نذر القيامة ومعركة الموصل

mainThumb

21-10-2016 10:20 PM

معركة الموصل التي انطلقت يوم الاثنين 17/10/2016 حيث تختلط مشاعر الناس بين مؤيد وبين معارض، هذه المعركة تختلف إختلافًا كثيرًا عن غيرها من المعارك، فقد شهدت حملة إعلانية مسبوقة منذ أشهر تظهر أنها معركة مفصلية في تاريخ المنطقة، فهي عاصمة دولة العراق والشام الإسلامية وفق منطق الدواعش وهي مرتكز الإرهاب وفق منطق حكومة بغداد وحكومات المنطقة بل العالم، إجماع عالمي على أن عصابة خارجة عن الأعراف تسيطر على ثاني أكبر المدن العراقية تعدادًا للسكان مدينة .
 
الموصل مركز محافظة نينوى ذات التاريخ العريق في عمق التاريخ، ووفق منظور جغرافي تبعد هذه المحافظة حوالي 450 كم عن العاصمة بغداد وتبلغ مساحتها مقاربة لمجموع مساحة ثلاث دول عربية مجتمعة وهي (قطر، الكويت والبحرين) وبتعداد سكاني يقارب 3 ملايين نسمة، هذه المدينة التي تعتبر المركز الأول لهذا التنظيم في العراق والمركز الثاني على مستوى التنظيم بعد محافظة الرقة السورية، وهي تشكل عمق التنظيم السياسي والوجودي، ومن منطلق مكانتها فالتنظيم اليوم في مواجهة لحظات فارقة في تاريخ الزاخر بالعنف والسيطرة منذ صيف عام 2016 حينما سيطر على المدينة،  وهو اليوم لن يدخر جهدًا في إثخان المتكالبين عليه في سبيل بقائه أو هزيمته بشكل يوحي بمقدار قوته، لا عجب أن الهزيمة قد تكون تحصيلاً زمنيًا لكن ما ستدفعه الموصل كمدينة ثمنًا لهذه الهزيمة هو ما سيكون مفصلاً في تاريخ الصراع في المنطقة، فبشاعة التنظيم ستقابلها بشاعة من قبل المتكالبين عليه، وكلمة تكالب هنا ليست مناصرة لغوية بقدر ما هي واقع ستعيشه الموصل وأهلها خلال الأيام المقبلة.
 
 والفارق في معركة الموصل أنها ستكون بوابة انفتاح التنظيم للتوسع في عملياته بالعمق العراقي وعمق المنطقة ككل، فسقوط الموصل من يد التنظيم لا يعني سوى سقوط مدينة كومة من الأطلال، فالمعركة ستكون حرب شوارع مفتوحة وساحة واسعة في الموصل وغيرها، رغم أن حالة المعركة من المتوقع أن تأخذ منحنى معركة ستالينغراد في الحرب العالمية الثانية عام 1942م، وعلى غرار تلك المعركة من المتوقع أن يكون رقم الضحايا عدادًا رقمي مفتوح لأبرياء لا علاقة لهم باختلاف سياسات وطوائف مبتدعة في المنطقة.
 
 في معركة الموصل تلتقي الأضداد معًا في معركة لن تكون فيها اعتبارات إنسانية مهما أكد المؤكدون، في معركة الموصل تحالفات غائية تجمع أعداءًا ويتقاتل فيها أبناء شعب واحد وهوية واحدة ودين واحد، في معركة الموصل ستجد الشيعة والسنة والعلمانية والنصرانية بكنيستها الشرقية والغربية ستجد اليهودية في الخفاء ها دور وحتى الإلحادية.
 
 ربما لن يشهد التاريخ مفصلا في حروبه كما سيشهدها في الموصل لا لضخامة المعركة بل لضخامة التناقضات فيها، في المحصلة الحتمية معركة الموصل وغيرها ستجد نتيجتها الأبرز أبرياء يقتلون، داعش وغيرها كان بالإمكان محاربة بذورها في المنطقة فكريًا قبل ان تهدم مدن باسم تحريرها منها.
 
 داعش كفكرة وبذورها مغروسة في حالة اجتماعية تعيشها المنطقة ستولد فكرًا أكثر تعصبًا وأكثر تطرفًا مع هذه الدماء النازفة، إن دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والكهل مجتمعة تشكل لوحة فريدة تولد جيل يعاني ويعاني في المنطقة وفي الشتات من العراق وسوريا وفلسطين واليمن وفي معظم دول المنطقة بنسب تتفاوت ليولد تعصب جديد لن تكون حدوده الموصل ليجتمع العالم ليحررها بل ستكون مدن العالم مليئة به فتراه يضرب هنا ويضرب هناك، إن معركة الموصل تفتح المجال لحرب مدن وشوارع ستطال مدنًا كثيرة في ظل قراءة سير المعركة وما يتبعها.
 
أن المتتبع في فكر هذه المعركة يجد أن معظم مدن المنطقة مؤهلة لتكون عرضة لحروب شوارع على غرار ستالينغراد في أربعينيات القرن الماضي وهو خطر ينذر بنذر حرب واسعة يمكن القول أنها وفق قراءات التاريخ نذر القيامة التي نجدها بقصة حرب هيرمجدون وغيرها من روايات متناقلة عن حرب لا تبقي ولا تذر تسبق قيام الساعة.
 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد