مؤتمــر فــتــح الســابــع

mainThumb

17-11-2016 10:09 AM

يبدو أن كافة النصائح المرجوة ، والمطالبات الملحة ، لصاحب القرار الفتحاوي ، في إجراء المصالحة التنظيمية الداخلية المسبقة ، لم تترك أثرها على قرار رئيس الحركة ومعه أعضاء اللجنة المركزية الاكثر تحريضاً ورغبة ومصلحة في التخلص من تراث وشراكة رفيقهم السابق محمد دحلان وفريقه ، والذهاب لعقد المؤتمر السابع بدونهم وتحمل كلفة الانعقاد مهما بلغت من تبعات أو خسائر .
 
إنعقاد المؤتمر السابع لحركة فتح إستحقاق حزبي وسياسي ووطني ملح ، لتنظيم لعب دوراً قيادياً ، ولازال في تاريخ الشعب الفلسطيني عبر العمل الجاد لإستعادة هويته الوطنية التي تبددت بفعل النكبة وتقسيم وطن الفلسطينيين إلى ثلاث قطع سياسية مُلحقة ، منقطعة عن بعضها البعض : 1- مناطق 48 ، 2- الضفة الغربية ، 3- قطاع غزة ، وتشريد أكثر من نصف الشعب الفلسطيني خارج وطنهم ، وتحويلهم إلى لاجئين بلا هوية وبلا أمل وبلا كرامة ، حتى كانت منظمة التحرير ومرحلتها التأسيسية في عهد الشقيري ، لتقودها حركة فتح منذ ما بعد معركة الكرامة في أذار 1968 المحطة المفصلية الاكثر أهمية رداً على الهزيمة ، ولمواجهة تداعيات النكبة ، ووضعت المدماك الكفاحي الاول الملموس على طريق إستعادة الحقوق الوطنية المهدورة بعد خطوتي : 1- إستعادة الهوية الفلسطينية المشتتة ، و2- التمثيل الموحد مجسداً في منظمة التحرير التي نالت شرف تمثيل الشعب العربي الفلسطيني فلسطينياً وعربياً ودولياً ولا تزال .
 
في عهد حركة فتح وإدارتها وعبقرية قيادتها ، خاض الشعب الفلسطيني معاركه ضد الانقسامات الذاتية ذات الدوافع التحريضية من قبل هذا النظام العربي أو ذاك ، من أبو نضال ، إلى أبو الزعيم ، وأبو موسى ، وروابط القرى داخل الوطن كأداة من أدوات المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ، وترسيخ فعل النضال الوطني الفلسطيني بالانجاز الاول التاريخي للشعب الفلسطيني عبر قيام منظمة التحرير التي جسدت الهوية ، والكيان السياسي ،  والوطن المعنوي ، والحضور المادي ، والفعل الكفاحي ، ويعود ذلك إلى دور وفضل حركة فتح ليس فقط لأنها حظيت بالمكانة القيادية الاولى من بين صفوف الفلسطينيين ولكن يعود ذلك لعقلية قيادتها الجبهوية الوحدوية الخلاقة من خلال التعاون والعمل والشراكة والحفاظ على التوازن والتحالف والتعاضد مع الفصائل الفلسطينية ومبادراتها وتضحياتها من الشعبية والديمقراطية وفصائل العمل القومي والشيوعيين والشخصيات المستقلة التي كان لها الاثر الكبير بالحفاظ على النكهة الاستقلالية والروح الجماعية والانتشار الجماهيري والسياسي والمعنوي تعبيراً عن مشاركة الكل الفلسطيني من التجمعات والاتجاهات والشرائح والمكونات من داخل الوطن سواء من مناطق 48 ،  أومناطق 67 ، أو من خارج فلسطين في بلدان اللجوء والشتات .
 
صمود معركة بيروت البطولي عام 1982 بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات ورفاقه من الراحلين أعضاء اللجنة المركزية ، وقادة الفصائل أسهم معنوياً وسياسياً وإمتداداً تنظيمياً وعبر تمسك الداخل الفلسطيني بشرعية منظمة التحرير ودورها وقيادتها ساهم في إنفجار الثورة الانتفاضة المدنية عام 1987 على أرض الوطن في وجه الاحتلال القوي والمتفوق والذي هُزم أمام إرادة الفلسطينيين وتماسكهم وبسالتهم ووحدة برنامجهم وأدواتهم الكفاحية الخلاقة ، فأرغمت إسحق رابين كاسر العظام الشرس من التسليم بالعناوين الثلاثة والاعتراف بها والاقرار بوجودها : 1- الشعب الفلسطيني ، 2- منظمة التحرير ، 3- وبالحقوق السياسية المشروعة للشعب الفلسطيني ، وعلى أرضية هذا الاعتراف الإسرائيلي الاميركي عبر إتفاق أوسلو والتوقيع عليه في ساحة الورود في البيت الابيض يوم 13/9/1993 ، جرى الانسحاب التدريجي من المدن الفلسطينية ، من غزة وأريحا أولاً ، وعودة أكثر من 300 الف فلسطيني إلى مناطق الضفة الفلسطينية وقطاع غزة ، وولادة السلطة الوطنية على الارض وفي الميدان كمقدمة تمهيدية تدريجية لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ، وهكذا كان الانجاز الثاني للشعب الفلسطيني وعنوانه نقل العنوان الفلسطيني من المنفى إلى الوطن ، بإستثناء قضية اللاجئين وحقوقهم وإستعادة ممتلكاتهم من مناطق 48 .
 
الحل التدريجي المتعدد المراحل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، وخطواته التراكمية تمت إنعكاساً للخلل الفادح في موازين القوى لصالح المشروع الإستعماري التوسعي الإسرائيلي ، ومع ذلك إصطدم إتفاق أوسلو بثلاث معيقات : الاول إغتيال إسحق رابين الذي دفع حياته ثمناً للتوصل إلى الاتفاق مع الرئيس الراحل ياسر عرفات ، والثاني نجاح اليمين الإسرائيلي والليكود ونتنياهو الرافض لإتفاق أوسلو الذي عطل خطوات تنفيذ الحل المرحلي الانتقالي ، والثالث مفاوضات كامب ديفيد في تموز 2000 والتي لم تتجاوب عروضها ومضامينها مع التطلعات الفلسطينية في مسألتي القدس واللاجئين ، فكان الرد الفلسطيني بإنفجار الانتفاضة المسلحة والاستشهادية ضد الإحتلال مع نهاية عام 2000 ، والتي أدت إلى إغتيال أبرز ثلاث قيادات فلسطينية ياسر عرفات وأحمد ياسين وأبو علي مصطفى ، وإعادة إحتلال المدن الفلسطينية التي إنحسر عنها الإحتلال ، وبروز حركة حماس كفصيل فلسطيني منافس قوي لحركة فتح يشكل إمتداداً لحركة الإخوان المسلمين المعادية لمنظمة التحرير وسياساتها وقياداتها الوطنية والقومية واليسارية ، ومع ذلك أمام إصرار وبسالة وتضحيات الفلسطينيين تراجع شارون وأُرغم أمام  إندفاع الشعب الفلسطيني وإصراره على حقه في الحياة والكرامة والإستقلال ، فترك قطاع غزة ، وأزال المستوطنات ،  وفكفك قواعد جيش الإحتلال ، وهكذا نال أهالي غزة حقهم في التخلص من الإحتلال على أرضهم ، وهكذا سجل الشعب الفلسطيني عبر نضاله الانجاز الثالث في تاريخ نضاله السياسي التدريجي المتعدد المراحل على طريق إستعادة حقوقه غير القابلة للتبديد أو التلاشي أو التقادم أو التصرف .
ثلاث إنجازات كبرى حققها الشعب الفلسطيني بولادة منظمة التحرير أولاً ، والانتقال إلى الوطن وولادة السلطة على الارض ثانياً  ، والتخلص من الإحتلال في قطاع غزة ثالثاً ، ولكن هذه الانجازات الكبرى وليدة التضحيات والفعل الكفاحي بإدارة حركة فتح وقيادة الرئيس الراحل وتراثه تتأكل بفعل الاخفاق الفتحاوي ، والانقلاب الحمساوي ، والانقسام الفلسطيني ، وهكذا يواجه المؤتمر السابع لحركة فتح هذه المعطيات في ظل أوضاع عربية وعالمية في غاية السوء والانحدار وتتمثل بما يلي :
 
أولاً : تفوق المشروع الإستعماي التوسعي الإسرائيلي بشرياً وسياسياً وعسكرياً وإقتصادياً وإستخبارياً وتكنولوجياً ، ورفضه لأي مشروع تسوية ، وتعطيله لأي محاولات تستهدف ليس فقط الحفاظ على ما تم الاتفاق عليه بل التراجع عن ذلك بشكل عملي والعمل من طرف واحد على تهويد القدس ، وأسرلة الغور ، وضم ما تبقى من الضفة الفلسطينية ، وتقزيم مشروع حل الدولتين نحو مشروع  دولة فلسطينية في قطاع غزة فقط .
 
ثانياً : الحروب البينية العربية التي مزقت الواقع العربي وزادته تشتتاً وأضعفت دوره وبددت إمكانياته وعليه بات الفلسطينيون بلا مظلة واقية تقف إلى جانبهم وتحميهم من إندفاع الاحتلال والاستيطان والتوسع الإستعماري الإسرائيلي .
 
ثالثاً : إهتمام المجتمع الدولي بالتصدي للإرهاب ، ومعالجة قضية اللاجئين وتدفقهم من البلاد العربية وإفريقيا نحو أوروبا ، وفي ظل وضع إقتصادي أميركي وأوروبي مأزوم يجعل من الموضوع الفلسطيني في أدنى سلم الاهتمامات الدولية .
 
تحديات كبيرة في ظلها ينعقد مؤتمر فتح فهل يرتفع إلى مستوى تطلعات شعب يأن تحت وطأة ضعف الامل ، وتراجع القدرات ، والتمزق السياسي والجغرافي ، وغياب العقلية الجبهوية ، وفقدان الاحساس بالمسؤولية نحو ضرورات العمل الوحدوي وتعظيمه ، الامر الذي ترك أثاره السلبية والتدميرية على البرنامج الوطني ، وعلى المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني برمته ، وبات الفلسطينيون  في حالة حرج وسكون وإنحدار


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد