يوم تم منع التجول

mainThumb

27-08-2016 02:27 PM

وبأمر من المحكمة ، تحرك رتل من سيارات الشرطة على الفور مخترقا الشوارع المكتظة ، يكاد نفيرها يصم الآذان ،ملقيا الرعب في قلوب كل من قدر له وكان على مقربة .. وكانت مكبرات الصوت تأمر السيارات التي كانت تسير في الطريق حينذاك بالتوقف .. ونشطت الإتصالات فيما بين رجال الشرطة وبين قائد العملية في غرفة العمليات كما نشطت كذلك بين قائد العملية والقيادة العليا وما هي إلاّ دقائق حتى أحاطت سيارات الشرطة بمنزل المجرم بعد أن احتلت الشارع وسدت منافذه .

 

وفي هذه الأثناء لم يتبق مار في الشارع ، ولا ساكن في الحي ، إلاّ وقد ساقه الفضول إلى معرفة ما سيجري .. وبرغم نداءات الشرطة المتكررة بإخلاء المنطقة إلا أن الناس رفضوا .. كما لو كانوا يريدون أن يروا المجرم وقد تم إلقاء القبض عليه غير آبهين لما يمكن أن يتعرضوا له من الطلقات النارية سواء من تلك التي سيطلقها المجرم الآبق أم من تلك التي سيطلقها رجال الشرطة .. صحيح بأن الأمر لا يعنيهم ولكنهم فكروا بأن هذه ربما تكون مناسبة سعيدة ليتحدثوا مع بعضهم البعض لأنه وعلى ذمة من يذهبون إلى تلك البلاد يقولون بأن الجار لا يعرف جاره وحتى إذا أراد جار أن يتحدث إلى جاره فإنه يكتب خطابا له ويسلمه إياه بدون أن ينبس أحدهما ببنت شفه .. ولسوء حظ المتجمعين أو لحسن طالعهم لم تستمر المعركة في الداخل طويلا .. نصف ساعة فقط وكان المجرم في يد العدالة ، وكان هذا متوقعا فقد اقتحم الشقة التي كان يتمترس فيها المجرم ثلاثة ضباط ، وثلاثة سائقين ، وتسعة من رجال الشرطة .. وكانوا جميعهم مسلحين بالرشاشات والمسدسات والهراوات الكهربائية وكانوا يرتدون أيضا السترات الواقية من الرصاص ، ويعتمرون الخوذ كما لو كانوا في سبيلهم لخوض معركة لا أقسى منها ولا أمرّ.
 
وهم يخرجون من المبنى أخذ المارّة والمطلّون من الشرفات يتساءلون :
 
_ ولكن أين المجرم ؟
 
وبالكاد لفت انتباههم أحد سكان المبنى وهو يصرخ :
 
_ ولكن هذا حكم ظالم .. إذ كيف تسجنون ( ديكي ) وهو لا حول له ولا قوّة وكيف تبعدونه عن ( دجاجته ) الوحيدة بهذا الأسلوب القاسي أمام عينيها .. اسجنوا الدجاجة معه على الأقل لتؤنس وحدته في سجنه .
 
وحين أفاق المتفرجون الفضوليون من دهشتهم تركزت أعينهم على ديك حسن المظهر ، منكسر النفس ، يقبض عليه شرطي محكما قبضته على جناحيه ورجليه يحيط بهما ثلاثة من رجال الشرطة خشية أن يتدخل صاحب الديك ويحاول إفلاته في لحظة يأس .
وما هي إلاّ ثوان قليلة حتى غادرت سيارات الشرطة الحي مسرعة كما لو كانوا يخشون حدوث شيء غير متوقع يجبرهم على إطلاق سراح الديك .
 
وللحق فقد كان منظر الديك وهو مقبوض عليه مثار حزن فقد فارقه زهوه بنفسه حتى أن ذيله الذهبي كان منكسا وقد تجلى إحساسه بالمهانة والذل لحظة أن أُدخل سيارة الشرطة ولذلك طأطأ رأسه وخبا بريق عينيه ولم يصح ولو صيحة واحدة احتجاجا على ما صار إليه حاله .
 
ولكن العالمين بالحال والدارسين للغة الحيوان وسلوكه قالوا بأن الديك وهو في الطريق إلى السجن كان يترحم على أهل العقول .. وكان وهو في الطريق يتساءل بحيرة .. هل يستحق هذا المصير لأنه كان يؤدي واجبه ويصيح في آخر الليل ؟ وكان يتساءل بألم وحرقة : هل الجار الذي شكاه إلى الشرطة كان يكرهه هو أم كان يكره صاحبه ؟ وقالوا وحين يعجز عن إجابة شافية سيقول الديك :
 
الله أعلم ..الله وحده أعلم .
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد