غيوم في سماء المملكة العربية السعودية - الجزء التاسع

mainThumb

03-10-2016 02:50 PM

التوصيات :-
 
إن المملكة العربية السعودية من خلال مكانتها الدينية  في العالم الإسلامي  وبين كافة المسلمين  تستطيع أن تكسب إحترام العالم بأسره . فهي موئل الحرمين الشريفين الكعبة المشرفة في مكة التي ارتضاها الله سبحانه وتعالى أن تكون قبلة المسلمين  والمسجد النبوي الشريف  في المدينة المنورة .
 
كما أن المملكة العربية السعودية من خلال ثرواتها النفط والغاز واليورانيوم والذهب وما تختزنه صحراء الربع الخالي من إحتياطي لهذه الثروات التي لا تقدر بثمن وتشكل مخزوناً استراتيجياً هائلاً يكفي العالم لمائتي عام  . وما تمثله من ثقل تجاري عالمي  يضعها في مصاف الدول المتقدمة في العالم  تستطيع من خلاله التأثير على العلاقات بين الأمم وبالذات بين الدول العظمى .
 
وبقدر ما تمثله هذه الثروات من مصادر للقوة فهي تحمل في ثناياها أخطارا وتهديدات إذا لم يحسن التعامل بها وإدارتها .
 
فالمملكة العربية السعودية عليها مسؤوليات عظام تجاه العالم العربي والعالم الإسلامي وهذه المسؤوليات تفرض عليها أن تكون قويه في ميادين السياسة وفي ميادين الحرب على حد سواء .
 
ولعل من أهم المسؤوليات المباشرة هي حماية الحدود السعودية  وتحقيق حماية مشتركة لكل دول مجلس التعاون الخليجي حيث يمثل هذا المجلس أنجح تجربة عربية في التاريخ الحديث فلقد تم بتاريخ 25/5/1981 إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية بعد أن وقع  قادة كل من دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة البحرين والمملكة العربية السعودية  وسلطنة عمان ودولة قطر ودولة الكويت على النظام الأساسي لمجلس التعاون .
 
وتجدر الإشارة هنا إلى أن  مجلس التعاون الخليجي قد أنشىء  كمنظمة تكاملية مغلقة  إذ نصت المادة  الخامسة من ميثاقه  على أن " مجلس التعاون لدول الخليج العربي يضم ست دول  شارك ممثلوها  في  إجتماع وزراء الخارجية  المنعقد في الرياض بتاريخ 4/2/1981وإن المبادىء التي أقيم عليها  لا تقبل انضمام  جمهورية اليمن العربية  وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية   فحسب بل وكذلك  العراق الذي يعود جغرافيا إلى منطقة الخليج العربي 
 
وما أود أن أشير إليه هنا  أن أهداف المجلس لم تضع في حسابها الجانب العسكري  ولم تتطرق إلى الأمن الإقليمي في بدايات التأسيس ولتوضيح ما أشير إليه  لا بد لنا من إستعراض أهداف المجلس
 
1: تحقيق التنسيق والتكامل والترابط  بين الدول الأعضاء  في جميع الميادين  وصولا إلى وحدتها .
 
2: تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات .
 
3: وضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين بما في ذلك الشؤون التالية :
 
أ . الشؤون الإقتصادية
 
ب . الشؤون التجارية والجمارك والمواصلات
 
ج . الشؤون التعليمية والثقافية .
 
د . الشؤون الإجتماعية والصحية .
 
ه . الشؤون الإعلامية والسياحية .
 
و . الشؤون التشريعية والإدارية .
 
4: دفع عجلة التقدم العلمي  والتقني في مجالات الصناعة – التعدين – الزراعة والثروة المائية والحيوانية  وإنشاء مراكز بحوث علمية وإقامة مشاريع مشتركة .
 
ولكن  الجانب العسكري  ما لبث أن طغى على سطح الأحداث بدءا بالحرب العراقية الإيرانية  . ففي الإجتماع الأول لرؤساء  أركان دول مجلس  التعاون الخليجي في الرياض بتاريخ 21/9/1981 وبناء على طلب من المجلس الوزاري فلقد تم رفع عدد من التوصيات من أجل تعزيز التعاون العسكري بين دول المجلس  .
 
وبتاريخ 10/11/1981 اطلع المجلس الأعلى  على توصيات رؤساء الأركان وكلفوا أصحاب المعالي وزراء الدفاع بالإجتماع لمناقشتها  حيث قام وزراء الدفاع  أثناء إجتماعهم في الرياض بتاريخ  25/1/1982 بالإطلاع على هذه التوصيات والموافقة عليها  وإقرارها . وبتاريخ 10/10/1982 صدر قرار بإنشاء قوة درع الجزيرة  ولقد مرت هذه القوة بعدة مراحل من أجل تطوير قوتها وتحديث إمكاناتها القتالية  وجرت في شهر تشرين الأول عام 1983  أول مناورات عسكرية مشتركة  لكافة دول المجلس  على أراضي الإمارات العربية المتحدة  والتي أصبحت تقام فيما بعد  بشكل دوري منتظم  وفي شهر شباط عام 1984وأثناء إجتماع وزراء الدفاع في الدوحة تم  طُرح مسألة صياغة استراتيجية  دفاعية موحدة .
 
كما تجدر الإشارة هنا أن وزراء الداخلية العرب في إجتماعهم في شهر شباط عام 1982 في الرياض قد قاموا بصياغة أحد الجوانب الهامة  من مبادىء الأمن الإقليمي  والمتمثل بأن أمن الخليج غير قابل  للإنقسام  فالعدوان على إحدى الدول الأعضاء  يعتبر  عدوانا على كافة دول المجلس  إذ أن هذه الدول  جميعا تتحمل المسؤولية المشتركة في صد العدوان  الموجه ضد أي عضو في مجلس التعاون .
 
ولقد جرت عدة محاولات   لبحث اقتراح تقدمت به سلطنة عمان في شهر تشرين الأول عام 1991  بخصوص تحويل قوات درع الجزيرة إلى بنية مستقلة عن الجيوش الوطنية  وبقيادة مستقلة  يتم تشكيلها على أساس من أعضاء  القيادات العسكرية  لجيوش الدول الأعضاء   وتقرر ألا يتجاوز عدد أفراد هذه القوات  100 ألف عسكري . واعتبرت مساعدة القوات المسلحة الوطنية هدفا أساسيا لقوات درع الجزيرة ولكن هذا الإقتراح لم يحصل على المصادقة المطلوبة .
 
وتمت العودة إلى هذه المسألة  في كانون الأول  عام 1994 خلال قمة مجلس التعاون  الخليجي الخامسة عشر  المنعقدة في المنامة  حيث طرحت من جديد مهمة الدفاع المشترك  للدول الأعضاء  وتم التأكيد على ضرورة  بناء القوات المسلحة الوطنية استنادا لإستراتيجية موحدة للمجلس .    وقد بدأ  تنشيط تطوير قوات درع الجزيرة كضرورة قصوى بحيث تصبح أداة فعالة  لقوات التحرك السريع.
 
وفي شهر  كانون الأول عام 2000 صادقت قمة مجلس التعاون الخليجي  المنعقدة في البحرين على اتفاقية الدفاع المشترك  لمجلس التعاون التي أكدت على  العديد من مرتكزات التعاون الخليجي العسكري والأمني والدفاع عن أمنها وسيادتها بصورة جماعية . وفي عام 2001 قامت دول مجلس التعاون  بإنشاء المجلس الأعلى   للدفاع بعقد إجتماعات  استشارية   حيث تم في عام  2002 قرار قمة المنامة  القاضي بزيادة عدد أفراد  قوات درع الجزيرة   
 
في عام 2003 قرر وزراء الدفاع والخارجية لدول مجلس التعاون في إجتماع عقدوه في جدة نقل قوات درع الجزيرة إلى الكويت أثناء حرب العراق بناء على طلب الكويت
 
 وجاءت الخطوة الثانية لتعميق  التعاون في الميدان العسكري  من خلال صياغة الإستراتيجية الدفاعية المشتركة  لمجلس التعاون خلال القمة الثلاثين المنعقدة  في الكويت  بتاريخ 15/12/2009 حيث تم الإعلان  عن سعي الدول الأعضاء  إلى تحقيق التكامل الدفاعي . وقد نصت الإستراتيجية الدفاعية المشتركة على إنشاء  قوى مشتركة  للتحرك السريع مؤلفة من 22 ألف عسكري  بما في ذلك وحدات جوية وبحرية  من أجل صد العدوان ضد أي دولة  من الدول الأعضاء في المجلس . عندما شكلت في قوامه  وحدة قوات التدخل السريع  وفي عام 2012 وصل تعداد هذه القوات إلى 40 ألف عسكري  ولا بد أن تبلغ هذه القوات 100 ألف عسكري خلال عامين .
 
بعد انتهاء أزمة إحتلال الكويت برزت الحاجة الماسة إلى  شريك استراتيجي قوي من أجل دعم الأمن الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي وتمثل هذا الشريك في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وقامت دول الخليج  بتوقيع اتفاقات دفاعية ثنائية  وأصبحت الولايات المتحدة  المورد الرئيس للأسلحة والمعدات العسكرية من أجل ضمان الأمن الإقليمي . وعلى سبيل المثال فلقد أعلن وزير الخارجية السعودي  الأمير سعود الفيصل رحمه الله عام  2011 خلال اللقاء  الأول  لندوة التعاون الإستراتيجي  بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة المنعقدة في الرياض   أن دول مجلس التعاون  قد اتخذت قرارا بتشكيل   لجنة مشتركة  لقضايا الأمن الإقليمي   تضم ممثلين عن دول المجلس  والولايات المتحدة   وأشار إلى أن  أهم مسألة  في جدول أعمال هذه اللجنة  تكمن في إنشاء  درع صاروخي لحماية المنطقة  ومن المقرر إنجاز هذا المشروع  قبل نهاية عام 2012 .
 
وفي عام 2011 وخلال فترة الإحتجاجات الشيعية طلبت حكومة مملكة البحرين الإستعانة بقوات درع الجزيرة  وذلك من أجل تأمين المنشآت الإستراتيجية .
 
بتاريخ 14/7/2015  بدأت عملية السهم الذهبي  ضمن مراحل عمليات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية استهدفت تحرير محافظة عدن والمديريات التابعة لها بجنوب اليمن  من سيطرة الحوثيين  وحلفائهم ولقد مهدت هذه العملية  الطريق أمام عودة  حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى عدن  كمحور إرتكاز  لبسط سلطتها الشرعية  وهو ما يمثل هدفا رئيسا للتحالف.
 
بتاريخ 25/3/2015 بدأ تنفيذ  ضربات جوية على الحوثيين  تحت مسمى ( عملية عاصفة الحزم )   استجابة لطلب من رئيس الجمهورية اليمنية  عبد ربه منصور هادي  بسبب هجوم الحوثيين على العاصمة المؤقتة عدن   ولقد شاركت في العمليات  طائرات مقاتلة بالإضافة إلى دول مجلس التعاون كل من مصر والمغرب والأردن والسودان   وفتحت الصومال مجالها الجوي والمياه الإقليمية  والقواعد العسكرية للإئتلاف  لإستخدامها في العمليات  وقدمت الولايات المتحدة الدعم اللوجستي للعمليات  ونشرت بريطانيا والولايات المتحدة أفرادا عسكريين   في مركز القيادة والسيطرة  المسؤول عن الضربات الجوية بقيادة السعودية . وبتاريخ 21/4/2015  أعلنت قيادة العملية عن توقف عملية عاصفة الحزم  لتحل محلها عملية إعادة الأمل بعد أن أعلنت وزارة الدفع السعودية إزالة  جميع التهديدات  التي تشكل تهديدا  لأمن السعودية والدول المجاورة  وبعد أن تم تدمير الأسلحة الثقيلة  والصواريخ الباليستية  والقوة الجوية التي كانت بحوزة ميليشيا الحوثيين والقوات الموالية لصالح .
 
بتاريخ 26/2/2016 بدأت مناورات رعد الشمال  العسكرية ولمدة أسبوعين  على أرض المملكة العربية السعودية بمشاركة 20 دولة هي السعودية  مصر تركيا الباكستان ماليزيا الإمارات العربية الكويت  البحرين قطر عمان  الأردن تونس المغرب موريتانيا جيبوتي السنغال تشاد جزر القمر المالديف  وهذه المناورات لم تأخذ أهميتها الإعلامية علما بأنها ألأولى من نوعها والأقوى  عددا وعدة فلقد شارك في هذه المناورات 20 ألف دبابة  و2540 طائرة مقاتلة  و460 طائرة مروحية  ومئات السفن و350 ألف جندي . وتهدف المناورات إلى تبادل الكفاءات الفنية والقتالية  ورفع مستوى التنسيق الإستراتيجي المتمثل في تحميل ونقل القوات المشاركة  من مناطق تجمعها إلى موانىء التحميل والنزول  وتطبيق المهام
 
القتالية  والمهام المشتركة بكفاءة عالية ومهارة ميدانية فائقة  في مواجهة الأخطار  والتهديدات التي تستهدف أمن واسقرار المنطقة . 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد