غضبة النواب - يوسف عبد المنان

mainThumb

31-08-2016 10:14 AM

من حين لآخر يثور نواب المجلس الوطني على صفحات الصحف يغضبون وعلى صفحات الصحف يتجملون وفي منابر الإعلام يحاسبون الجهاز التنفيذي.. وبالأبواق هم يراقبون.. وفي جلسات البرلمان يصفقون.. كلما زادت سلعة أو انحدر الجنيه السوداني إلى أسفل.. خرج علينا ثلة من نواب البرلمان يتوعدون بمحاسبة وزير المالية.. ومعه محافظ بنك السودان، ولكنها وعود لا تصمد أمام حقائق الواقع إلا بمقدار وجود الصحف في المكتبات أو بأيدي القراء.. ونواب برلماننا الذين يتوعدون وزير المالية بالويل والثبور وعظائم الأمور يعلمون جيداً إن الأزمة الاقتصادية التي تواجه البلاد أسبابها سياسية وعلاجها سياسي.. ولكن حال غالب  السادة النواب ، يذكر بحال  النعامة التي حينما يداهمها الخطر وتعجز عن الجري وتستسلم لقدرها تدفن رأسها في الرمال وتترك كل جسمها في الهواء.. ومجلسنا الوطني ظل  جسده، بدون راسه  ، هو مايبدو للعيان في الهواء منذ انتخابه.. لأن بعض أعضاء البرلمان يمارسون شيئاً غريباً من الحضور ومداعبة الناخبين لإثبات الوجود.. وخاصة (المستقلين) وهم مجموعة من القيادات ذات المرجعية الوطنية أي مؤتمر وطني (متمردين) على القيادة.. رفضوا الإذعان لشروط الطاعة وخاضوا الانتخابات بصفة مستقلين ووقفت إلى جانبهم الجماهير..
 
 
 
 
وقد أضاف بعضهم على التجربة شيئاً من تعدد الرأي والفكرة.. مثل نائب  دائرة دنقلا "أبو القاسم برطم".. وفي شهور ظهر مستقل آخر من جنوب دارفور "العسيل" أثار غباراً كثيفاً في رمضان وهدد بتقديم استقالته من المجلس، وأمس ظهر نائب ثالث عن دائرة القطينة "خليل محمد صادق"، داعياً لمحاكمة وزير المالية ومحافظ البنك المركزي، وهي دعوة لأغراض الظهور الإعلامي وإثبات الذات، لأن الرأي العام لم يسمع من قبل بنائب دائرة القطينة المستقل منذ انتخابه وحتى اليوم.. تلك ليست مشكلة النائب، المشكلة الحقيقية في المفاهيم الخاطئة وعجز البرلمان عن تشريح أسباب الأزمة الاقتصادية الشاخصة الآن في بلادنا.. والارتفاع الجنوني في الأسعار والتدني المريع في سعر الجنيه السوداني.. وقبل ذلك اعتراف المالية بأن الصرف على التنمية قد (توقف) في النصف الأول من العام المالي الحالي.. وبالطبع الأوضاع المرشحة لتسوء أكثر في النصف الثاني من العام المالي وحري بالمجلس الوطني مناقشة الأسباب الحقيقية للأزمة الاقتصادية وهي الحرب التي تستنزف القدرات وتأكل نيرانها عائدات الصادر على قلتها.. وتحرق البنادق الدولار حرقاً غير رحيم..
 
 
 
 
وقد فشلت مفاوضات السلام.. وبات السلام خياراً بعيداً في السنوات القادمة.. ولذلك يتوقع أن تتصاعد الحرب وكلما تصاعدت الحرب ضاقت الأوضاع وفشلت الدولة في الوفاء بالتزاماتها.. وفي ذات الوقت كان (الأمل) والرجاء في نجاح مؤتمر الحوار الوطني وجمع وحدة الصف ونقل العملية السياسية من الخارج للداخل.. ولكن أصبح مؤتمر الحوار الوطني في (كف عفريت) يعقد بمن حضر من القوى السياسية الداخلية واختزاله في أهم شخصية "تراجي مصطفى" التي تقدم أنموذجاً متفرداً في الشتائم والبذاءة اللفظية، بينما القوى التي يمكن أن تسهم في الحل السياسي أما صامتة أو مترقبة ومتشككة في مخرجات الحوار الوطني الذي قد يأتي بحكومة جديدة.. ولكنها تمثل فقط حلفاء المؤتمر الوطني الحاليين، وقد ينضم المؤتمر الشعبي للحكومة، ولكنه لا يستطيع تقديم حل لوقف الحرب، وبالتالي إذا كان البرلمان يملك حقاً الرغبة في (معالجة) اختلالات الأوضاع الاقتصادية عليه أن يبدأ بمساءلة القطاع السياسي في مجلس الوزراء.. ومناقشة أسباب فشل المفاوضات السابقة.. وبوادر فشل مؤتمر الحوار الوطني الذي يحتاج لدفع سياسي من الرئيس "البشير" حتى لا يفقد السودانيين الأمل في الحل ويصيبهم اليأس والإحباط كالذي تفشى بعد انهيار جولة المفاوضات الأخيرة.. وتبدد الأمل بعد توقيع المعارضة على خارطة الطريق.. وعلى البرلمان سلوك الطريق المفضي للحل، أما دفن الرأس وترك (الفسية) عارية، كما تفعل النعامة ، فذلك يجلب عليه الضحك من الكبار قبل الصغار.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد