المتشابه والمختلف في حربي حلب والموصل

mainThumb

22-10-2016 03:09 PM

الحرب الدائرة في كل من مدينة حلب في سوريا والموصل في العراق تحمل في ثناياها أمورا متشابهات وأخرى مختلفات من حيث مدخلاتها والدول المشاركة فيها ثم المخرجات المتوخاة منها وتصب في نهاية في المطاف في صالح النظام الصفوي الإيراني الحاكم في طهران.
 
ما يلاحظ في معركة حلب مشاركة روسية لا يقال إلا أنها فاعلة بمختلف صنوف الأسلحة الفتاكة بما فيها من طائرات حربية تستخدم آخر ما توصل إليه العلم من التكنولوجيا والقنابل والصواريخ الموجهة إضافة إلى الوجود الإيراني الفاعل في الحرب على المدينة أيضا، والهدف هو تركيع المعارضة السورية وإجبارها على الجلوس مع النظام مرغمة للتوصل إلى حل سياسي في الدولة السورية، على خلاف الهدف الروسي الذي يعلن القائمون عليه أنه يتمثل في إخراج قوات ما يسمى بجبهة النصرة أو فتح الشام الموسومة بالإرهاب وغيرها من القوى التي وسمت بنفس المسمى من المدينة.
 
لكن ثمة سؤال في غاية الأهمية: ما هو الهدف النهائي للحرب في هذه المدينة إن كسرت شوكة المعارضة فيها؟ الطرف الإيراني كما الروسي تدخل بكل قواه إلى جانب النظام السوري، حفاظا على طريق يربطه دائما بطفله المدلل حزب الله في لبنان، وإدامة أسباب وجودهوإمداده بالسبل التي تمكنه من أن يلعب باستمرار دور مسمار جحا على الأرض اللبنانية.  والأمر الآخر الأكثر أهمية العمل على نشر المذهب الشيعي فيها أو الانتقام من كل ما  هو سني في المدينة كما حصل في منطقة الأنبار في العراق وفي مدينة الفلوجة تحديدا حيث مارست ما يسمى قوات الحشد الشعبي المعروف أنها تتلقى تعليماتها وأوامرها من طهران عمليات قتل وتدمير طائفية مستنكرة في طبيعتها ليس الهدف منها إلا الانتقام كما يروج له هؤلاء المريضون بأفكارهم من أحفاد يزيد.
 
أما في الموصل حيث ثمة اختلاف في الأطراف المشاركة في الحرب على المدينة لتحريرها من داعش، فمن الجيش العراقي إلى قوات الحشد الشعبي سيئة الذكر إلى القوات الأمريكية التي تقدم الدعم الجوي للجيش العراقي في تحرير المدينة، فإن الغاية النهائية تصب في المنحى نفسه تثبيتا للمشروع الإيراني سيئ الذكر.
 
قبل الإسهاب في الكتابة، لا بد من الإشارة إلى أن مدينة الموصل وحتى محافظة صلاح الدين في العراق تم احتلالها من قبل بضعة آلاف من مقاتلي داعش في عهد رئيس الوزراء العراقي السابق الذي عاد مؤخرا بأمر قضائي إلى ممارسة مهامه كنائب لرئيس الجمهورية في العراقـ، وما زالت طريقة احتلال المدينة أمرا غامضا لم يكشف إلا عن القليل منه، واستولت داعش بعده على أكثر الأسلحة المصنعة في المصانع الأمريكية تطورا من أيدي الجيش العراقي الذي كان يحمي المدينة.
 
ليس ثمة مبهمات في ذلك، فالطائفة السنية في الموصل كما في حلب وقبلها بغداد والبصرة وفي حمص والفلوجة، وبيروت هي المستهدف قتلها وتشريدها والانتقام منها من أجل وضع المدينة تحت السيطرة الإيرانية التي تحاول الامتداد بشتى الطرق وفرض المذهب الشيعي في المنطقة العربية، مدعومة في ذلك بقوة عسكرية روسية في سوريا، وأمريكية في العراق، سواء كان ذلك قصدا أو دون قصد.
 
لا بد هنا من الإشارة إلى تركيا التي حاولت أن تكون طرفا في معركة الموصل لمعرفتها أن ما جرى من عمليات انتقام وقتل للطائفة السنة في المدن التي تمت الإشارة إليها سالفة ربما يتكرر في هذه المدينة، لكن على ما يبدو تم تحييد الموقف التركي نسبيا من خلال التلويح للدولة التركية بالورقة الكردية.
 
الخوف كل الخوف مرة أخرى أن يأتي الدور على مدن عربية أخرى كدمشق التي غدر بها نظامها وغدت مرتعا للأغراب من الروس والإيرانيين ومن يسير على شاكلتهم، وهي هي الأخبار تتناقل أن المدينة مطوقة من الجهات كافة بغية تغيير تركيبتها وديمغرافيتها وكل ما فيها وإضفاء الطابع الشيعي عليها.
 
خلاصة القول، فإن مشروع الهلال الخصيب الفارسيالذي حذر منه جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين قبل سنواتوتنبهت له أيضا المملكة العربية السعودية ووقفت بكل قدراتها في وجه مخططات القائمين عليه، في لبنان وسوريا واليمن والعراقيحاول المضي قدما في مد جذوره في المنطقة العربية بدعم روسي وأمريكي باختلاف الأغراض التي يسعى كل طرف لتحقيقها، والعمل بكل السبل على طمس الهوية السنية للمدن العربية مما قد تطوله أيدي هؤلاء المتربصين بالأمة العربية، والذي بدأ منذ الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003.
 
 
كاتب ومحلل سياسي
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد