كل الاردنيين في مواجهة الجريمة

mainThumb

26-09-2016 11:12 AM

 بكيت قهرا عندما تلقيت خبر اغتيال ناهض حتر. لم يكن يستحق ذلك، انه مثقف مسالم وطيب القلب مهما بدا في كتاباته السياسية حادا. وأنا على ثقة ان القاتل لا يعرفه ولم يقرأ له ولعله لم ير حتى رسم الكاريكاتير الذي عمل له حتر مشاركة على صفحته، مثلما ان قاتل فرج فودة الباحث والكاتب المصري الكبير لم يقرأ له ابداكما جاء في اعترافاته.

 
وهذه هي القضية ابتداء، الايدلوجيا المتطرفة والارهابية تنشر التعمية والكراهية والحقد على اعداء مفترضين للدين تبحث عن ضحايا محتملين تؤدب بهم الساحة وترسل رسائل الترهيب للمجتمع والأفراد وتفرض سلطتها المرعبة حتى بوجود السلطة الشرعية الرسمية ومؤسساتها. الفكر المتطرف يبني سلطته البديلة بالهيمنة الضمنية عبر خطاب التكفير والترهيب.واصطياد الفرص والمناسبات ليشهر مخالبه، وموضوع المناهج الدراسية هو مثال قريب. فهناك حملة شرسة على موضوع تغيير المناهج وتجد على مواقع التواصل الاجتماعي من يتحدث عن المؤامرة الصهيونية والغربية الكبرى التي أملت على الدولة التغيير في المناهج وتجد الحملة قبولا وصدى عند اناس لم يفكروا ولا يفكرون مرة في قراءة هذه المناهج. وخلال حملتي الانتخابية كنت اواجه من حين لآخر بسؤال استنكاري حول تغيير المناهج وموقفي منه فأعود على السائل بسؤال ان كان يعرف لأي صفوف تغيرت وفي اي مواد وان كان قرأ شيء منها فيعترف انه لم يطلع على شيء لكنه سمع عنها فأرد عليه بأنني ايضا لم أقرأها ولا استطيع ان اصدر حكما قبل قرائتها.
 
لقد قرات على صفحات التواصل الاجتماعي شتائم مقذعة وتهديدات صريحة ووعود بالقتل بأسماء صريحة بينما انا على يقين ان هؤلاء لم يقرأو ناهض ولا يعرفون فكره السياسي والاجتماعي. وبالمناسبة فقد كان ناهض في فترة معينة من اشد المتحمسين لحماس ويدعو الدولة الاردنية للتحالف معها ضد منظمة التحرير ثم ابتعد عنهم بعد الحرب الأهلية في سوريا منحازا بقوة للنظام هناك وفي معظم تلك المحطات وقبلها  كنت اختلف معه بشدّة وقلما اتفقت معه في مواقفه السياسية لكن بقيت صديقا له وكنت احب واحترم ثقافته الموسوعية واطلاعه غير المحدود وقدراته ككاتب غزير الانتاج. وكنت عن طيب خاطر اغتنم الوقت الممكن لمحاورته والاستماع الى تحليلالته التي تعطي رياضة ذهنية تثري التفكير رغم ما فيها من اسقاطات وفانتازيا ثقافية – سياسية.
 
ناهض حتر شخصية استثنائية انسانيا وثقافيا وهو موسوعة بالنسبة لتاريخ الاردن القديم والحديث ودفع ثمنا باهضا وعانى باستمار بسبب مواقفه السياسية. وما كان يستحق ان يخدش لا أن يقتل، والارهاب وجد فرصة مناسبة لبث رسالة الرعب والارهاب الى المثقفين والفنانين المتنورين الذين يشعون على المجتمع أفكار الانفتاح والتسامح والتفكير النقدي والاثراء الفكري والروحي لحياة الانسان وهم الفئة المستهدفة مسلمين ومسيحيين . ولعله لم يخطر ببال ناهض ان عمل مشاركة لكاريكاتير يصور فكرة الدواعش عن الله (وهو على كل شطبها وأعتذر عنها بعد وقت قصير ) يمكن ان يتم استغلالها لشن هجمة مخيفة  تفضي الى قتله من شخص لم يعرف حتر يوما ولم يقرأ له. ولا يمكن استبعاد احتمال أن جهة ما لم يرق لها ان الموضوع بدأ يهدأ مع اخذ القانون مجراها أمام القضاء دفعت بالقاتل لقطع الطريق على تكريس مبدأ أن الدولة والقانون فوق الجميع فأستبقوا ذلك بهذه الجريمة الغادرة.
 
تبقى كلمة اخيرة لأبناء الاردن المسيحيين ان لا ينجر احد الى المصيدة التي ينصبها اعداء الوطن بهذه الجريمة فيساهمون بنشر مشاعر الخوف والشك تجاه مستقبل ومصير المسيحيين في البلد والوحدة الوطنية واحترام التعدد والعيش المشترك. أو فتح مواجهة مع الحكومة حتى لو كان هناك تقصير في توفير الحماية. يجب التصرف بحكمة وثقة كأصحاب قضية واحدة مشتركة مع كل الاردنيين ومع الدولة ومع القيادة التي هي المرجع القوي الأمين والحارس الموثوق لثوابت هذا البلد ولديها القوة والارادة والأدوات لردع الارهاب ومواجهة التطرف وعلينا ان نساندها في هذا الجهد الظافر بإذن الله.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد