رحلة على الفزعة وسياسات تقليدية

mainThumb

01-10-2016 09:43 AM

في مواسم الرحلات ومثلي مثايل من هذا الشعب الذي يبحث عن الترفيه الأقل كلفة في ظل ظروف اقتصادية صعبة مرافقة لنا منذ الولادة ويبدو أنها ستبقى حتى الرمق الأخير تبدأ المشاورات العائلية لمشروع طلعة (طشة) وعند الاتفاق المبدئي على الموضوع تنطلق الاستعدادات في البيت لنصبح كخلية النحل. الكل يطير هنا وهناك لتوفير الحاجات الأساسية من الطواقي التي تحمي القواريط من الشمس حتى سياخ الشوي والمنقل والحصيرة التي تقاعدت مؤخرا.
 
يبدأ المشوار باكرا مع اهازيج الأولاد التي لا تخلو من العبارات التشجيعية لي شخصيا مع المناوشات والهوشات المستمرة للحصول على القعدة بجانب الشباك ولا تتوقف إلا عند تهديدي بإلغاء الرحلة فيكون قرار الأكبر سنا وبحكمة بضرورة تقسيم الوقت في هدنة تضمن سير الرحلة وعدم إلغاءها.
 
 
بعد التوكل على الله والسؤال عن مستلزمات الرحلة التي يؤكد الأولاد تأمينها ننطلق بنشاط وحيوية وفي حالة من السرور والود لدى الجميع مع مداعبات لا تخلو من مجاملة الأولاد بعضهم لبعض تعقد خلالها صفقات جانبية لتغيير أماكن الجلوس يحصل بها احد الأطراف على بكيت شيبس أو ربع ليرة على اقل تقدير نتيجة تنازله عن مكانه.
 
وفي أول توقف من اجل تناول الفطور تبدأ الحقائق تتكشف عند طلب بعض الاحتياجات فلا تسمع سوى يابا هاذ كان مع حمودة .وأنا شفت رنومة حامله إبريق الشاي والسكر والتيرمس الكبير وهنا اعرف أن الرحلة ستكون مع نقص كبير في المتطلبات التي لم توفر في خضم الخصومات والمناكفات في مرحلة طعة ركوب السيارة.
 
ولا ينتهي الأمر إلى هذا الحد عندما يطفو على السطح سؤال وين بدنا نروح .إلي بقلك على البحرة والي بقلك على الحمة وثانين على ام قيس ونبدأ بتغيير الاتجاهات حتى ينبهنا الجوع واستنكارات الصغير مطالبا بالأكل لندرك أن النهار قد انقضى ثلثاه ونحن ما زلنا بنقيس شوارع ولا اتفاق على مكان محدد لتمضية باقي اليوم فيه. ونضطر لاحقا للجوء إلى اقرب شجرة بجانب الشارع العام لتحضير الغداء لإسكات التذمر نتيجة البطون الفارغة.
 
وبعد تناول الغداء مع الإشارة إلى النقص الكبير في المتطلبات مثل الخيار لعمل السلطة والفلفل الأخضر ونقصان في مخصصات الخبز التي تم التهامها أثناء الطريق ومع غروب الشمس يكون قد حان وقت العودة إلى البيت وبالنظر إلى تلك الوجوه المرهقة والأفواه المغلقة والألسن الصامتة تدرك أن التعب قد نال من الصغار حتى أنهم لم يعودوا في صراع على القعدة بجانب الشباك والأولوية أصبحت لديهم فقط  في إيجاد مساحة يتكئون عليها برؤوسهم الصغيرة وعادة ما تكون أجساد بعضهم البعض المرهقة.
 
رحلتنا الغير منظمة والتي تخلو من التخطيط المدروس جيدا مثل شغل حكوماتنا المتعاقبة دايما في نقص في المتطلبات والمدخلات بسبب الفزعة في العمل والكل عند الغارة يصير يرمي الحق على غيره وكله فوق راس المواطن الذي يبحث في النهاية عن متكأ لجسده وفكره المرهق ولا يجد سوى أجسادا تشبهه تماما وقد أرهقتها سياسات الحكومات التقليدية المتعاقبة . 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد