الجدار العازل - هاجر جلال

mainThumb

27-09-2016 09:31 AM

 الحياة رحلة طويلة في زمنها قصيرة في الإحساس بهذا الزمان. كأنها قطار سريع يمر على محطات منها ما يستوقفنا لأيام ومنها ما نمر عليه مرور الكرام.

 
دائما ما يعج العمر بضجيج البحث الدائم والمستمر عن مسببات العيش من مال وعمل وزوجة وأولاد ويمضي هذا القطار على عجلات مسرعا ليضع من يحمله من ركاب بحثا عن حمولة أخرى.
هذا هو حال الإنسان تأخذه الحياة بحلوها ومُرها من ضجيج العمر إلى جدار الصمت.
 
بعد سن المعاش يجد الأب أو الأم نقطة تحول فارقة في كل شيء ،تبدأ الحياة الصخبة في التراجع .
 
من كان يغلق المنبه ولو لعشر دقائق لينام قبل الذهاب إلى العمل بعد التقاعد يصحو من نومه في نفس الموعد دون حاجة لإيقاظه، ليبدأ بالنهوض من سريره كعادة لم تفارقه على مدار أربعة عقود ليدرك بعدها أنه في سن المعاش.
صدمة تلف به جدران منزل كأنه وحش يكاد أن ينقض عليه، ليبدأ رحلة البحث عن البدائل فهيإما أصدقاء أخذتهم الحياة أو أصدقاء أخذهم الموت تباعاً. ليدرك أن العمر على مشارف الانقضاء وأنه في ختام الرحلة فمن حوله في نفس سنه أو أصغر يتساقطون كأوراق الشجر.
 
لا..... لن أستسلم لهذه الحياة سأعيش ما بقي منها لآخر نفس في هذا الجسد.
 
لتقفز أفكار جديدة إما النوادي الاجتماعية أو المقاهي العامة أي شىء يجعل العمر يمر فالفراغ قاتل.
 
لكم ساعة سأظل في الشارع .. ساعة.... اثنتين.... ثلاث
 
لابد من العودة لأنه ببساطة (العضمة كبرت). لتبدأ مرحلة النداء حتى قطع الأنفاس (يا ولد تعاله اقعد مع جدك شوية)،
 
(حاضر يا جدو)
ولكن لا مجيب ليبدأ النداء واحدا تلو الآخر من أول الأبناء إلى الأحفاد إن وجدوا، كل منشغل في عالم الحداثة وتقطع الأواصر فغزت عقولنا الأجهزة وتناسينا من حولنا وهو في أشد الاحتياج إلينا.
 
حاله كحال من يمشي في صحراء فقد فيها كل شيء، الأهل والزوجة والصاحب، فلا أنيس ولا ونيس، ضجيج ولكن صامت كل العائلة حولك ولكن مسجلين غياب، فلا حوار ولا اندماج ولا حتى اهتمام، ليجد بينه وبينهم جدارا عازلا من الصمت والوحدة والعزلة خلق بقصد أو من غير قصد، جدار جعله بمعزل عما حوله بعد أن كانت حياته تمتلئ كل يوم بالأحداث والبشر والحوارات والضحكات والآلام والأفراح.
 
الآن ....صمت قبر على وجه الأرض ليغدو ميتا ولكنه يتنفس، شعور قاتل يموت معه الإنسان بالبطيء، قطرة.. قطرة، هل هذه هي نهاية الرحلة؟
 
أن ينتهي بك الحال مع من تحب ولكن تشعر معهم بالوحدة، سلام على هذه الحياة إنها لم تعد تروق لي.
 
الجدار العازل يتحول مع الوقت إلى قبر عازل، نفقد معه من نحب دون عودة،كل شيء في الحياة يمكن استرجاعه إلا من تحت التراب فهم راحلون ولن يعودوا، من لديه أهل يحمد الله على نعمة وجودهم فغداً يرحلون،فإن انتهت الرحلة تكونون قد بنيتم لهم جسر تواصل.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد