في حرية الرأي والتعبير

mainThumb

21-10-2016 04:17 PM

هناك دون شكفرق جلي بين التعبير والرأي بحرية ومسئولية، بهدف لفت الانتباه إلى مسألة ما وتصحيح الاعوجاج والخلل ولزوم ما يلزم فيها انطلاقا من المصلحة العامة والمجتمعية التي يجب أن تكون من قلب المرء في مركزه، وبين فكر لا يقصد به إلا إثارة النعرات وزيادة الأحقاد والعمل على الاحتقان بين مختلف أطياف الشعب الواحد في البلد الواحد والأمة الواحدة.
 
فالتعبير بالرأي بحرية مسئولة ظاهرة محمودة إيجابيتها أصحاب أقلامها ما يفتئون يبدون وجهات نظرهم بطريقة تنبئ بقربهم الواعي من المسائل والأمور ذات الشأن والأهمية في المجتمع، على خلاف من يمتلكون أقلاما نشازا مذمومة مكروهة أفكارها ومضامينها ورسائلها في المحيط التي تتواجد فيه ليس هدفها إلا بث السموم ونفخها بما يعمل على أسباب الفرقة في المجتمع وإثارة النعرات فيه والحساسيات والمشكلات بأساليب ظاهرات محسوسات يمكن بيانها بطرق تأليفها وصياغتها وتركيبتها بغض النظر عن الموضوع الذي تناقشه سياسيا كان أم اقتصاديا أو عسكريا أم اجتماعيا أو خلافه.
 
 وقد كان من نتاج هذا الخرف التعبيري والكتابي صعود جماعات راديكالية ومتطرفة أساءت لدينها ومجتمعها وأصولها بما تمارسه منإرهاب فكري، وانتشر البعض منها مع الأسف في بعض الدول العربية مما أدى إلى إذكاء ثقافة العنف الديني والمذهبي ونشر الفكر التكفيري بما يهدد الوحدة الوطنية لدولة بعينها، مما قد يؤديبالتالي إلى فرض قيود على حرية والرأي والتعبير والإبداع بكافة أشكالها فيها.
 
ولا تردد في القول بأن الأقلام النشازالهادم فكرها، والمبني على بث أسباب الفرقة والتناحر اعتقادها،ينبغي منعها وكبحها بل ومحاربتها وإيقافها، فنحن في زمن أحوج ما نكون فيه إلى البناء، والتكامل، وصولاً إلى منعة جامعة تحترم فيها كلمة الآخر بعيداً عن القدح والذم والتجريح بالقدر الذي تكون فيه مصلحة البلد والأمة على رأس أولويات الفكر المطروح سواءفي الوسائل الإعلامية والثقافية من مجلاتوصحف وتلفزيون أو بغيرها من وسائل الإعلام باختلاف مكوناتها، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي منها. ونذكر على سبيل المثال هنا لا الحصر هنا أن القانون الفرنسي يمنع أية كتابة أو حديث علني يؤدي إلى حقد أو كراهية لأسباب عرقية أو دينية.
 
والحرية المسئولة في التعبير إنما تعني، كما طرحها ريتشارد مون، أستاذ القانون في جامعة ويندسور الكندية، حرية الضمير والدين وحرية الكتابة التي تعتمد على التفاعلات الاجتماعية.وقد ذكر مون أيضا أن باستطاعة الفرد عن طريق التواصل خلق علاقات وترابط مع الآخرين ( العائلة و الأصدقاء وزملاء العمل) وأنه بدخوله في مناقشات مع الآخرين فإنه سيساهم في تطوير المعرفة في المجتمع وتنميته والعمل على تحقيق التوازن والعدالة فيه.
 
ومما يبعث الأسى في النفوس حقا في وقتناوواقعنا الراهن هذا أن إثارة النعرات المذهبية والطائفية وأمثلتها بادية لنا في بعض البلدان العربية، أدت إلى تغيير واقع جغرافيا الدولة الواحدة، كما في حالة العراق مثالا لا حصرا، حيث الواقع يشير إلى تقسيمه إلى ثلاث دويلات غير معلنة، سنية وشيعية وكردية، وهي نعرات لم تكن في الماضي منتشرة بالطريقة التي عليها حالها الآن، حيث أصبحت منهجا وطريقا لدى البعض يرنو من خلالهما إلى السيطرة على الآخرين والتحكم بهم، بل وتكفيرهم وعدم القبول بوجودهم إذا خالفت معتقداتهم معتقداته وفكره.
 
هذه الظاهرة، ظاهرة الفكر الهادم وتبني سياسة الطائفية الممنجهة وتكفير الآخرنهج ينبغي إيقافه ولجمه قبل تغلغله بين ظهراني أفراد المجتمع الواحد والأمة الواحدة، إذ أن الأمن الشمولي في الدول، البدني والجسدي والصحي وخلافهيعدالمرتكز الأساسنحو الانطلاق في معركة البناء الاقتصادي والثقافي والتعليمي، والنهوض بالأمة في المجالات الأخرى كافة وبدونه تفقد الأمة مكونات وجودها، إذ لا نماء ولا تطور في ظل انعدام الأمن، وهو إن تغلغل سيدفع  إلى الانهيار في المجتمع وإلى ما لا تحمد عقباه لا قدر الله.
 
 
كاتب ومحلل سياسي
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد