معركتا الموصل والرقة .. خبث أمريكي جديد

mainThumb

29-10-2016 10:21 PM

دخلت الأزمة السورية عامها السادس وإلى الآن لا توجد أية مساعي دولية جادة في حلحلة هذه الأزمة، وكلما اجتمع أقطاب العالم للتباحث حول هذه الأزمة كانت النتيجة هي الإتفاق على هدنة تمتد لساعات قليلة،  وكأن هناك من يحاول أن يعرقل حل هذه الأزمة التي بات خطرها يهدد المنطقة بأكملها،  فأمريكا تتمنى وتعمل على أن تبقى الأزمة السورية مستمرة ، على أمل أن تؤدي الى إنهاك سورية وحلفاؤها من محور المقاومة، مما يشكل ضربة قوية لروسيا.
أعلنت أمريكا قيام القوات العراقية بالتوقف العسكري لمدة يومين عن شن هجمات لتثبيت سيطرتها على المناطق التي إنتزعتها من تنظيم داعش منذ بدء معركة إستعادة الموصل، وقال الكولونيل الأمريكي جون دوريان في مؤتمر ببغداد "نعتقد أن الأمر سيستغرق قرابة يومين قبل إستئناف التقدم نحو الموصل” ، موضحا أن هذا التوقف من ضمن مخطط التحالف الدولي، كما أوضح بأن هذا التوقف شامل ويجري على مختلف المحاور والجبهات، ويقدر عدد المسلحين الدواعش في مدينة الموصل بين ثلاثة إلى خمسة آلاف مسلح اضافة إلى ألفين آخرين في مناطق حول المدينة، إذاً لا بد لنا في هذا المجال أن نتوقف عند الحرب التي تشنها أمريكا وحلفاؤها ضد داعش التي يقصفونها يومياً بالصواريخ ، لنتساءل عن النتائج التي حققتها تلك العمليات بقيادة أمريكا؟.
 
لا يخفى على أحد بأن أمريكا بدأت تقوم على إعادة إهتمامها بمنطقة الشرق الأوسط، فقد أعلنت واشنطن أن معركة تحرير مدينة الرقة من تنظيم داعش قد تكون قريبة، وقد تتداخل مع الهجوم الجاري في العراق على مدينة الموصل، من دون أن يكون واضحاً ما هي التداعيات والأبعاد السياسية والعسكرية التي يمكن أن تترتب على فتح هذه المعركة في هذا التوقيت، وخاصة إن القوى المتطرفة والجماعات الإرهابية ليست سوى جيشاً أمريكياً، كما يأتي هذا  الإعلان  بالتزامن مع تقرير للإستخبارات الأمريكية الغربية بأن روسيا قد تسقط مقاتلاتهم في أجواء سورية، الأمر الذي يشير إلى عدم وجود تنسيق روسي أمريكي حول معركة الرقة المزعومة، بل على العكس، أكد  وزير الدفاع الأمريكي  آشتون كارتر، على أن روسيا والجيش السوري لن يشاركوا في عملية التحالف بالرقة.
 
اليوم واشنطن تجمع الأوراق وتستعد لتشديد الضغوط على سورية وحلفاؤها في المنطقة، لذلك جاء إعلان واشنطن الاستعداد لإقتحام مدينة الرقة معقل تنظيم داعش في هذا الوقت، لإرباك سير عملية تحرير الموصل، فمن جهة  إن تشتيت الإمكانيات بين الموصل والرقة لا يصب في مصلحة الجيش العراقي ضد التنظيم، ومن جهة أخرى يفتح المجال لمجموعة من المساومات أو المفاوضات السياسية على حساب معركة الموصل، فتحركات داعش بين المدينتين "الموصل والرقة" مفتوحة على مصرعيها وتتم تحت الرعاية الأمريكية الغربية،لاخاصة بعد سعي بعد الدول لتعزيز تواجدها العسكري في العراق وعلى رأسها تركيا التي فتحت حدودها أمام تنظيم داعش لكي تقوم هي وحلفاؤها بإيجاد ذريعة للتدخل في سورية والعراق،  وبالتالي يعد هذا الإعلان دليل واضح إلى أن أمريكا عازمة على تعزيز وجودها العسكري في الرقة مقابل التوسع الروسي في حلب، خاصة أن الرقة تشكل الحديقة الخلفية للموصل العراقية، الأمر الذي يعطيها مجالاً للعب دور في الملف السوري كطرف فاعل ومؤثر.
في هذا السياق يمكن القول إن المطّلع على مصطلح "تجميد القتال" في المفهوم الدولي، والذي يعني أنه على جميع أطراف النزاع أن توقف إطلاق النار، وأن تحافظ على وضعها الميداني كما هو، يتأكد أن هذه المبادرة هي لإنقاذ الجماعات المتطرفة في سورية، خشية من الإنسحاب من المناطق التي تسيطر عليها، ولمنع الجيش السوري من أن يستعيد السيطرة عليها.
 
لا يخفى على كل أحد الدور الأمريكي  في حرب سورية ودعم وتمويل واسناد وتجهيز المجموعات المسلحة بكل الإمكانيات وكذلك توفير الأرضية للإعتراف بهم كقوة فاعلة في الشأن السوري، ولا ننسى أن مشروع " الشروق الأوسط الجديد " الذي طرحه البيت الأبيض والذي يقوم على أساس إعادة ترسيم الحدود لدول المنطقة من جهة ومن جهة أخرى إستبدال الرؤساء العرب بآخرين جدد بحسب مصالحها ومتطلبات المرحلة الجديدة, فأدخلت داعش وأخواتها وبعض الدول العربية كمنفذين لهذا المشروع, وبدرجة عالية من الغباء توهموا بأن سير الأحداث التي رسمتها أميركا  يجري وفق مصالحهم وأهدافهم,  فقد وجّه الرئيس الروسي بوتين، رسالة واضحة إلى الغرب وحلفاؤه بأنه لن يتخلى عن سورية، مؤكداً أن موسكو ستواصل دعم السوريين لتحقيق السلام، محملاً الدول الغربية مسؤولية تواصل الحرب عبر الرهان على تنظيم داعش، ومن هنا تأتي زيارة المعلم اليوم إلى روسيا لتكمل سلسلة من التحركات التي كانت موسكو مركزاً لها
 
مجملاً... إن ما تمر به سورية حالياً هي فترة قاسية وصعبة ولكن مؤقتة في تاريخ هذا البلد العزيز على قلب كل سوري وأن هذا النفق المظلم سينتهي قريباً جداً بالكثير من النور الذي سيضيء مستقبل شعبها نصراً وفخراً واستقراراً، وأن الرهان يبقى على قدرة الجيش السوري ميدانياً على تقويض أي أمل لدى الغرب وحلفاؤه  بأن الدولة السورية يمكن إسقاطها عسكرياً من الداخل، وعلى قدرة روسيا وإيران على الوصول لتفاهمات مع الدول الفاعلة في هذه الأزمة المعقدة.
khaym1979@yahoo.com


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد