أيهما أفضل لسورية .. كلينتون أم ترامب؟!

mainThumb

07-11-2016 09:08 PM

فى إطار ما يظهر يومياً من تقارير تزيح الستار عن الغموض الذي يكتنف مرشحي الرئاسة الأمريكية الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية هيلارى كلينتون على مدار الأسابيع الماضية، ينقسم العالم العربي بين مترقب لتغيير محتمل قد ينعكس بدوره على الملفات الشائكة في المنطقة وأزماتها، وبين آخرين لا يجدون في تغيير الرئيس الأمريكي أي بوادر إيجابية  لتغيير حقيقي في السياسة الاميركية، كما  يعيش الشارع السياسي السوري حالة من التوجس والقلق والخوف في لحظة بالغة الخطورة علي البلاد  لتطرح سؤالا مهماً هو : أيهما أفضل للتعامل مع سورية؟، هل هي هيلارى كلينتون المعروفة بدعمها ومناصرتها لتيار الإسلام السياسي؟ أم أنه دونالد ترامب الذى رفع شعار محاربة الإرهاب دون تعريفه بشكل واضح ودقيق، واضعاً المسلمين على رأس قائمة صانعي الإرهاب والتطرف في المنطقة؟.
 
أعظم إنتصار حققته أمريكا هو نجاحها في توظيف دول عربية وإسلامية لمكافحة الإرهاب نيابة عنها، بينما تقف هي موقف المتفرج او الموجه من بعيد، ودون أن تخسر جندياً واحداً من جنودها، فالذي جرى في المنطقة وما يزال هو مصلحة أمريكية إسرائيلية بالدرجة الأولى وإعادة ترتيب جديد للمنطقة بمشاريع تدويل أزمات داخلية عربية عبر خلق الأزمات والفوضى والفتن والإقتتال بين أبناء الشعب الواحد.
 
فالمتتبع لتاريخ المنطقة يستطيع أن يرصد الأزمات المفتعلة، حيث جعلت الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا منطقة الشرق الأوسط منطقة تعيش الحروب والأزمات، ورغبة من أمريكا وأحلافها  لإسقاط سورية وتجريدها من دورها، كانت السياسة الغربية تكتظ بالكثير من المؤامرات على سورية، وكانت تعوّل على أدواتها من التنظيمات المتطرفة والجهادية لإدخال السوريين في الفوضى والحروب التي لا تنتهي لتنفيذ أجنداتها وأهدافها في المنطقة، حتى ينجح مشروع الشرق الأوسط الكبير، ما نراه الآن في سورية من حرب عدوانية وتدمير بنيتها الإقتصادية والخدمية، فإن الدول الغربية وحلفاؤها من العرب يسعون الى تفتيتها وفق السيناريو الصومالي عن طريق الإطالة للحرب الدائرة في أراضيها لإنهاكها وتدمير مقدراتها وزعزعة استقرارها.
 
 أمريكا منذ نشأتها وحتى الآن لم تغير سياستها تجاه العرب التى تعتمد على خلق نزاعات داخلية بين الدول العربية وبين أبناء الدولة الواحدة لتدمير نسيجها الداخلى المترابط والقضاء عليها بأيادي أبنائها كما فعلت مع الصومال، فهي تعمل على إسقاط الدول ذات الثقل الإقليمي والدولي لإحداث فراغ فى المنطقة، مثلما تفعل حالياً مع سورية.
 
بالتالي لا فارق بين رئيس جمهوري أو ديمقراطي لأمريكا، فالرئيس السابق بوش الإبن، والذي جاء من الحزب الجمهوري، أعلن الحرب على العراق دون موافقة مجلس الأمن، لذلك فإن السياسة التى تنتهجها الإدارة الأمريكية واضحة بعد ما سمي بالربيع العربي، والذي هو في الحقيقة مؤامرة هدفها تفتيت وتقسيم الدول العربية وعلى الأخص سورية، وسيستمر في تنفيذها الرئيس الأمريكى القادم، سواء كان ديمقراطياً أو جمهورياً، وعندما سئل الرئيس الإيراني حسن روحاني على سؤال من أحد الرؤساء أثناء زيارته للأمم المتحدة عمن يفضل بين المرشحين المتنافسين أجاب  بوضوح : "هل أختار بين السيئ والأسوأ؟، وفي الاتجاه الآخر سأل أحد الصحفيين البريطانيين وزير خارجية سورية: أيهما تفضّل الحكومة السورية الديمقراطية هيلاري كلينتون أو الجمهوري دونالد ترامب؟، أجاب المعلّم: "أن سورية ليست طرفاً في إختيار مرشح أميركي دون آخر في الإنتخابات الأميركية"، وإن دل على ذلك شيء فإنه يدل على أن فوز أى من المرشحين لن يؤثر كثيراً على سياسات الولايات المتحدة تجاه الأزمة السورية والقضايا العربية، فأمريكا دولة مؤسسات يتشارك فيها الكونجرس والبنتاغون ومراكز البحوث وغيرها، كما أنها دولة متطرفة لا تهتم إلا بمصلحتها حتى لو على حساب أمن واستقرار دول المنطقة.
 
ولا ننسى إن اللوبي الصهيوني ومنذ نشأته كان له دوراً كبيراً في التأثير على صنع القرار السياسي الأمريكي تجاه سورية، نظراً لما تشكله سوريه من عائق كبير يقف أمام المخططات الإسرائيلية التوسعية والاستيطانية، وكذلك حجر عثرة في وجه السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، وتشكيل شرق أوسط جديد تقوده أنظمه موالية لأمريكا، يخدم مصالحها ومصالح إسرائيل في تصفية القضية الفلسطينية، وربط جميع الدول العربية باتفاقات يعطي إسرائيل شرعيه وجودها في هذه المنطقة.
 
هنا يمكنني القول إنه في حالة فوز ترامب أم كلنتون فقد تشهد السياسة الامريكية المحكومة بثوابت وركائز، تحولات كبيرة لصالح حليفتهم إسرائيل وضد سياسات كل سورية ومحور المقاومة، وقد لا يستبعد حدوث تدخل أمريكي ميداني في سورية، في هذا الإطار نحن إزاء سياسة خارجية أمريكية واحدة لم تتغير بل هي مستمرة على النهج نفسه، ولذلك لسنا فى حاجة  للمقارنة بين هيلارى وترامب، أو الرهان على أي منهما كرئيس للولايات المتحدة، لأن الرئيس الأمريكي مكبّل الإختيارات وفقًا للدستور الأمريكي.
 
ولا شك في أن أمريكا مصرّة على تمزيق المنطقة وإستغلال الجماعات الإسلامية في ذلك حتى تضرب الإسلام والمسلمين وحتى لا يبقى في المنطقة متماسكاً سوى إسرائيل، فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين أن أمريكا تهدف من وراء عدوانها على سورية هو إضعاف مقدرة الجيش السوري ضمن محاولات فك التحالف الاستراتيجي الذي يربط سورية مع روسيا و إيران وحزب الله ضمن مخطط يضمن لأمريكا تأمين أمن اسرائيل.
 
وأختم مقالي بالقول إنه على البيت الأبيض  اليوم، أن يعيد قطار السياسة الأمريكية الى سكته الأصلية، فسياسة التسلح للمجموعات التكفيرية والعزف على الوتر الطائفي، لتحقيق أهداف سياسية هي سياسة عقيمة أثبتت التجربة فشلها في سورية ، وإنطلاقاً من كل ذلك، إن الذى يفيد اليوم هو الرهان على شيئين أساسيين هما، الرهان على  أنفسنا و بناء قوتنا وإستعادة قدراتنا من خلال عملية إعادة بناء سورية القوية والحديثة، والرهان الأخر يبقى معقوداً على الجيش السوري وحلفاؤه من أجل القضاء على الإرهاب والتطرف، ومن هذا المنطلق يجب أن نكون على وعي كامل بمخططات أمريكا وحلفاؤها الذين يريدون السيطرة على وطننا سورية والتحكم بمقدراته.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد