حروب الردة - صالح الشايجي

mainThumb

28-08-2016 09:43 AM

نحن ـ أهل هذا الجزء من سكان الخارطة العربية ـ لا نسبغ على أنفسنا ما ليس فينا، ولا نلبس أثواب غيرنا ولا نستجدي تاريخا ليس لنا، ولا نسطو على خزائن مغلقة لأمم أخرى ونجعل من هذا السطو شرعنا وشريعتنا.
 
 
نحن عراة في وجه الحقيقة مجردون إلا منها، هي ثوبنا الوحيد الذي لا نرتدي غيره ولا نستعير سواه ممن وسعت عليهم أثوابهم.
 
 
من يتحركون صوبنا للنيل منا نحن سكان الخليج والجزيرة العربية، الرامون علينا بذاءاتهم والوارمون حقدا وضغينة، ليس علينا علاجهم ولا مداواة قلوبهم السوداء ولا العمى الغارز في عيونهم ولا مسح القذى عنها.
 
 
 
ندعهم يموتون بأحقادهم وضغائنهم، والنار تأكل صدورهم وتشوي جلودهم، ولسنا بذلك فرحين ولن نشمت بهم ولن نزيد النار الشاوية لهم حطبا ولن نصب عليها مزيدا من زيت يزيد أوارها، بل إنا عليهم مشفقون مما اختاروا لأنفسهم.
 
 
يطلع علينا جهالهم كل حين شاهرين سيوف الجهل والضعة، يظنون أنهم بذلك سيغيرون الحقائق النابتة على الأرض منذ أزمنة سحيقة، أو يظنون أنهم يخيفوننا بسيوف جهلهم وصفرة وجوههم وسواد قلوبهم.
 
 
عقدتهم الماضي الذي يريدون تجريدنا منه، وكأن ذاك الماضي أو ذاك التاريخ ملك لهم وحدهم، وهم الأولى به وغيرهم هباء، وأنه حكر عليهم.
 
 
 
ما لا يعلمه أولئك، أن الحياة بناء مشترك ساهم فيه البشر في كل شبر معمور على هذه البسيطة وفي كل زمن من أزمنتها، وأنه ليس من أمة أو قوم أو جماعة جلست القرفصاء أو استلقت على ظهورها تنتظر السماء تجود عليها بمأكل ومشرب وملبس ومسكن، بل كل سعى في الأرض يطلب رزقه ويبني بيته ويلبس ثوبه ويطبب علته ويتلقى العلم ويصدره، وهكذا بنيت الأرض وعمرت بأناس بناة، لا خاملين ولا حاقدين ولا مبغضين ولا حاسدين.
 
 
 
إن الحقيقة تقول إن التفات أولئك الضالين المضللين إلى الوراء، مرده حاضر منطقتنا الزاهي والخاطف للأبصار، فلما عجزوا أن يعيبوا حاضرنا راحوا يتنكبون طريق التاريخ ليرمونا بأحجاره.
 
 
إنها حروب الردة التاريخية، هم يحاربوننا بالتاريخ، ونحن نهديهم زهور الحاضر.
 
 
* نقلا عن "الأنباء"
 
 
** جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد