فيس بوك .. الفخ الاجتماعى - جيهان فوزي

mainThumb

22-10-2016 09:35 AM

«فيس بوك»، هذا العالم الافتراضى الذي بات يشكل صداعا قاسيا لأنظمة الدول على اختلاف توجهاتها، بفضله أٌسقطت أنظمة وتغيرت خرئط وجغرافيا دول، وأصبح مصدرا خطيرا لتداول المعلومات وتسريبها، وفى مراحل متقدمة للتجسس واختراق سرية الحسابات الشخصية والاطلاع على مخزونها من المعلومات الخاصة، فكرة إنشاء الفيس بوك جاءت للتواصل الاجتماعى بين البشر من مختلف الأجناس والأعراق والبلدان، سرعان ما تطورت تقنياته ليصبح أخطر حلقة في منظومة التواصل البشرى حول العالم، وبفضله استطاعت جهات إرهابية مثل داعش تجنيد الآلاف من الشباب وضمهم لصفوف التنظيم، فكان كلمة السر المشفرة لانطلاق أعتى العمليات الإرهابية التي ضربت دول أوروبية كفرنسا وبلجيكا وألمانيا وأيضا أمريكا.

 
«فيس بوك» الذي طالما وجهت إليه الانتقادات والاتهامات بانتهاك الخصوصية والسرية، تحول إلى ملاذ للتنفيس والتعبير عن النفس والأفكار والآراء وتسجيل الحالة المزاجية للمستخدمين، وفى أحيان كثيرة تسجيل وثائقى لحياة المستخدم بالكامل موثقا بالصور والمواقف والذكريات، وفى معظم الأحيان يكون متنفس للتعبير عن آرائهم ومواقفهم السياسية من بلادهم أو من سياسات بلدان أخرى بتبادل المعلومات منها الحقيقية ومنها المزيفة بنشر الشائعات والأخبار الكاذبة، وأصبح أداة متاحة للجميع للحشد والاستنفار والدردشة في قضايا حساسة تصل في أحيان كثيرة إلى إثارة البلبلة والشكوك والفوضى وتكدير السلم المجتمعى بحسب توصيف الأجهزة الأمنية لبعض استخداماته، فأثيرت العديد من المخاوف بشأن استخدامه كوسيلة للمراقبة واستخراج البيانات، كما أثيرت بعض المخاوف من صعوبة قيام المستخدمين بحذف حقوق الدخول أو الحسابات الخاصة بهم عند الرغبة في ذلك، حيث أتاح الفيس بوك للمستخدمين إلغاء نشاط حساباتهم فقط بحيث لا يتم عرض ملفاتهم الشخصية بعدها، وبالرغم من ذلك فإن أي معلومة قام المستخدم بإدخالها إلى الموقع وعلى ملفه الشخصى ستظل موجودة على وحدات الخدمة الخاصة به.
 
ونظرًا لطبيعة الفيس بوك التي تتيح دخول أي فرد إليه، فإن العديد من الدول قامت بحظر الدخول إلى الموقع لحساسية الظروف التي تمر بها وتتعارض مع استخدامه بحرية من مواطنيها، ومن بين هذه الدول سوريا وإيران ، وبررت الحكومة السورية قرار الحظر استنادًا إلى قيام البعض بالتحريض على شن هجمات ضد السلطات من خلال الموقع.
 
الحكومة السورية أيضا تخشى التسلل الإسرائيلي لشبكات التواصل الاجتماعية في سوريا من خلال الفيس بوك بحجة أنه تم استخدامه من قبل بعض المواطنين السوريين لتوجيه الانتقادات إلى الحكومة وإثارة القلاقل، لأن توجيه انتقاد علني للحكومة السورية يعد جريمة يعاقب عليها بالسجن. وفي إيران تم حظر استخدام الموقع بسبب مخاوف من أن يتم استغلاله في تنظيم حركات معارضة للحكومة.
 
فيس بوك مثلما كان فرصة للتعارف والتواصل وتبادل الآراء، كان أيضا نقمة، فقد تعرض نشطاء عديدين على الموقع إلى الاعتقال والسجن منهم الكاتبة فاطمة ناعوت المحكوم عليها بالسجن ثلاث سنوات لأنها عبرت عن رأيها في ذبح الأضاحى، وفى فبراير عام 2008 تم إلقاء القبض على مواطن مغربي يدعى فؤاد مرتضى بتهمة إنشاء ملف شخصي زائف على الفيس بوك باسم مولاي رشيد أمير المغرب، وحديثا قامت السلطة الفلسطينية باعتقال ثلاثة شبان على خلفية نشاطاتهم على الموقع بتهمة التطاول على الرئيس محمود عباس! وبعد ثورات الربيع العربى التي قلبت موازين المنطقة بأسرها رأسا على عقب، أصبح فيس بوك مستهدفا أكثر من أي وقت مضى ومراقبا من أجهزة الدول، بدعوى أنه يمثل خطرا داهما على الأمن القومى وأنظمة الحكم بسبب تأثيره السحرى والتفاعلى بين الناس وتأثيره السلبى على الشباب من قبل مستخدمين متطرفين يقومون بتجنيدهم من خلاله للقيام بعمليات إرهابية، لم يكن ذلك فقط فقد اتهم الموقع بالاختراق الإسرائيلى والدور الاستخباراتى الذي يلعبه، فقبل حوالى ست سنوات نشرت صحيفة «الحقيقة الدولية» الفرنسية تقريراً يتهم موقع فيس بوك بأنه ساحة خلفية للاستخبارات الإسرائيلية، وأنها تستخدمه لتجنيد الجواسيس وهو ما أكدته صحيفة «إسرائيل» اليهودية بنشرها ملفا واسعا عن الموقع عبر مصادر إسرائيلية قالت إنها موثوقة، أكدت فيه أنه موقع استخباراتى إسرائيلى مهمته الحقيقية تجنيد العملاء والجواسيس لصالح دولة الاحتلال الإسرائيلى؟! وتضمن الملف معلومات حول أحدث طرق الجاسوسية التي تقوم بها كل من المخابرات الإسرائيلية والمخابرات الأمريكية عن طريق أشخاص عاديين لا يعرفون أنهم يقومون بمثل هذه المهمة الخطيرة، حيث يعتقدون أنهم يقتلون الوقت أمام صفحات الدردشة الفورية واللغو في أمور قد تبدو غير مهمة وأحيانا تافهة لا قيمة لها، لكن إسرائيل استفادت من الكم الهائل من المعلومات المتاحة عن المشتركين من العالمين العربى والإسلامى وتحليلها، وتكوين صورة استخباراتية عن الشباب العربى والمسلم، مستغلة إدلاء المستخدم بتفاصيل مهمة عن حياته الشخصية وحياة أسرته ومعلومات عن وظيفته وأصدقائه والمحيطين به، ونشر صور شخصية له، ومعلومات يومية تشكل قدرا لا بأس به لأى جهة ترغب في معرفة أدق التفاصيل عن عالم الشباب وسلوكياته وأفكاره!.
 
صحيف المصري اليوم
 
جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد