هل يمكن لتركيا الهروب من فخ حرب سورية؟!

mainThumb

14-10-2016 06:25 PM

لم تكد تبدأ الأزمة في سورية  عام 2011 ، حتى بدأ بعض الرؤساء العرب والمحللون الغربيون يبشّرون بنهاية نظام الرئيس الأسد خلال أسابيع أو أشهر بأبعد تقدير بما يخدم الأجندات المرسومة والمعدة في مطابخ السياسة الغربية وبعض الدول العربية التي ترى في سورية أرض خصبة لتحقيق أهدافها ومصالحها، لكن  أكثر من خمس سنوات مرّت، خسروا الرهان، وبقي النظام والجيش السوري صامدين، وإنطلاقاً من ذلك يقوم الجيش السوري بكل ما من شأنه أن يجعل سورية قوية وعصية على كل التهديدات والأخطار التي تواجهها،  هذا ما أعلنه الرئيس الأسد عن عزم قوات الجيش السوري على أن تستعيد من جديد كلّ المناطق التي سيطرت عليها الجماعات المسلحة وأخواتها.
 
خلال الأزمة في سورية  كانت تركيا صاحبة الحضور الأبرز فيها  والممول والمستفيد الأول من نتائجها، كونها تمارس تأثيراً قوياً على المعارضة المسلحة وأخواتها، إذ تزود مقاتليها بالمال والسلاح والصواريخ المضادة للدبابات في سبيل الإطاحة بنظام الأسد، كما تحاول بسط نفوذها في سورية عبر قنوات غير معلنة، إذ تدعم جماعات معارضة أخرى تعمل تحت واجهات إسلامية، وذلك عبر توفير التدريب والسلاح لها.
 
عندما أدركت تركيا فشل وكلفة المواجهة مع القوى الإقليمية والدولية، خاصة بعد المواجهة مع روسيا بعد اسقاط المقاتلة الروسية في نوفمبر 2015، وبعد تعثر إستراتيجيتها في العراق ورهانها على قوى لم تنجح في تغيير المعطيات في الميدان السوري، ولطالما أرادت أنقرة فرض منطقة آمنة في شمال سورية، وفشلت في تحقيق ذلك بسبب معارضة روسيا وحلفاؤها  لها، بدأت برسم خطوط جديدة لتغيير قواعد اللعبة هناك، من خلال السيطرة على مدينة جرابلس الإستراتيجية والبدء بتوسيع العملية العسكرية لتشمل مدناً أخرى، وكان الغرض من وراء هذه العملية العسكرية (درع الفرات) التي تقودها تركيا  هو إنشاء منطقة آمنة وطرد مقاتلي داعش والقوات الكردية من الحدود التركية-السورية التي تصفهما تركيا بالمنظمات الإرهابية مع داعش، وبالتالي القضاء على الحلم الكردي بربط المناطق السورية الثلاثة على الحدود التركية من الحسكة شرقاً إلى عفرين على ساحل المتوسط غرباً. 
 
في هذا السياق إن الهجوم الذي تشنه تركيا في شمال سورية قد يتحول إلى نزاع طويل يزيد من التوتر مع واشنطن، في حال واصلت أنقرة عملياتها ضد المقاتلين الأكراد المدعومين أمريكيا، كما ستتحول سورية إلى امتداد جغرافي للقتال الطويل بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني المحظور هناك، الذي قتل مئات من قوات الأمن التركية منذ انهيار الهدنة العام الماضي، وبالتالي إذا تواصلت هذه المواجهات فإن ذلك سيكون لها إنعكاسات سلبية وخطيرة على الصراع الجاري ضد حزب العمال الكردستاني في تركيا، وبذلك يمكنني القول إن المغامرة التركية في سورية لا تزال في بداية فخ المستنقع السوري، وستصبح تائهة مثل تنظيم داعش والمجموعات المتطرفة الأخرى..
 
في السياق ذاته إن الإدارة التركية بعدما إستنفذت كل ما لديها من أساليب لإسقاط سورية، وباءت جميع محاولاتها بالفشل، بدأت تلملم أوراقها وأصبحت تمارس الضغط على الدول لوقف تمويل ودعم الإرهاب، وكما تؤكد على أنه لا بديل عن الحل السياسي للأزمة، وتمرر بين الفترة والأخرى تصريحات تؤكد على ضرورة التعاون مع الدولة السورية للقضاء على داعش، ما يعني أن تركيا  في مرحلة تغيير سياستها الخارجية، كون التوقعات التي خططت لها جاءت في غير صالحها، ولو تابعنا المسار الذي رسمته تركيا  في سورية والتي وضعت به كل إمكاناتها، نجد بأن هناك  فارق كبير في قراءة المشهد السوري، إنطلاقاً من وقائع الميدان، فبعد سيطرة الجيش السوري على مدينة حلب والمناطق المجاورة لها بدت المسألة أقرب الى الحسم النهائي من أي وقت آخر، بذلك تبدو تركيا المتضرر الأكبر وهي تراقب إعادة تشكيل المنطقة على وقع تنسيق روسي ــــ إيراني سوري  وتطورات ميدانية قلبت الموازين على الأرض السورية.
مجملاً...إن الإنتصارات الميدانية التي حققها الجيش السوري بدعم حلفاؤه من الروس والإيرانيين، أدت الى كسر شوكة المجموعات المتطرفة  في المناطق المحررة، الأمر الذي سيؤدي الى تعجيل سقوط المتطرفين وغيرهم من التنظيمات الشبيهة، والى عودة الحياة الطبيعية والأمن والاستقرار للمدن السورية، وبإختصار شديد ، إن سياسة تركيا في سورية تبدو يائسة، إذ فشلت وإندثرت خطط وآمال أنقرة في الإطاحة بالرئيس الأسد وفرض نظام المتطرفين الإسلاميين في دمشق، وأخذت الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا تفقد مواقعها بالتدريج في المواجهات مع الجيش السوري، لذلك يبدو أن تركيا على أبواب سيناريوهات مرعبة ومخيفة لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في المنطقة، ومن هذا المنطلق يجب على تركيا أن تتأهب لمرحلة جديدة، فتركيا تتجه بسرعة كبيرة إلى فخ المستنقع السوري إذا استمرات حكومة أردوغان بالدور السلبي في سورية من خلال  سعيها لتأجيج الصراع  في سورية، لذلك من الخطأ تصور أن بإمكان تركيا أن تنعم بالأمن والإستقرار، فيما ألسنة النيران تشتعل في سورية.
khaym1979@yahoo.com
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد