صفحة الوفيات - فراس الطلافحه

mainThumb

28-08-2016 10:06 AM

لا أعلم ما هي المتعه التي يشعُر بها البعض بمتابعة صفحة الأموات في الجرائد , فترى الواحد منهم يقرأها أكثر من مره وان سبب شرائه للجريده أصلاً هو غرامه بهذه الصفحه , فهل هو يبحث عن إسمه من خلالها أو ليتأكد أنه مازال على قيد الحياه في حين أنه يمر على صفحات الثقافه والمنوعات والرياضه والنكات مرور الكرام وكأنها لا تُشبع نهمه ولا تثري فِكره وما يهُمه فقط هو معرفة من مات ومن بَقي على قيد الحياه .

 
في العاده هؤلاء أول ما يبادرونك بالسؤال عن عمرك وكم مضى منه مع أنني شخصياً أكره هذا السؤال فبرأيي الحياةُ هي لحظات ومساحات الفرح التي نعيشها لا عدد السنوات التي نقضيها فكم قابلت كهولاً في العشرين والثلاثين والأربعين وقابلت شباباً في السبعين والثمانين والتسعين , إذاً لا بد أن نعيش شباب العمر لا عمر الشباب فشباب العمر هو الدائم وعمر الشباب المنتهي .
 
يقول الكاتب المصري مصطفى أمين إن أفقر وأتعس إنسان على وجه الكره الأرضيه هو أسعد من أغنى وأسعد إنسان مات في الأسبوع الماضي , نعم صحيح فمازِلتَ على قيد الحياه وتملك زمام المبادره ولديك القدره على تغيير نفسك أما بالموت فلقد أنتهى كل شيء فلا مجال للفرح ولا مجال للغناء والرقص ولامجال لتحضن أبنائك وزوجتك وربما حبيبتك ولا لتشم رائحة ثوب أمك فلا أعلم لماذا يستعجلون الموت وكأن السنين حِملاً ثقيلا على كواهلهم يريدون التخلص منها ولنتأكد أن من يلعن الدنيا تلعنه ومن يبتسم لها تحضنه وتأخذ بيده وتكشف له عن أسرارها وجمالها وتُدخِله جنتها .
 
لي صديق لا ألتقي به كثيراً وإن قابلته صدفه لا بد حينما أعود للبيت أن أتناول مهدئ الأعصاب والذي يسمى ( زنكس ) بسبب طاقته السلبيه الهائله التي يمدني بها وأشعر بها تسري في جسدي فهو يتشائم من أي شيئ ولأي شيئ وكل الناس ويتوهم ان كل الناس أعداء و تترصد له من مسؤوله في العمل إلى زميله و زوجته و جاره , منزله يضيق به ويريد أن يستبدله وحتى بلده فالناس كلهم أعدائه وهو على صواب والجميع على خطأ فكل الأغاني عنده حزينه حتى وإن كانت للفنان محمد منير وبصدق الآن عندي رغبه ملحه أن أتناول من صيدلية منزلي حبتين من مُرَخي الأعصاب بعد ذكره في هذا المقال .
 
كم أحترم تلك السيده والتي هي بالأصل جارتي ويتجاوز عمرها ربما الثامنه والسبعون عاماً عندما أخبرتني أن أبنائها بصدد شراء مزرعه في منطقة جرش وعلامات السعاده كانت واضحه بتفاصيل وجهها كطفله قام والدها بإهدائها دميه وما أسعدني أكثر هو تشبثها بالحياه حين قالت لي ( يا أخي خلي الواحد يعيش عشرين ثلاثين سنه يشم هواء نقي زهقنا حياة الشقق )
 
ياصديقي ويامن تبحث عن إسمك في صفحة الوفيات تأكد أنه موجود فأنت ميت ولاتدري أنك ميت .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد