ردود الفعل الإيرانية وتلويح ترامب بإلغاء الاتفاق النووي

mainThumb

15-11-2016 09:50 AM

لوح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أثناء حملته الانتخابية بإلغاء الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران مع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا، وهو الاتفاق الذي اعتبرته القيادة الإيرانية تضحية بإنتاج القنبلة النووية والتي سعت إليها منذ قيام ثورتها الخمينية في أواخر سبعينيات القرن الماضي، ما يعد إن جاز القول ضربة لهذا البرنامج الذي وضع حدا لطموحات طهران بالانتقال في برنامجها ذاك إلى جزئه العسكري بعد أن كان حسب الادعاءات التي تصدر من طهران بتخصيصه للأغراض السلمية فحسب.
وعلى ذلك، فإن تلويح الرئيس الأمريكي المنتخب بإلغاء الاتفاق المذكور كان بالمنطق البديهي أن يشكل نهاية سعيدة للدولة الإيرانية لأنه يعيد توفير الفرصة لها لإنتاج القنبلة النووية التي طالما حلمت بها منذ سنوات طويلة.  لكن ردود الفعل التي صدرت عن مختلف مستويات القيادة الإيرانية أماطت اللثام عن حالة من الغضب أجمعت على الوقوف في وجه ما طرحه الرئيس ترام، والتحذير مما قد يترتب عليه من نتائج، فلماذا ذلك؟
الواقع يقول أن الدولة الإيرانية لم ولن تضحي ببرنامجها العسكري النوويالذي حاولت اتباع سياسة التمويه والغموض بشأنه سنوات طوال، وأن ما تمت مناقشته في المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني ركز فيه المفاوضون الإيرانيون على الحصول على ضمانات لاستمرارالنظام الإيراني القائم وعدم العمل على زعزعة الاستقرار في إيران،إضافةإلى علاقته المستقبليةمع أمريكا وأوروبا، وهو ما أتاح للإيرانيين أيضا حرية التحرك في المنطقة وتدخلاتهم في الدول العربية، والأمثلة عديدة على ذلك حاليا.  من هنا يمكن القول أن إعادة النظر في الاتفاق النووي الإيراني الغربي، يشكل هاجسا كبيرا لطهران من حيث كونه يعيد الأمور إلى بداياتها، مما يجعلها تنكفئ على نفسها مرة أخرى، وإعادة النظر في تدخلاتها السافرة في المنطقة العربية، وليس من المستبعد أن طهران رمت مما رمت إليه من الاتفاق، إلى رفع العقوبات الغربية عنها التي أثقلت كاهل الدولة الإيرانية، بما في ذلك إعادة ضخ بترولها في السوق العالمية، والإفراج عن أرصدتها في الغرب والتي تقدر بعشرات البلايين من الدولارات، ما سيمكنها من تطوير بنيتها التحتية التي تهالكت بفعل تلك العقوبات.
من هنا يمكن القول أن سخط القيادة الإيرانية وعدم رضاها عن تصريحات الرئيس ترامب يعزى إلى كونه يقف في وجه ما تعتبره من نتائج إيجابية تفتح الآفاق لطموحاتها فيما بعد الاتفاق النووي، وهو ما حدا بالمسئولين الإيرانيين إلى عدم التهديد من جانبهم بإلغاء الاتفاق وكأنه لم يكن.  ويأتي في هذا السياق أن الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت تفرض عقوبات مختلفة على إيران، وهو ما كان من المفترض أن يشكل سببا آخر للقيادة الإيرانية لتعبر عن سعادتها بتلويح الرئيس ترامب بإلغاء الاتفاق النووي، وهو ما لم يحصل ولن يحصل لأنه يتعارض مع السياسات المنتظر أن تنتهجها القيادة الإيرانية في المستقبل.
 
 
إذن نعود فنقول، لماذا تعبر طهران عن سخطها من طرح الرئيس الأمريكي الجديد بإلغاء الاتفاق بدلا من التعبير عن فرحها بذلك، لأنه يعيد لها وضع خارطة طريق إنتاج قنبلة نووية من جديد؟ التحليل الواقعي يقول أن البرنامج النووي الإيراني ربما لم يصل كما صرح المسئولون الإيرانيون أكثر من مرة وعلى مدار سنوات إلى مستوى امتلاكهم للتكنولوجيا النووية المدنية والعسكرية التي تمكنهم من إنتاج القنبلة النووية، وجل ما فعلوه المبالغة بتصريحاتهم للحصول على تنازلات من الغرب، لاسيما من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يعكس رغبتهم في إعادة العلاقات إلى سابق عهدها معهم،والوصول إلى تفاهمات مع الأمريكيين والغربيين بخصوص دورهم في المنطقة لاسيما في ظل الود الظاهر ما بين الروس الذين يسيطرون على كثير من الوضع في سوريا، والرئيس ترامب، ما يثير حفيظة الإيرانيين بشأن دورهم في المنطقة، ووجودهم في لبنان وسوريا، والعراق أيضا، خصوصا بعد تصريحات السفير الأمريكي في العراق التي أشار فيها إلى أن الرئيس ترامب سيكون داعما كبيرا للعراق.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد