاحلة،أو بيت مهجور في مزرعة نائية،أثناء مسرحية الاستلام والتسليم،التي تتكرر بذات النسق وذات السيناريو الذي انتشرت بين الناس جميع تفاصيله، ومنذ سنوات مضت،ومع هذا فذكر صناديق الذهب،والخارطة وجهاز الكشف عن الذهب،يبقى له ذات السحر على العقول المعقدة التركيب عند النقاش، البسيطة التفكيك عند الطمع.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد