مدنية الدولة

mainThumb

25-10-2016 10:56 AM

مدنية الدولة أو الدولة المدنية سيبقى الهاجس والأمل والحلم الذي يسعى ويناضل من أجله كل أحرار وحرائر الوطن ، فالدولة المدنية هي التي لها وجه واحد وقانون واحد ونظام واحد وتؤمن بالتعددية السياسية والدينية فهي دولة لكل أبنائها تحترم أديانهم وثقافتهم فهي دولة المواطنة والمؤسسات الحقيقية والأقرب لإرادة الله عزّ وجل الذي أوجد التعددية الكونية ليس بالأديان فقط ولكن بالألسن من خلال اللغات المختلفة بالعالم .
 
ورغم أننا في القرن الواحد والعشرين إلا أنه قطاع واسع من الناس لا يعرف خصوصية الدولة المدنية أو دولة المواطنة ويرى هؤلاء بالدولة المدنية إنها دولة كفر لا تعترف بالأديان لمجرد أنّ هؤلاء أو أغلبهم من معتقدي ثقافة معينة ولو عرف هؤلاء الدهماء معنى دولة المواطنة المدنية لكان لهم رأي آخر والسبب في ذلك يعود لخطاب الكراهية الذي أصبح للأسف هو الأقوى حتى ممّا تبقى من الدولة ذاتها وأصبحت لغة التخوين والتكفير هي السائدة التي تزاود بها حتى الحكومات المتعاقبة على تجّار التأسلم الكاذب .
 
ولعلّ قضية المرحوم ناهض حتّر أكبر دليل على ما نقول ومن تابع تلك المأساة من البداية يجد نفسه لا يفرق بين الظلاميين من تجّار الإسلام السياسي والحكومة المهزوزة التي أخذت تزاود على تجّار الإسلام السياسي من خلال تعاملها مع الحدث والتحريض الذي تبنته في خطابها بخصوص القضية والذي يتشابه في مضمونه مع خطاب المتأسلمين الذين رأوا في قضية المرحوم حتّر ميداناً للعودة السياسية عبر البوابة الدينية كالعادة .
 
ما حدث من اغتيال للمرحوم ناهض حتّر كان أمراً طبيعياً ومتوقعاً بعد إهمال الحكومة لأكثر من مئتي شكوى قدمّها ذوي الفقيد حول تهديدات تصل لابنهم ، وللأسف الجهات المختصة لم تهتم بالموضوع وانتبهت بعد وقوع الجريمة في ذلك المكان وما يمثله الأمر الذي سيبقى شاهداً على جريمة بشعة كان بالامكان تجنبها لو كان هناك حكومة مسؤولة ، وأتساءل هنا لماذا تخشى الحكومات المتعاقبة من مدنية الدولة ، ويبدو أن تلك الحكومات تتعامل بوجهين واحد أمام العالم الخارجي بالإيحاء بأننا دولة مدنية وأخرى أمام الدهماء بأنها دولة إسلامية حتى عروبة الدولة تذكر باستحياء للأسف وأصبح الصوت القوي لقوى الإسلام السياسي وعندما تعجز الحكومات المتعاقبة عن التعبير عن وجه الدولة الحقيقي هل هي دينية ودولتنا ليس كذلك ، أم دولة مدنية وأيضاً هي ليس كذلك حيث أن لدينا دولة ليس لها وجهاً واضحاً رغم كل تأكيدات المسؤولين وعلى رأسهم الملك نفسه فالورقة الأخيرة التي قدمها الملك فيها تأكيد واضح على مدنية الدولة ولكن على أرض الواقع لا شيء يذكر وسؤالي متى نرى دولتنا مدنية لكل مواطنيها وهذا الشيء برأيي المتواضع يحتاج لنضال سياسي طويل والدولة الموجودة مدنية بالاسم وجوهرها بعيداً عن ذلك وهناك حيتان وقطط سمان مستفيدة من هذا الخلط الذي أفرز تآكل للدولة بشكل واضح فلا هي دولة مدنية ومع استحالة أن تكون هناك دولة دينية والجميع يدرك بما في ذلك دعاة الإسلام السياسي أنفسهم .
 
لذلك نرفع صوتنا عالياً طلباً لدولة المواطنة المدنية فنحن رعايا لدى الدولة البوليسية ولا حل إلا بالدولة المدنية لكل مواطنيها وكفانا ضحكاً على الذقون ونحن اليوم أمام خيارين إما الدولة المدنية وإما الدولة الداعشية المجرمة ولا عزاء للصامتين .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد