قراءة في صورة الطفل عمران (2)

mainThumb

25-08-2016 11:12 AM

استكمالا لمشهد صورة الطفل عمران، الطفل السوري الذي كتبت له الحياة من جديد بعد أن أخرج من أنقاض القصف في بلده سوريا، الذي يأتي تدميره ضمن حلقة من مسلسل رعب يعكس حقيقة ما دبر ويدبر للأمة من تخريب لمقدراتها، وإنهاك جيوشهاوشعوبها، وتفتيت دولها، فإنا ما يحدث في البعض من دولها يعكس صورة ظلامية وسوداوية لواقع مرير تدبر له أياد خفية، وانعكس واقعا مرا في تدخل أجنبي واضحة معالمه في سوريا، وقبله في الصومالوالعراق، وفي لبنان، وامتد من بعد إلى ليبيا واليمن، وتحريضا لا يقف عن أي حد من الحدود.
 
كما أنتج هذا الواقع المؤلم ما سمي ربيعا عربيا، بل تآمرا خفيا، أنهك الأمة، في تونس، وفي ليبيا وفي مصر، وولد قوى غريبة مستهجن وغريب وضلالي فكرها،  لم يرى منها إلا سيوفا مسلطة على رقاب الشعوب التي تمكنت منها، حتى وصل بها الأمر إلى مهاجمة جنود نذروا أنفسهم للسهر على أمن بلادهم وأوطانهم، كما حصل في منطقة الرقبان على حدود وطننا الغالي الأردن مع  سورية،ثم مهاجمة بقعة من أقدس بقع الأرض، المدينة المنورة، التي انطلقت منها الرسالة المحمدية إلى الناس كافة، وتحديدا بالقرب من المسجد النبوي الشريف الذي يضم قبر رسول الهدى محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، ولا يقال بذلك إلا أنه فعل قبيح تجاوز في أبعاده وعقول المدبرين للهجوم كل الخطوط الحمر بفعل شنيع أدى إلى إزهاق أرواح بريئة، منها ما كان يعمل على توفير الأمن للمصلين في الحرم الشريف في المدينة المنورة في المملكة العربية السعودية، ومنها ما كان في زيارة لمسجد رسول الله بحثا عن طلب من مزيد أجر في الصلاة فيه، والشعور بالأمان والاطمئنان في رحابه.
 
حلقات هذا المسلسل المرعب، وما أفرزه من قوى ومتغيرات وتدخلات، كان واضحا سلبيا تأثيره ومردوده بكل معانيه وانعكاساته ومرئياته على المنطقة العربية ما جعل من القضية الفلسطينية، بكل أسف، قضية هامشية، لا ندري إن كان سيطويها النسيان أو طواها النسيان فعلا في أروقة المنظمات الدوليةوملفات القضايا العديدة المتكدسة على رفوف مكاتبها لاسيما الأمم المتحدة في القريب العاجل أو البعيد الآجل، ما جعل دولة الكيان الإسرائيلي ترفض كل محاولات استئناف مفاوضات السلام التي دعت وتدعو إليها كل القوى المحبة للسلام في المنطقة والعالم.
 
حلقات هذا المسلسل أنتجت أيضا قوى غريبة جعلتها توجه سهامها نحو الداخل العربي في أكثر من منطقة، تهاجم هنا، وتضرب هناك، وتفجر ثمة ثم تختفي، وكأنما تواجه عدوا لدودا والعياذ بالله، من أمتها التي تنظر إليها هذه القوى والعياذ باللهوكأنما هي أمة غريبة، موسومة بفكر هذه القوى بأنها ليست من الديانة الإسلامية السمحة في شيء، ولا هي التي جعلها الله أمة وسطا لتكون شهيدا على الناس.
 
لن تغيب صورة الطفل عمران عن الضمائر الحية في هذا العالملأنها تجسد ليس فحسب مأساة للشعب العربي السوري، بل مأساة كل طفل وكل رجل وامرأة وذكر وأنثى في العالم العربي عانوا من ويلات الحروب والتشرد بفعل التدخل الأجنبي فيه، والتي أنتجت فكرا ضلاليا متطرفا لا بد من وضع حد له ومحاربته بالتوعية والفكر والتنوير والتعليم، والصحف والمجلات لدحر تأثيره على الأجيال الناشئة التي وجد المنحرفون فيها بعضا من ضالتهم لتنفيذ مآربهم من خلال القيام بأعمال التفجير أينما كان دون مراعاة لحرمة دين أو هوية أو عرض أو دم، فكر ينبغي دحره بكل السبل، وحشد الطاقات ضده لتجنيب المنطقة آثارا قد تكون أكثر تدميرا في مقبل الأيام.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد