حكومة حوثية برعاية إيرانية

mainThumb

30-11-2016 03:33 PM

 
لا تعتبر ولادة الحكومة الحوثية أمرا عرضيا فحسب، ذلك أن تتبع مسار الأحداث في اليمن منذ الانقلاب، يرى أن ثمة يدا خفية تقف وراء الانقلابيين على الحكومية الشرعية في اليمن، وليس في هذا جدال بأن حكام إيران المقيمين في طهران وقم ومشهد هم من يمثل هذه اليد التي تسعى بالسبل كافة لاستمرار التمدد السرطاني في الجسد العربي.
 
وحقيقة الأمر أن الحوثيين دون دعم الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح والدعم الذي يتلقونه من الحكام الإيرانيين، لم يكن باستطاعتهم المماطلة والتسويف والتقلب في مواقفهم من حين لآخر، فتراهم لا يتبنون موقفا ويسيرون فيه، حتى يتجهون منحى آخر في تصرفاتهم التي لا تدل إلا على عدم نضج سياسي، والرغبة في بيع وطنهم ووضعه بتصرف الأيدي العابثة بالمنطقة العربية وشعبها العربي الوفي بكافة انتماءاته وميوله، وهؤلاء ليس لهم القدرة على الاستمرار في غيهم لولا الدعم الكامل الذين يتلقونه سياسيا وعسكريا من الإيرانيين، سواء بتهريب السلاح، أو إرسال المستشارين العسكريين لهم، أو تبني مواقفهم السياسية من المماطلة والتسويف في المفاوضات التي جرت برعاية من الأمم المتحدة أكثر من مرة لاسيما في دولة الكويت، ويشار في هذا الصدد إلى تقارير محققين دوليين (منظمة أبحاث تسلح النزاعات) تفيد بتهريب إيران السلاح إلى الحوثيين عبر طريق بحري سري يمر بالصومال، وهو ما نشرته صحيفة إيلاف الإلكترونية بتاريخ 30 نوفمبر 2016.
 
كما أن إعلان الحوثيين لحكومة يمنية من صنع أيديهم ومن يقف وراءهم، يبرز بعضا من الحقائق التي لا بد من الإشارة إليها في هذا المقام، وأولها الاستعلاء على جميع المحاولات التي بذلت وتبذلها الأمم المتحدة ممثلة بمبعوثها الشخصي إلى اليمن أملا في التوصل إلى حل للمشكلة اليمينة، وإعادة الشرعية الحاكمة إلى صنعاء، العاصمة اليمنية التي ما زالت تخضع لسيطرة الانقلابيين.
 
ويدخل في هذا السياق كذلك، محاولة طمس الهوية العربية لليمن من خلال التستر وراء الطغمة الحاكمة في طهران التي تحاول زرع أدوات لها في كل المنطقة العربية، كما فعلت في أكثر من دولة عربية، وذلك في محاولةبائسة ويائسة لبناء امبراطورية صفوية جديدة، ليس على بلاد فارس فحسب، بل يكون لها امتدادات أخرى في المنطقة، وهو ما يصرح به مسئولون إيرانيون على مختلف مستوياتهم مرارا وتكرارا، وآخر ذلك، التصريح برغبتهم في إقامة قواعد عسكرية بحرية لهم في اليمن وسوريا.
 
ما نجح به المخططون الإيرانيون توصلهم للاتفاق النووي مع الولايات المتحدة الأمريكية، وترتيب علاقاتهم مع روسيا الاتحادية، وهو ما جعلهم يمضون في مشاريعهم ومؤامراتهم على المنطقة العربية وإيجاد الأدوات اللازمة لذلك، وآخر جهودهم التي باركوها دمج ما أطلق عليه الحشد الشعبي العراقي الذي يتألف في غالبيته من الشيعة الذين يدينون بالولاء لطهران في الجيش العراقي، ما يؤكد على نهج التشيع الذي ينتهجونه وفقا للفكر الإيراني، والتخلص من كل ما هو سني في المحيط العربي بل إن الأمر وصل بأتباعهم لإطلاق صاروخ من صنعهم باتجاه بيت الله الحرام في مكة المكرمة، والتاريخ الرافضي يشير إلى مقت كل ما هو عربي، وهؤلاء بالمناسبة ربما لم ينسوا وقعة القادسية التي دحرت الامبراطورية الفارسية، وجعلت من إيران في وقت من الأوقات دولة إسلامية بالمعنى الصحيح للدولة، فساروا على نهج تدريجي يهدفون من خلاله حيث يمكنهم ذلك من خلال القوى التي تؤمن بفكرهم المريض إلى تشييع المنطقة العربية بل فرسنتها وإخضاعها لسلطتهم، والدور هنا جاء على اليمن الذي وجد الإيرانيون فيه الحوثيين ضالة لهم لمواصلة تنفيذ مآربهم التي يسعون إليها.
 
إنما يستنتج من تشكيل الحوثيين لحكومة يمنية يؤكد على المسعى والنهج الانقلابي الذي يسيرون عليه لتمزيق الوطن اليمني ونشر الفوضى والخراب والدمار فيه، واستهتار بكل الجهود الدولية والعربية لإحلال السلام في اليمن وإعادة الحكومة الشرعية إلى القيام بمسئولياتها وواجباتها نحو الدولة والشعب في اليمن، ما يتطلب إدانة تشكيل هذه الحكومة غير الشرعية وعدم التعامل معها والأطراف الداعمة لها، والعمل على تفكيكها ودحرها بكل ممكن متاح.
 
 
كاتب ومحلل سياسي
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد